لماذا نحتاجُ لإعلان الهُوية الإيْمَـانية اليمنية في هذه المرحلة؟
عبدالفتاح حيدرة
حديثُ السيّد القائد عن الأخلاقِ والقيمِ كتعبير سلوكي في جميع مناحي الحياة عن الهُوية الإيْمَـانية اليمنية، ينطلقُ من زاوية التمايز على منظومات الدول والشعوب والجيوش والمجتمعات والأفراد الذين بلا أخلاق وبلا قيم، إنه التناقضُ الذي جاء به الدينُ الإسلامي والرسالة السماوية لسيدنا محمد بن عبدالله -صلّى اللهُ عليه وعلى آله وسلّم- الذي يقولُ في حديث شريف: (إنما بُعثت لأتمّم مكارمَ الأخلاق) وفي حديثٍ آخرَ: (إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلّا موضع لبنة من زاوية، فجعلَ الناسَ يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة، قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين).
يتضحُ من قراءة الحديثين حضورُ الآخر والاعتراف بالتكاملية البشرية، فلم يقل: جئت بالأخلاق أَو بمكارمها، ولكنه قال: جئت (لأتمّم) مكارمَ الأخلاق، وهذا اعترافٌ بالسابقين، وتأكيدٌ على دورِ الآخر في بناء منظومة الأخلاق، وفي الحديث الثاني اعتبر نفسَه مُجَـرّدَ جزء في سياق منظومة كبيرة، ولم يؤكّـد على دوره دون أدوار الآخرين.
من هنا نجدُ أن الاقتداءَ به -صلّى اللهُ عليه وعلى آله وسلّم-، ليس في جلباب نقصّره أَو لحية نطلقها أَو ما شابه ذلك من مظاهر تختلف باختلاف الزمان والمكان، ولكن في سلوكياته وأخلاقه، فنحنُ الآن أحوجُ ما نكون لثقافة الاعتراف بالآخر، والتأكيد على أن البشرَ متكاملون، وأنه لا أحد قادر ولو كان نبياً أن يُقدّم شيئاً بمفرده، فالآخرُ الذي أكّـد على دوره كنبي، أولى بمن هم دون النبي عقلاً ومنزلةً أن يؤكّـدوا على وجوده، فهم أحوجُ للتكامل من النبي.
البعضُ يعاني ليلَ نهار من نقصٍ أخلاقيٍّ وقيميٍّ ولا يقدر أن يواجه الطواغيت بكلمة، فماذا يفعل؟!، يجلسُ كعجوز قاسية القلب يكفر هذا ويستبعد ذاك من رحمة الله، ويسفه هذا ويهمش ذاك، ويلعن هذا، ويكذب على ذاك وبدلاً عن المواجهة الصريحة مع الطاغوت الذي قلب حياته جحيماً، يقومُ بتفريغ غضبه في خلق الله باسم الدين ويوزعهم على أقسام الجحيم، هؤلاء الجبناءُ الذين يتغطّون بالغطاء الديني، هم أخطرُ أدوات لتفتيت الأخلاق والقيم الدينية والإيْمَـانية الصحيحة.
الخلاصةُ هي إن لم نتسلّحَ بالولاء الإيْمَـاني لهُـوِيَّتنا اليمنية الإيْمَـانية فكلُّ معاركنا خاسرةٌ، إنه عصرُ الهُويات المؤمنة التي لن تقبلَ بأيِّ خروجٍ عن قوانينها، ومهما حاولنا فلا نَصْرَ بعد اليوم إلّا بالانصياع للهُوية اليمنية الإيْمَـانية ولا نقبل أحداً إلّا بأخلاق وقيم وأعراف وتقاليد الهُوية اليمنية الإيْمَـانية.