الساحل الغربي ملتقى ألأطماع الاستعمارية «1»!
الساحل الغربي ملتقى ألأطماع الاستعمارية «1»!
الساحل الغربي لليمن ظل لفترات بعيدة من الزمن الخاصرة الرخوة لليمن ,وظل المنفذ السهل الذي تمر من خلاله جحافل الغز والى اليمن “ .إذ لم يعدم البرتغاليين الوسيلة للنفاذ والوصول إلى سواحل الحديدة والصليف وكمران.. كما فعل البرتغاليون ذلك حسم البريطانيون وقبلهم الأتراك العثمانيون, كما غامرت سفن المماليك للوصول إلى الساحل الغربي لليمن في مطاردتهم للأتراك ولفرض سيطرتهم عليه, ولقد كانت مساحة الساحل الغربي لليمن محط أطماع دولية من فترات سابقة ومن أزمان قديمة دفع فيها اليمنيون الثمن باهظاً من شهداء ومن فرض سيطرة أجنبية على أرضهم ومن احتلال وهيمنة..
وما نعيشه اليوم من هجمات مسعورة, من حملات عدائية في الساحل الغربي ومن استعانة بالأعراب الأجلاف من نظامي الرياض وابوظبي ومن تحالف معهما وآزرهما وساندهما ماهي إلا صورة بشعة من تلك الصور الاستعمارية التي تغيرت اليوم ملامحها وأساليبها وإدعاءاتها وذرائعها.. وجدير بنا أن نقرأ الحاضر من منظور التاريخ القديم تاريخ الاستعمار القديم ..
ولقد أخبرنا الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي سلام الله عليه.. عن أولئك الطامعين والغزاة في أرض اليمن,وأرض المسلمين عامة, وعلى رأس هؤلاء أمريكا وإسرائيل وأدواتهم من الأنظمة العميلة المرتهنين للإرادة الأمريكية والصهيونية الاستعمارية مثل نظامي آل سعود وآل نهيان.. ولقد أتضح ذلك من خلال ما نشهده اليوم من احتلال سعودي وإماراتي للمحافظات الجنوبية وبعض المناطق الأخرى وما يشنونه من عدوان غاشم وسعي إلى فرض السيطرة الاستعمارية بالوكالة على أرضنا المباركة وقد حاولوا أن يتدثروا بذرائع وحجج واهية بادعاءاتهم الفارغة أنهم جاءوا ليعيدوا ما تسمى الشرعية ,ولكنهم تجاوزوا الشرعية وأذلوا رموز تلك الشرعية المزعومة التي ظلت إلى اليوم أسيرة وتحت الإقامة الجبرية في فنادق الرياض وابوظبي ومنفية في تركيا..
وما جلبوه إلى اليمن من التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش التي تسرح وتمرح في مناطق سيطرتهم المناطق المحتلة وما نشهده اليوم محاولات محمومة لتقسيم اليمن واجتزاء مناطق تحت السيطرة السعودية والإمارات.. وكم سيكون مثمراً ومفيداً لو أطلعنا الأجيال الجديدة.. والأجيال القادمة على تاريخ تلك التدخلات, وتاريخ الغزوات التي كسرها شعبنا ولسوف يكسر هذه الهجمات الجديدة والغزوات بإذن لله..
ولوعدنا قليلاً إلى عهود تاريخية مضت وأعدنا قراءة شذرات من تلك الأحداث لقالت لنا الكثير, ولكشفت لنا أن الأطماع قديمة, وأن حسابات الأمس مازالت تجدد ثوبها اليوم وتطل على هذه الأرض المباركة بذات الشحنات وتلك الملامح والأطماع البغيضة..
ولقد كنا وسنظل الشعب القوي الصلب الذي لا يقبل الضيم, وينبذ الهيمنة والوصاية, ويقاوم الغزو والاحتلال وكل محاولات فرض السيطرة على أرضنا وعلى قرارنا وعلى إرادتنا..
وتخبرنا أحداث التاريخ أن الرومان كانت لهم أطماع في البحر الأحمر وفي الساحل الغربي لليمن فقد عمل الرومان على مد نفوذهم البحري الى ميناء أدو ليس وهو ميناء زولاُ بالقرب من مصوع.. وهو الميناء الرئيسي لدولة أكسوم على الضفة الأخرى المقابلة للساحل الغربي اليمني ..
ولكن أكسوم داهنت الرومان ,ولم تجرؤ على تحدي النفوذ الروماني ,وعمدت إلى بناء شراكة اقتصادية ومصالح مع الرومان حتى لا ينفرط عقدها وتنهار دولتها..
ولذا فقد امتد نفوذ الرومان إلى ميناء راتيا في جنوب الصومال..
ورغم إن هذه المنطقة البحرية كانت تحت النفوذ المباشر للدولة السبئية- الحميرية, وها جر إليها عدد كبير من اليمنيين الذين اختلطوا بأهل المنطقة..
وعمروا الأرض وأسهموا في إنعاش الأوضاع الاقتصادية والتجارية فيها, إلا أن الرومان لم يسمحوا لهذه الدولة بإقامة أي سيادة مباشرة لها على الساحل الأفريقي المواجه لباب المندب, وفي سعي مخطط من الرومان الفرض كامل السيطرة وحتى لا يترك فرصة لعرقلة نفوذهم البحري في البحر الأحمر..
ولم تقتصر ألأطماع في الساحل الغربي لليمن, وفي البحر الأحمر تحديداً جنوبه وباب المندب على الرومان, بل امتدت سلسلة الأطماع إلى القرن السادس عشر إلى أوروبا التي بدأت تشهد حينها حركة الاكتشافات الجغرافية آنذاك عندما تمكن البرتغاليون من الوصول إلى المحيط الهندي بهدف الاستحواذ على تجارة الشرق ,والعمل على تحويل هذه التجارة عن البحر الأحمر.. أما هدفها الآخر فقد تمثل في الوصول إلى مملكة القديس يوحنا* أي الحبشة ..
وكان الهدف الرئيسي هو ضرب اقتصاد وتجارة اليمنيين الذين كانوا يسيطرون على حركة التجارة عبر المجرى الملاحي البحر الأحمر , ويقيمون شراكة وتعاون مع مملكة الأنباط على الطرف الآخر الشمالي للبحر الأحمر..
ولذا جاء تحرك البوكيرك للسيطرة على عدن مفتاح البحر الأحمر الجنوبي, وقد وصل إليها بحملة كبيرة مكونة من عشرين سفينة في مارس العام 1513م وفي عمل عدائي قام بنهب كل ما كانت تحمله السفن التي كانت ترسو في ميناء عدن, وبادر إلى إحراقها وإغراقها.. وكانت المدينة والحامية المدافعة عنها قد اتخذت قراراً بأن تواجهه على الأرض نظراً لتفوق البرتغاليين في تقنية سفنهم وامتلاكهم المدافع الحديثة في ذلك الوقت..
ولقد استعصت مدينة عدن على الرضوخ للبوكيرك فأتجه إلى جزيرة كمران بعد أن هاجم الموانئ اليمنية وإحراق وإغراق ما فيها من سفن..
وفي كمران اقام شهرين, وأرسل منها بسفينتين حربيتين إلى زيلع فقامتا بضرب وإحراق السفن فيها..
ثم ما لبث أن عاد إلى عدن وعمل على توجيه حمم مدافعة إلى المدينة وإلى الميناء مدة خمسة عشر يوماً متكاملة, ولكن المدينة لم ترضخ له واستعصت عليه.. فشعر بالخيبة, فهرول بأسطوله متجهاً إلى الهند..
وبعد وفاة البوكيرك أرسل البرتغاليون حملتين إلى البحر الأحمر.. وكانت الأولى في عام 1517م أتجه إلى ميناء جده ووجهوا ضربات مدافعهم إليه ,ولكن المماليك الذين كانوا يرابطون فيه تمكنوا من امتصاص تلك الضربات بفضل التحصينات الدفاعية التي أقاموها هناك..
وتمكن المماليك من مهاجمة السفن البرتغالية التي كانت قد اتجهت إلى اللحية للحصول على الماء والطعام وفرضت سيطرتها على إحدى السفن البرتغالية..
أما الحملة البرتغالية الثانية فقد اتجهت في عام 1541م إلى أقصى شمال البحر الأحمر إلى ميناء الطور عند الطرف الجنوبي لشبه جزيرة سيناء..
أما الأطماع البريطانية بالساحل الغربي لليمن وبالموانئ اليمنية فنعود إلى بداية القرن السابع عشر عندما بدأ اهتمامها كجزء من المنافسة التجارية الأوروبية وخاصة مع البرتغاليين والهولنديين ففي عام 1609م بدأت شركة الهند الشرقية في إرسال أول وكالة تجارية بريطانية في المخا وتمكن البريطانيون من احتكار القسم الأكبر من تجارة اليمن الخارجية وتحديداً تجارة البن وتولوا تسويقه عالمياً.. وتلا ذلك ظهور التجار الفرنسيين على سواحل اليمن في بدايات القرن الثامن عشر, والذين بدأوا في منافسة التجار البريطانيين والهولنديين وبلغت ذروة التجارة الأوروبية في اليمن بين عامي 1020م- 1750م ثم انحصرت أخيراً بين البريطانيين والفرنسيين وبالطبع إن محاولات فرض السيطرة العسكرية لم تكن بعيدة عن السير بالتوازي مع السيطرة التجارية التي رافقت التواجد البريطاني الفرنسي في هذه المنطقة.
> يتبع الحلقة الثانية