كل ما يجري من حولك

اليمنيون .. بين رمضاء الحرب ونار الكوليرا

اليمنيون .. بين رمضاء الحرب ونار الكوليرا

799

متابعات:

ما إن يكابد اليمني ظروف العيش الصعبة في زمن الحرب إلا وتداهمه الأوبئة القاتلة كما هو الحال بمرض الكوليرا الذي ضاعف هول المأساة الإنسانية في البلد الذي بات 22 مليون نسمة من أصل 29 مليونًا من إجمالي سكانه بلا غذاء.

وفي حالة أشبه ما تكون بصراع ثنائية الموت والحياة مع استمرار تفشي الوباء واستقبال المستشفيات في اليمن التي تفتقر للتجهيزات الطبية اللازمة للمزيد من المصابين وصفت منظمة الصحة العالمية الوضع الصحي في اليمن بـ”الكارثي” في الوقت الذي يعاني فيه البلد الفقير أساساً، تفشي أمراضاً أخرى ولكن بوتيرة انتشار أقل كالدفتيريا والحصبة والفشل الكلوي والسرطان.

و”الكوليرا” مرض يسبب إسهالاً حادًا يمكن أن يودي بحياة المريض خلال ساعات إذا لم يتلق العلاج اللازم وخصوصاً الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وتقل أعمارهم عن 5 سنوات.

يوم الخميس أعلنت الأمم المتحدة تضاعف الحالات المشتبه في إصابتها بالكوليرا في اليمن 3 أضعاف خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الحالي 2019م مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وإثر ذلك قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوغريك، إنه “تم الإبلاغ عن حوالي 223 ألف حالة مشتبه بإصابتها بالكوليرا في اليمن حتى الآن”.

وأضاف دوغريك “هذا الرقم يمثل ثلاثة أضعاف عدد الحالات المبلغ عنها خلال نفس الفترة من العام الماضي”. وبيّن خلال مؤتمر صحفي عقده بمقر المنظمة الدولية بنيويورك أن “حوالي ربع الحالات المشتبه بإصابتها هي للأطفال دون سن الخامسة”. وأبدى المسؤول الأممي قلقه مؤكداً أنه ما لم تتم “السيطرة بسرعة على الاتجاهات الحالية فمن الممكن حدوث تصاعد كبير لانتشار الوباء” ارتفاع عدد الحالات المصابة لتزامنه مع موسم الأمطار الذي يجئ في شهر اغسطس (آب) في اليمن.

ويصف الناشط المجتمعي منصور الصمدي حجم الكارثة الإنسانية التي تعاني منها محافظة ذمار (شمالي اليمن) التي ينتمي لها جراء اجتياح وباء الكوليرا ما أدى لوفاة نحو 20 حالة. وعبر الصمدي عن استياء الأهالي جراء ما وصفه “تجاهل السلطات في صنعاء وعدن وكذا المنظمات الدولية الصحية العاملة في اليمن لمعاناة المرضى والمصابين في مديريات محافظة ذمار”. مشيراً إلى أن الحالات المصابة بلغت نحو الف و343 حالة اصابة، أغلبها من الأطفال والنساء، وكثير منها حالتها حرجة.

وسجلت تقارير منظمة الصحة العالمية (التي رفض موظفوها الرد على استفساراتنا المتكررة) وفاة 166 حالة بوباء الكوليرا في مختلف أنحاء اليمن منذ بداية عام 2019م مع رصد أكثر من 97 ألف إصابة بالوباء ذاته خلال الفترة نفسها. وجاءت محافظة إب (وسط البلاد) في مقدمة المحافظات من حيث عدد عدد الوفيات بـ33حالة، تلتها محافظة ريمة (شمال) بـ26 حالة في حين جاءت محافظة ذمار (شمال) ثالثا بواقع 20 حالة وفاة، حسب المنظمة ذاتها.

وتؤكد الدكتورة منال محمد عبدالملك المدير العام لمكافحة الأمراض والترصد الوبائي بوزارة الصحة اليمنية أن عدد الوفيات ارتفعت اليوم حتى الساعة (01 ت.غ) إلى  470 حالة معظمهم فوق ال60 عامًا من إجمالي عدد 224الفا و444 حالة مصابة تم تسجيلها لدى مركز الترصد حتى أول أمس.

والأرقام التي ذكرتها المسؤولة أكبر بكثير مما أوردته منظمة الصحة ما يعني أن الأيام القليلة الماضية سجلت ارتفاعا غير مسبوق في أعداد الضحايا والمصابين. وأشارت أن عدد المديريات المصابة بلغ نحو 286 مديرية على مستوى اليمن. لافتة إلى أن أكثر فئة مصابة هم الأطفال دون سن 5 سنوات بنسبة شكلت نحو 22% من إجمالي أعداد المصابين فيما بلغت الحالات المشتبه بها أكثر من الفين و 300 حالة.

 وتبرز مديرة الترصد الوبائي جملة من الصعوبات التي تعترض الجهود الحكومية وتتمثل في “صعوبة وصول الإمدادات الإسعافية والطبية لبعض المناطق التي تعاني من الحرب مثل بعض مناطق محافظة الضالع (جنوبي البلاد) وافتقار الوزارة للشركاء لدعم وتفعيل المراكز العلاجية لحالات الاشتباه بالوباء”. وانتشر وباء الكوليرا في اليمن أواخر العام 2016م وانحسر فيما بعد غير أنه عاود الظهور بضراوة منذ مطلع العام الحالي.

من جانبها حذرت منظمة “أوكسفام” الإنسانية الدولية مما أسمته “أسوأ تفشٍ للكوليرا في العالم”.وأشارت المنظمة في تقرير لها إلى تزايد أعداد الحالات المشتبه إصابتها بالكوليرا. لافتة إلى أنه من المحتمل أن يُفاقم موسم الأمطار الوشيك انتشار المرض، بسبب الفيضانات وتلوث مصادر المياه. واستعرض التقرير تفاصيل آثار تفشي المرض إذ يتعين على العديد من اليمنيين الاختيار بين علاج آثار الكوليرا، التي يمكن أن تكون قاتلة إذا لم تعالج بسرعة، أو إعالة عوائلهم.

وعن هذا يقول الدكتور علي أحمد سارية مدير عام الطوارئ السابق بإحدى مستشفيات صنعاء الرئيسية إن “الافتقار إلى الوعي الصحي يرفع من نسبة تفشي الوباء بدرجة كبيرة خصوصا لدى الأطفال وكبار السن الذين يجهلون الأعراض الأولية المصاحبة للإصابة بالإسهالات المائية”ويضيف الدكتور سارية جملة من العوامل التي أسهمت في تفشي الوباء ومنها “الأمطار والمياه الراكدة وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية وسوء التغذية الحاد خصوصا لدى الأطفال وعدم غسل الخضار جيدا”.

ويشهد اليمن منذ 26مارس 2015م حرباً وعدواناً عسكرياً يقوده النظام السعودي الاماراتي مخلفاً أوضاعاً إنسانية وصحية صعبة فضلاً عن تدهور حاد في اقتصاد البلد الفقير أصلاً.

You might also like