ثورتُنا حسينية وثباتُنا سبتمبري
هناء الوزير
تَحُلُّ علينا ذكرى ثورة الإمام الحسين وذكرى ثورة الإمام زيد –سـلامُ اللهِ عَلَيْـهِمَا- ضدَّ الطغيان وهيمنة الفاسدين الظالمين، متزامنةً مع ذكرى ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، ثورات تقاطعت في أهدافها متناغمة في غاياتها، ففي الوقت الذي خرج فيه الحسينُ منكراً لطغيان يزيد وفساده وتضييعه لدين الله بعد أن استحلَّ الحرمات، وانتصر بدمه الزاكي على سيف الطاغية وأذنابه، كان خروجُ زيد في وجه الفاجر هشام، وهكذا أَيْـضاً خرج المستضعفون من أبناء شعبنا اليمني بثورتهم ضدَّ رموز العمالة والفساد لقوى الطغيان، فأطاحت ببائعي الأوطان وفضحت وعرّت العملاءَ والمنافقين على مستوى الداخل والخارج، وكلُّ الثورات تحت راية وغاية “إِنَّما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي” وَ”هيهاتَ منا الذلةُ”.
هكذا وعلى ذات النهج تستمر ثورةُ الرجال الصادقين المخلصين نياتهم وقلوبهم لله، في صمودهم ومواجهتهم ووقوفهم في وجه طغيان العدوان، مجترحين الانتصارات من معركة الحق والباطل، فلم يكن خروجهم انتحاراً، ولم تكن ثورتهم بطراً ولا رياءً، فليسوا مودعين الحياة بتوجّـههم نحو الجبهات، بل همُ المقبلون على صياغة العدالة والحرية بدمائهم الطاهرة الزكية، تماماً كما فعل قبلَهم الحسينُ في ثورته، وزيدٌ في تحَرّكه، وكما خرج كُـلُّ أحرار اليمن الشرفاء في ثورتهم على كُـلِّ رموز العمالة والفساد، فكانوا هم الأوفياءُ في زمن الغدر والانبطاح، وهم من قالوا كلمةَ الحق في وجه الباطل، في صمود وثبات لم يشهد له التاريخُ مثيلاً، بينما الأمةُ غارقةٌ في سباتها، ثملة بباطلها مغرورة بنفاقها ومهادنتها للطغاة وقتلةِ النساء والأطفال.
وكما كشفت ثورةُ الحسين وعرّت طغيانَ وإجرامَ يزيد وزبانيته، وكشفت ثورةُ زيد هيمنةَ هشام واستكبارَه على الله، كشفت ثورةُ الـ21 من سبتمبر حجمَ العمالة للوصاية الخارجية، وكشفت الوجوهَ وأسقطت الأقنعةَ، واستطاع رجالُ الله الشرفاءُ وضعَ أقدامِهم على بداية الطريق لتستمرَ الثورةُ في وجه كُـلِّ رموز الطغيان والسقوط، الذين طالما تربعوا على رقابِ الشعب رغم سقوطهم وانحطاطهم في وحل عمالتهم.
فما لبثت تلك الدمى التي طالما تغنّت وتشدقت بوطنيتها، حتى انكشفت سوءتها فانضمّت لحلفِ الشيطان، متنكرةً لكل تلك الشعارات الرنانة في حبِّ الوطن، واستوطنت فنادقَ العمالة في دول العدوان، واستمرت دماء الأبرياء واستباحت الحرماتِ، مؤيدةً وداعمةً لكل تلك الهجماتِ الإجراميةِ الوحشيةِ بحق اليمن، شعباً وأرضاً وقضيةً.
وهكذا وبحلول ذكرى ثورتي الحسين وثورة زيد مع ثورة الـ21 من سبتمبر، تستمرُ ثورةُ الحسين في دم كُـلّ حر؛ لتوقدَ ثورةً حسينيةً زيديةً عارمةً جامحةً ضدَّ كُـلِّ طاغية، معلنةً أن لا حياةَ للظالمين ولا استقرارَ لمشروعهم في وجود الشرفاءِ والأحرارِ الذين يأبون كُـلَّ ضيم، فالدمُ الحرُّ سيقتلع كُـلَّ جذور الطغيان والفساد والعمالة، ويزهق الباطل، ليحل العدالةَ وترتفع رايةُ الحق خفّاقةً.
وستظل ثقتنا بالله وبوعده الحق لنا بالنصر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، وثقتنا بالقيادة الحكيمة، وبمجاهدينا العظماء وبمظلوميتنا وبأحقية قضيتنا، واللهُ ناصرُنا ومُعتَمَدُنا القائلُ في محكم كتابه (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)، ولن ترى الدنيا على أرضي وصياً، وسنحيا ونعيشُ بشعار “هيهاتَ منا الذلةُ”، وسنؤكّـد عهدنَا وثباتنا مع الحسين ووفاءنا لدماء شهدائنا بنفس الصوت الذي قاله أصحابُ الحسين: (يا حسين أنترُكُ طريقَك، لا طيّبَ اللهُ العيشَ بعدَك يا أبا عَبدِالله، ولو أنا نعلمُ أنا نُقتَلُ ثم نحرق ثم ننثر في الهواء ثم نحيا ثم نقتل ثم نحرق ثم ننثر في الهواء ثم يفعل بنا ذلك ألفَ مرة).