وكأن الأقدارَ لم تشأ أن يلتحق الأسودُ بركب النعاج
الشيخ عبدالمنان السُّنبلي
أكثرُ من خمسَ عشرةَ سنةً ونحنُ نقفُ على أعتابِ بوابة مجلس تعاونهم الخليجي كاليتامى ننتظرُ ونستجديهم تذكرةَ دخولٍ كاملٍ إليه، فماذا فعلوا؟!..
استكثروا علينا ذلك وظلّوا يماطلون ولم يأبهوا لنا..
رحلاتٌ مكوكيةٌ لا تكاد تتوقّف على مدار العام من صنعاء إلى الرياض حيناً ومن صنعاء إلى الدوحة حيناً آخرَ أَو إلى أبو ظبي أَو إلى المنامة أَو أو…، لعلهم يتكرّمون علينا ويعطفون قليلاً، لكنهم لم يفعلوا، وأخيراً وبعد كُـلِّ هذا الإلحاح منا وكثرة الإصرار، منحونا بطاقةَ عبورٍ وحيدة ولكن من أين؟ من بوابة كرة القدم وبطولة كأس الخليج، فقلنا: خيراً، بدايةُ الغيث قطرةٌ.
لكنه لم يكن غيثاً ولا صيباً نافعاً، فأنّى من جهة مثل هؤلاء الأعراب يأتي الغيثُ؟!..
هم لم يفعلوها في الحقيقة فضلاً ولكن مكراً واعتقاداً منهم أن كرةَ القدم هي المجالُ الوحيد الذي يستطيعون فيه أن يهزموا اليمنَ ويمرغوا أنفَها في التراب، ويجعلوها محلًّا للسخرية والتهكّم والانتقاص، فنحنُ كما تعلمون أمةٌ لا تُجيد النزالَ إلّا في ساحاتِ الوغى لا في ميادينِ كرة القدم.
ولما استيأس شعبُنا منهم وعلم أن لا قبول له في أوساط هؤلاء العابرين على التاريخ عبور اللئام، قرّر الانفلاتَ من عقالِهم والنأي بنفسه جانباً، فكأن الأقدارَ لم تشأ على ما يبدو أن يلتحقَ الأسودُ بركب النعاج!..
عندها فقط جُنَّ جنونُهم وقامت قيامتُهم وقالوا استفَرَس اليمنُ (أصبحوا فُرساً)، والتحق بركب إيران معتنقاً المجوسية وقرّروا التدخّلَ العسكري لإعادته إلى حضنه العربي ومحيطه الإقليمي أَو كما كانوا وظلوا يدّعون..
ولنفرضَ أن اليمنَ قد ارتمى في أحضان إيران، واعتنق المجوسية وانتهج سبيلَ الرافضة كما تقولون، فأين المشكلةُ إذَا كنتم أنتم من دفعَ به في هذا الاتّجاه حين استكبرتم عليه وأغلقتم دونَه أبوابَكم مستكثرين عليه حتى مجرّد عضوية ولو صوريةً في مجلسكم الخليجي؟!..
أين المشكلةُ أن يرتميَ حتى في أحضانِ (أم الصبيان) إذَا كنتم قد جمعتم عليه الدنيا كلَّها لحصاره وتمزيقه وتدميره؟!..
ألم ترتموا أنتم في أحضان أمريكا وإسرائيل ولا زلتم منذُ أمدٍ بعيد ومنذُ أن تآمرتم ووقفتم حجرَ عثرة في طريق تحقيق المشروع العربي في ستينيات القرن الماضي لا لشيء إلّا نزولاً وتنفيذاً لرغبات أمريكا وإسرائيل؟!..
ألستم أنتم من سعى لإجهاض ذلك المشروع العربي لصالح مشاريعَ إقليمية ودولية كبيرة ومعادية للأمة حتى تتباكون اليومَ على الأمن القومي العربي ووحدة الصف؟!..
يا هؤلاء ذاكرةُ الشعوب ليست مثقوبةً كما تتصورون، على أية حالٍ، اطمئنوا..
اليمنُ كانت وستظلُّ أكبرَ من أن ترتميَ في أحضان إيران أَو غير إيران، فالشعبُ اليمنيُّ شعبٌ عريقٌ يعتزُّ بنفسه ويعتد بهُويته وحضارته وقوميته العربية، ولا داعي بأن تضيعوا أوقاتكم في محاولة إلصاق مثل هذه الترهات والأكاذيب فيه، فلن يصدقكم أحدٌ..
أما مجلسُ تعاونكم هذا، فلم تعد لنا حاجة به ولم يعد يشرفنا الانضواءُ تحت لوائه، فنحنُ على فقرِنا وقلة ذات اليد أكبرُ وأعزُّ من أن نلتحقَ بركب النعاج.