هل انتهى العصر الذهبي لتحالف ابن زايد وابن سلمان؟ لماذا أرسل كل منهما شقيقه للآخر؟
هل انتهى العصر الذهبي لتحالف ابن زايد وابن سلمان؟ لماذا أرسل كل منهما شقيقه للآخر؟
متابعات:
يلف الغموض مشهد التحالف العربي في اليمن بعد أيام قليلة على سحب السودان لـ 10 الاف مقاتل من البلد المنكوب، بالتزامن مع اعلان الامارات سحب قواتها أيضا من مدينة عدن وتسليمها للقوات السعودية، الأمر الذي أشار اليه محللون على اعتبار انه انفراط لعقد التحالف الذي تقوده السعودية، بينما اعتبره اخرون دعما للجهود السياسية التي تحاول حل الازمة الممتدة هناك منذ اكثر من أربعة سنوات بالمسار السياسي السلمي.
ويبدو مشهد التحالف في اليمن شديد الغموض اذا ما غرق المرء بتفاصيله، الا ان حسم موقف الامارات من السعودية بات اكثر وضوحا، خصوصا بعد سلسلة مواقف ظهر فيها ان وليا عهد أبو ظبي والرياض لم يعودا على التوافق الذي كان سابقا.
وبدا ان الامارات تحاول الفصل بين موقفها من الرياض وبين شراكة محمد بن زايد مع محمد بن سلمان وليا عهد أبو ظبي والرياض على التوالي، اذ استقبل بن زايد قبل نحو أسبوعين شقيق ولي العهد الأمير خالد بن سلمان لبحث الملف العسكري الاستراتيجي في أبو ظبي، في زيارة اثارت التساؤلات عن العلاقة بين المحمدين والتي بدت لفترة وكأنها الأقوى في الوطن العربي.
لاحقا، وفي مؤتمر دافوس الصحراء الذي اقامته الرياض ويشرف عليه ابن سلمان ذاته، تنبه المراقبون أن ابن زايد ولي العهد لم يحضر وناب عنه شقيقه الأمير عبد الله بن زايد وزير الخارجية، ما عزز الشكوك بأن التحالف الاستراتيجي بين وليي العهد ليس في افضل احواله، ان لم يكن انفرط تماما.
لاحقا يمكن اعتبار الإعلان الاماراتي عن انسحاب القوات من عدن لا يزيد عن حلقة في سلسلة متغيرات في العلاقة بين وليي العهد واميري الحرب على اليمن، ما يجعل سحب جزء من القوات السودانية على الاغلب يندرج في ذات الاطار مع تذكر ان السودان الجديد بحلته العسكرية المتمدنة اقرب من أبو ظبي منه للرياض بكل الأحوال، وعلى الطريقة المصرية.
بهذا المعنى تبدو متابعة التطورات في المشهد اليمني لا تزيد عن انعكاس لعلاقات من الواضح انها بدأت تتفكك بين ابن زايد وابن سلمان، الامر الذي قد تعززه بطبيعة الحال المواقف المختلفة من ايران، اذ سارعت أبو ظبي ومنذ الهجوم على ميناء الفجيرة قبل اشهر بارسال وفود الى طهران وتحسين العلاقات معها، في الوقت الذي لا تزال فيه الرياض تتذبذب في مواقفها رغم ما تحدث عنه مسؤولون إيرانيون مرارا عن رسائل محمد بن سلمان للرئيس الإيراني حسن روحاني عبر الوسيط الباكستاني رئيس الوزراء عمران خان.
رغم ذلك، وبرأي كثيرين فإن الازمة اليوم اعمق بكثير من مجرد تفكك لتحالف وليي عهد هما الأقوى في المنطقة، وانما هو دليل على تفكك المزيد من الكتل الصلبة في العالم العربي، اذ ان تفكك التحالف المذكور يعني بالضرورة تفكك التحالف ضد قطر، وهنا يؤكد مراقبون ان قطر باتت تبدي عدائية اقل تجاه الامارات تحديدا منذ فترة قريبة، وعبر وسائل اعلامها.
طبعا بالمقابل، فإن ذلك يعني المزيد من الأزمات امام مجلس التعاون الخليجي الذي لم يعد كما يعرفه العرب منذ الازمة الخليجية الأخيرة التي هندسها بن زايد وبن سلمان أيضا، ومن قبل كل ذلك نادي الملكيات الذي عملت عليه الرياض ابان ثورات الربيع العربي عام 2011.
في النادي الأخير، لا يمكن تجاهل ان بعض الملكيات باتت اليوم اكثر احتمالية للاقتراب من نار النسخة الثانية من الثورات بما في ذلك الأردن والمغرب، الامر الذي يعني ان الملكيات في العالم العربي كلها في حينه قد لا تكون محظورة على الثورات بما في ذلك دول الخليج.
بهذا المعنى، يمر تحالف بن سلمان- بن زايد بأزمة عضوية وقد لا تكون قابلة للإصلاح في المستوى المنظور، الا ان الدولتين من خلفهما لا تزالان تحاولان البقاء ضمن حلف واحد قد لا يصمد طويلا تحديدا امام الاستقطاب مع ايران، والاهم، ان انفراط عقد التحالف المذكور قد يعني بالضرورة انهيار منظومة عربية حقيقية كما يعرفها العالم العربي، ولكن مراقبين يؤكدون ان ذلك ليس بالضرورة شيئا سلبياً.
بكل الأحوال، الامارات لا تغير تعاملها مع الرياض وحدها، ولكن الدولة الصغيرة يبدو انها تعيد النظر بالكثير من معطيات وجودها في العالم العربي ومناطق نفوذها، اذ وبعد إعلانها انسحاب قوات لها من اليمن مرارا، قال شهود عيان ان الامارات تنسحب بوضوح من المشهد الليبي وتترك المقاتلين التابعين للجنرال خليفة حفتر في الجيش الوطني الليبي بلا أجور منذ مدة، بالإضافة لكونها تقلص تواصلها مع أنظمة أخرى كالنظام المصري، في محاولة لاعادة ترتيب اوراقها على ما يبدو.