أين هي أمريكا أين هي إسرائيل؟
عبدُالعزيز أبوطالب
خلالَ الحرب العدوانية الحالية كثيراً ما يطالعنا البعضُ بحُسنِ نية أَو بغير ذلك بقولهم:
أين هي أمريكا أين هي إسرائيل؟
تقولوا لنا إن أمريكا وإسرائيل بتحاربنا وما لقينا أمريكي ولا إسرائيلي بس مسلم يقتل مسلم؟
كما يقولون بكل مكر أنتم لم تقتلوا أمريكياً واحداً ولا إسرائيلياً واحداً فقط تقتلون مسلمين؟
البعضُ لا زال يفكر بسذاجة وسطحية وفي المقابل يستنتجُ فرحاً مثل هذه الاستنتاجات التي يحسبها خرقاً فكرياً وعبقرية تحليلية.
لهؤلاء وأمثالهم نقول: وهل تعتقدون أن الأمريكي والإسرائيلي لا زال يفكِّرُ بعقلية القرون الوسطى أَو بعقلية قادة الحروب الصليبية الذين كانوا يأتون إلى العالم الإسلامي للغزو والاحتلال والسيطرة على القدس فيأتون برجالهم وجيوشهم وأسلحتهم وسفنهم ثم يقتحمون المدنَ العربية والإسلامية ويشتبكون مع المجتمع العربي المسلم وفي النهاية يخرجون منهزمين ليعودوا في حملة صليبية أُخرى.
كلا، لم يعد كذلك تفكيرهم لا تلك استراتيجيتهم، لقد عفى عليها الزمن وحتى منهجية التفكير التي لا زال يفكر بها عباقرة المحايدين اليوم قد تعدتها عقول الغرب والصهاينة.
سنشير هنا إلى مقولة لوزير الحرب الإسرائيلي، موشيه يعلون يقول فيها:
“ليس من المتعة أن تقتُلَ عدوك بيدك، فعندما يقتل عدوك نفسَه بيده، أَو بيد أخيه، فإن المتعة أكبر، وهذه سياستنا الجديدة، أن نُشكّل مليشيات للعدو، فيكون القاتل والمقتول من الأعداء”..
هل اتضحت لكم ماهي استراتيجية العدوّ اليوم؟
هو لن يكلف نفسه عناء الحرب ولن يتحمل كلفتها المادية والبشرية ولكنه سيجني أضعاف نتائجها، كُـلّ ما عليه هو أن يقنع فريقاٌ من العملاء والأغبياء أن عدوكم هو إخوتكم وأن عليكم أن تتقاتلوا معهم وتحت عناوينَ مختلفةٍ إما طائفية أَو سياسية أَو مناطقية وأو عِرقية… إلخ وما عليه سوى المشاهدة وتغذية النار بالوقود حتى لا تنطفئ هذه المعارك ولا تخبو نيرانها.
وخيرُ مثال ما يجري في اليمن، فالعدوّ الإسرائيلي يصرح في كُـلّ مرة أنه قلق بشأن سيطرة اليمنيين على باب المندب وأن اليمن يشكل تهديداً لإسرائيل إلى من التصريحات لرئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو.
وعندما شن العدوان على اليمن من قبل أدوات أمريكا وإسرائيل في المنطقة وهم السعودية والإمارات وباقي دول التحالف فإنما هم ينفذون أوامرَ الأمريكان والصهاينة للسيطرة على البحر الأحمر والسواحل والجزر اليمنية وتنفيذاً لمشروع تقسيم وتفكيك المنطقة.
في المقابل يتركز خطابُ الجيش واللجان الشعبيّة على أن المرتزِقة اليمنيين وحتى السعودية والإمارات ليسوا أعداءً بل هم أدواتٌ غبيةٌ للأمريكان والصهاينة، ويوجِّهون أصابعَ الاتّهام والغضب نحو العدوّ الحقيقي: الأمريكي والصهيوني.
فعندما يصرخون كُـلَّ يوم بالموت لأمريكا والموت لإسرائيل فإنما هم يرسلون رسائلَ:
للعدو: إننا نعرفُك جيَدًا ولا نستهدف سواك.
ولأدواتهم: إنكم لستم أعداءَنا بل من يقفُ وراءكم، وإن عليكم أن تتنحوا جانباً وتحفظوا أرواحَكم في معركة ليست معركتكم.
وللجمهور والمجتمع: يجب عليكم أن تتعرفوا على عدوكم لتحذروا منه وتستعدوا لمواجهته.
وهنا تأتي أهميّةُ الوعي الذي يجعلنا نميّزُ بين الصديق والعدوّ ولا نكونُ أدواتٍ غبيةً يقتُلُ بعضُنا بعضاً من أجل العدوّ الحقيقي لنا جميعاً.
فهل من مدّكر؟