من ينفذ سياسات “إسرائيل” ويتحكم بقرارات واشنطن؟
من ينفذ سياسات “إسرائيل” ويتحكم بقرارات واشنطن؟
متابعات:
تتوارد العديد من التساؤلات عند النظر إلي الكيان الصهيوني المحتل وضآلة الرقعة الجغرافية التي يحتلها ومحدودية تعداده الديموغرافي، لعل أهمها قدرته على تطويع القانون الدولي لتغطية جرائمه ودفع الحكومات لاتخاذ سياسات تتقاطع مع مصالحه الإستراتيجية، وعندما تتعمق قليلًا في البحث تكتشف أن مفتاح كل هذا يتلخص في جماعات الضغط التي تُحسن تحريك الأفراد والدول على حد السواء كأنها دمى متحركة، فمن هم جماعات الضغط التي تسمى باللوبيات وكيف تعمل؟..
اللوبي عبارة عن جماعة ضغط سياسي واقتصادي واجتماعي وإعلامي تكونت بفعل ظروف خاصة للتأثير على مواقف خاصة وتقديم الدعم المادي والمعنوي والفكري لجهة هي بحاجة إلى ذلك، وتعمل جماعة اللوبي في البلد القاطنة فيه على المستوى السياسي والاقتصادي والفكري وغيره، وفق خطة دقيقة ومحكمة، وعبر تخطيط شامل أسلوبا ومنهجا يتزامن مع مراحل تنفيذ الأهداف المرسومة.
واللوبي وإن كان يطمح في تحركاته للعمل المباشر تحت الأضواء لتحقيق أهدافه المختلقة، إلا أنه يفضل في كثير من الأحيان العمل خلف الستار، فينوب عنه في التنفيذ العاملون في ركابه ليبقى هو بعيدا عن الأضواء من أجل الحصول على المكاسب وفق الظروف المحيطة به، أي أنه يمقت الظهور على السطح إلا في حالات تفرض عليه الضرورة برفع الستار، ويعود تحاشي الأضواء للرغبة في تجنب صدام مباشر مع الغير، مما يهيئ له مناخا مناسبا لتوزيع أدوات العمل توزيعا دقيقا على أوكاره وأدواته كما يعتمد في ميادين العمل على توفر المال في المكان الذي يعشش فيه لهذا فإنه (اللوبي الصهيوني) يحتضن في صفوفه كبار الأثرياء اليهود للاستحواذ على قسط كبير من الدعم المادي.
ومن هنا فإن اللوبي الصهيوني هو مصطلح يستخدم لوصف النفوذ اليهودي المنظم، غالباً من قبل اليهود الاشكناز الذين يعيشون في الشتات، على عدد من القطاعات والدول، ويعتبر واحد من أقوى مجموعات المصالح الخاصة المنتشرة في الولايات المتحدة، يتكون من العديد من المؤسسات القوية والأفراد الذين يعملون للتأثير على الكونغرس والرئيس والأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام والمؤسسات الدينية والرأي العام الأمريكي نيابة عن “إسرائيل”.
إن المنظمات الرئيسية التي تضم اللوبي الإسرائيلي معروفة جيداً وهي: لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، رابطة مكافحة التشهير، اللجنة اليهودية الأمريكية وغيرها من المنظمات المعروفة جيداً والتي تستفيد جميعها من الميزانيات الكبيرة للحكومة الأمريكية، مما يقود العديد من المحللين السياسيين إلى القول إنها فعالة جداً، وتتمتع بقدرة ممتازة على الوصول إلى السياسيين ووسائل الإعلام لتعزيز وجهات نظرهم، وهم كمجموعة بمثابة زائرين منتظمين للبيت الأبيض، ولا شك أن “أيباك” هي أقوى جماعات الضغط في الولايات المتحدة التي تركز على قضية السياسة الخارجية.
تدعم تلك اللوبيات مجموعة من المؤسسات البحثية والمعاهد التي تبث خطاً مؤيداً لليكود بلا هوادة، وهي تشمل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، ولجنة الطوارئ “لإسرائيل”، ومعهد أمريكان إنتربرايز، ومعهد هدسون في نيويورك، ومؤسسة بروكينغز للأبحاث في واشنطن، ومعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، حيث تعتمد “إسرائيل” على عنصر الفكر والرأي.
وتعتبر تلك المؤسسات البحثية من أهم العناصر التمكينية في وسائل الإعلام الغربية عموماً، وخاصة أنها تحظر القصص التي تنتقد “إسرائيل” وتفتتح باستمرار السياسات الداعمة التي تفضلها تل أبيب، كما يساهم السفراء الإسرائيليون، بانتظام بكتابة مقالات افتتاحية لمنشورات مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز، اللتان تعتبران من بين وسائل الإعلام المؤيدة “لإسرائيل” بشكل دائم إلى جانب وول ستريت جورنال وغيرها من الصحف والمجلات الأمريكية التي تبتعد عن الإساءة لـ”إسرائيل” ومؤيديها.
كما أن جهود الضغط تمتد إلى ما هو أبعد من المستوى التنظيمي لتشمل أصدقاء “إسرائيل” الذين يعملون على مستوى الدولة والمستوى المحلي وكذلك في الجامعات ومن الداخل المنظمات المهنية للحفاظ على وجهة نظر إيجابية حول “إسرائيل”.
يرى أصدقاء “إسرائيل” الكونغرس حليفاً رئيسياً لهم في الإبقاء على الولايات المتحدة صديقة “لإسرائيل” لدرجة أن السياسي والكاتب الأمريكي بات بوكانان وصف ذات مرة الهيئة التشريعية الأمريكية بأنها أرض محتلة من قبل “إسرائيل”، وهو ما يجعل البيت الأبيض أيضا في مأزق مفاده بأن “إسرائيل” حليف رئيسي للولايات المتحدة وصديق لها، على الرغم من الأدلة المتزايدة على أن تل أبيب تتجسس باستمرار على واشنطن، وأنها ليست مهتمة بأي عملية سلام مع الفلسطينيين وتعمل ضد المصالح الأمريكية الحقيقة.
يقول بعض المحللين السياسيين: قد يكون مجلس ولاية فرجينيا الشمالية أكثر من المعتاد نشطاً سياسياً ومن غير المرجح أن يكون له نظير في معظم دوائر الكونغرس، ولكن البيان يكشف كيف تؤثر أيباك بجميع مرشحي الكونغرس، حتى قبل ترشيحهم في كثير من الأحيان.
وفيما يتعلق بأولئك الذين يخوضون انتخابات الكونغرس الأمريكي من المهم ملاحظة أن النقاش حول قبولهم أو عدمه لا يتعلق بالرعاية الصحية أو الهجرة أو البرامج الحكومية، بل يتعلق بالدعم غير المشروط لسياسات بلد أجنبي.
فلا يوجد خيار أمام الأمريكيين عندما يتعلق الأمر بالكونغرس و”إسرائيل”، حيث من غير المرجح أن يجد أي شخص يرفض التعاون مع أيباك نفسه في الترشح، لكن يجب أن يكون هناك على الأقل بعض الوعي بما يحدث بشكل روتيني للمرشحين المحتملين لضمان التوافق مع اللوبي.
إذا كان الولاء غير المشروط لدولة أجنبية شرطاً لا غنى عنه للانتخاب في الكونغرس، فربما ينبغي أن يكون هناك بعض النقاش حول ما قد يعنيه ذلك، ويجب أن يتحمل المروجون لهذه السياسات المسؤولية عندما تكون النتائج سيئة، كما فعلوا في العراق ويعدون بالقيام به تجاه إيران.