كل ما يجري من حولك

اليمنيون محاصرون بلا جوازات .. تداعيات وإتهامات لإنعدام جوازات السفر

اليمنيون محاصرون بلا جوازات .. تداعيات وإتهامات لإنعدام جوازات السفر

651

متابعات:

انعدام الجوازات أمر خطير ويعكس تقاعس حكومة هادي بمختلف أجهزتها ومسؤوليها ولا يوجد مبرر مقنع يفسر هذا الأمر فليس من الوارد إطلاقا أن تنعدم الجوازات ويظل المواطنين بلا هوية وتتضرر مصالح الآلاف منهم كالمرضى والطلاب والراغبين في السفر. وضاعفت الحكومة المأساة فإضافة إلى عدم توفير الجوازات لم تقدم أي توضيح للناس وسوقت الكثير من الوعود عن قرب وصول الجوازات ولكنها لم تف بأي من وعودها.

اليوم بجانب أن اليمني صار مشرداً ونازحاً في الخارج ومحاصراً وجائعاً في الداخل يفقد ما تبقى له من هوية رغم أن هذا الجواز نفسه بالكاد يسافر فيه اليمني لأقرب دول المنطقة ومما زاد الطين بلة وجود ثلاثة أصناف من الجوازات اليوم الصنف الأول جوازات صادرة من مناطق سيطرة حكومة هادي داخل اليمن وخارجه وأخرى صدرت من مناطق سيطرة الفصائل الموالية لحكومة هادي ولكنها معيوبة وجرى رفضها بسبب عدم وجود علامة الطير الجمهوري فوق صورة حامل الجواز والثالثة صادرة من مناطق سيطرة الحوثيين، ورفضت ماتسمي بـ”الشرعية” التعامل معها.

الغريب إن وزارتي الداخلية والخارجية في حكومة هادي أصدرا بيانين منفصلين عن رفض التعامل مع جوازات الحوثيين ولكنهما عجزتا مجتمعة عن توفير الجوازات الصحيحة للمواطنين.

عامان كاملان عكف فيهما الطالب عمرو إبراهيم على التقديم الإلكتروني للحصول على منحة دراسية ليتلقى مؤخرا موافقة من جامعة تركية للالتحاق بها لكن طلبه لم يكن مكتملا لافتقاره إلى صورة جواز السفر. اتجه الشاب – الذي يمني نفسه بدراسة الهندسة – إلى عدن لاستخراج الجواز في رحلة امتدت 16 ساعة، لكن حلمه الذي كان قريبا، بات بعيد المنال مع توقف مصلحة الهجرة عن منح وثائق السفر لليمنيين، نتيجة نفاد دفاتر الجوازات.

 انقضى أسبوعان على بقائه في عدن وأنفق نحو مئتي دولار في فنادق المدينة المرتفعة الأسعار ليعود إلى صنعاء خاسرا ماله ومنحته الدراسية. يقول وهو يغالب أحزانه – إن الحكومة تسببت في ضياع مستقبله ويصف ما حدث له بـ”النكسة لأني كنت أظن أنه من السهولة أن أحصل على الجواز، ولم أرتب له من قبل”.

 ومنذ أربعة أشهر أعلنت مصلحة الهجرة والجوازات في وزارة الداخلية التابعة لحكومة هادي عن توقف إصدار الجوازات لنفاد الدفاتر وفي مطلع أبريل/نيسان الماضي عادت وأعلنت عن قرب وصول دفعة جديدة منها، غير أن ذلك لم يتم حتى اليوم. وتعود الأزمة إلى قرار حكومة هادي بحظر التعامل مع الجوازات التي تصدرها إدارة الحوثيين في صنعاء وحصر العمل بالجوازات الجديدة الصادرة من مناطق نفوذها في عدن ومأرب وتعز.

 وقالت إنها ستواصل صرف الجوازات للحالات الحرجة من المرضى غير أن فائد سنان المريض بالفشل الكلوي ظل لأيام يحاول الحصول على وثيقة سفر له ولزوجته، وبعد جهود حصل على جوازين من السوق السوداء.

 يقول سنان إنه بقي في مأرب مع زوجته لخمسة أيام وكلّفه الحصول على جوازي سفر 140 ألف ريال يمني (270 دولارا) بينما تكلّفت إقامتهما وسفرهما من صنعاء إلى المدينة الخاضعة لسيطرة الحكومة 180 ألف ريال يمني (350 دولارا). وتزايد الطلب على الجواز مع سفر آلاف اليمنيين خارج البلاد لتلقي العلاج بعد انهيار الوضع الصحي إثر الحرب على اليمن منذ مطلع 2015.

 ويقول المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة الحوثيين يوسف الحاضري إن مئتي ألف يمني بحاجة للسفر خارج البلاد لكنهم اليوم محاصرون بسبب إغلاق مطار صنعاء وتوقف إصدار الجوازات. ويضيف الحاضري “كل يوم يُتوفى شخصان إلى ثلاثة بسبب عجزهم عن السفر للخارج”.

 وحددت مصلحة الهجرة والجوازات سعر الجواز بسبعة آلاف وخمسمئة ريال (14 دولارا) لكن من يرغب بالحصول عليه في الوضع الحالي فعليه أن يدفع أكثر للسماسرة في فروع المصلحة التي أصبح العمل فيها مصدر ثراء. ويقول محمد حيدر – وهو تاجر يمني – إنه اضطر إلى أن يدفع للسماسرة مالا من أجل استكمال معاملاته في الحصول على الجواز.

لكن بعد توقف إصدار الجوازات فإن العملية أخذت منحى آخر إذ إن موظفين ومسؤولين في المصلحة يبيعونها في السوق السوداء نظير مبالغ مالية كبيرة وصلت في بعض الأحيان إلى ثمانمئة دولار. وقال مصدر في جوازات مأرب – مفضلا عدم الكشف عن هويته – إنهم حددوا أربعة آلاف جواز لصرفها على المرضى والطلاب لكنها نفدت في شهري مارس/آذار وأبريل/ نيسان الماضيين.

 وأضاف “ضعاف النفوس من السماسرة والموظفين والمسؤولين استغلوا تلك التسهيلات وقدموا تقارير طبية كاذبة بأن أقاربهم يعانون من أمراض خطيرة ولا تستحمل التأخير ونحن تعاونا معهم”ويتابع “فوجئنا بأن تلك الجوازات تُباع في السوق السوداء بمبالغ كبيرة وبتواطؤ من المسؤولين والموظفين”.

 ويقول رئيس مركز الإعلام والدراسات الاقتصادية مصطفى نصر إن الفساد يتحكم بعمل مصلحة الجوازات وأصبح المسؤولون والموظفون أثرياء. ويوضح أن التحقيقات كشفت أن جوازات بيعت في السوق السوداء وتم التلاعب في إجراءات صرفها ومُنح عدد منها لجنسيات أجنبية مثل الكويتيين من فئة البدون نظير مبالغ تتراوح بين عشرين إلى ثلاثين ألف دولار.

وفرض توقف إصدار الجوازات حصاراً شاملاً على اليمنيين في ظل منع التحالف السعودي الإماراتي الرحلات الجوية من 11 مطاراً من أصل 13 والسماح للرحلات على طائرات “اليمنية” الثلاث وهي حجم ما تملكه الحكومة اليمنية.

 وأطلق نشطاء ومدونون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لمطالبة السلطة المعنية بتوفير الجوازات واتهم مدونون وصحفيون رئيس مصلحة الهجرة بتحويلها إلى إقطاعية له ولأسرته.

وأقر مدير العلاقات العامة والإعلام بوزارة الداخلية التابعة لحكومة هادي، العميد عبدالقوي باعش، بوجود فساد كبير في مصلحة الهجرة والجوازات، لكنه حمّل جزءا من المسؤولية للمواطنين الذين أسهموا في انتشاره. وقال “هناك فساد لكن نَعِد من يقدم لنا إثباتا ضد أي شخص بأننا سنقوم بمحاسبة الفاسدين”.

 وأشار إلى أن الأزمة في طريقها للحل وأن دفعة من الجوازات للحالات المرضية الطارئة ستصل قريباً لكنه عزا توقف إصدار الجوازات بصورة طبيعية إلى تأخر وصول الطبعة الجديدة من الشركة المصنّعة في هولندا.

You might also like