كل ما يجري من حولك

انــــــقسامٌ تكــــــتيكي!

418

عبدالله علي صبري

وقد دلفنا العامَ الخامسَ من الحرب العدوانية على بلادنا، ثمة ظاهرةٌ سياسيةٌ اجتماعيةٌ لعلَّها غيرُ جديدة، لكنها بدت لافتةً أكثرَ من أي وقت مضى. وقد تبدو صحيةً في ظاهرها، إلا أن التجربةَ التأريخيةَ تؤكدُ أنها على العكس من ذلك..

انقسمت الأحزابُ السياسيةُ التقليديةُ على نفسِها في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي، فاتخذت موقفاً مخاتلاً، وذهب كُــــلُّ فريق إلى ادّعاء أنه يمثِّلُ الحزبَ السياسي سواءٌ أكانت قياداتُه قد التحقت بركب الخيانة في الرياض، أو أن بعضاً منها التزم الثباتَ في صنعاء، واختار خطَّ الصمود والمواجهة في موقف تأريخي لن ينساه لهم الوطن والشعب.

بيد أن ذلك لا يمنعُ القول إن هذه الأحزاب التي أعلنت مؤخّراً عن تحالف داعم لما يسمى بالشرعية، هي نفسها التي وقعت على اتّفاق السلم والشراكة مع جماعة أنصار الله وتظهر اليوم مصطفةً إلى جانب الوطن في مواجهة العدوان، لكن بواجهات أخرى!!.

حزبُ الإصلاح فقط هو الذي لم يلحقه الانقسامُ التنظيمي حتى الآن، ولكنه اختار خطَّ الخيانة للأسف الشديد ومنذ الساعات الأولى للحرب العدوانية على بلادنا.

مع ذلك فإن هذا الانقسامَ قد يحسبُه البعضُ من باب الذكاء السياسي، وقد يندرجُ في إطار “التكتيك” وتبادل الأدوار؛ تحسباً لنتائج ما بعد الحرب. وما يؤسف له أن هذا الأسلوب من التفكير والمواقف يظهر في مواقف مشايخ القبائل التقليديين، فقد تجد الشيخُ الأبُ مثلاً مصطفاً مع القوى الوطنية، بينما نجله في المقلب الآخر، وقد ظهر هذا الانقسام في بعض الأسر التي قد تجد فيها الأخ الأكبر ملتحقاً بالعدوان ومرتزقته، بينما الأصغر في الموقف المضاد.

بل إن البعضَ من نُخبة الحراك الجنوبي وصلت مواقفهم حدَّ الانفصام، فترى منهم مَن يتصدى لعدوان الشريك الوطني حَدَّ زعمهم، بينما يرحِّبُ بالمحتل الأجنبي، حسب توصيفنا.

ولا شك أن الاختلافَ في وجهات النظر والقبول بالرأي والرأي الآخر مطلوبٌ ومقبولٌ في المجتمعات الديمقراطية، إلا أن المسألةَ غيرُ مستساغة حين يتعرضُ الوطنُ للعدوان الخارجي، ويغدو الفرزُ السياسيّ على أساس وطني أو غير وطني، الأمر الذي يتطلبُ من المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ بصنعاء موقفاً أكثرَ صرامةً تجاه الأحزاب والمواقف “المخاتلة” أينما ظهرت.

وإلى أن يمُنَّ اللهُ على اليمن بالسلام وبالحلِّ السياسي العادل وبمصالحة وطنية شاملة، يبقى “الانقسام التكتيكي” على رأس العوامل التي ساعدت حتى الآن على إطالة أمد الحرب والحصار، وخلقت فئةً انتهازيةً تلعَبُ على كُــــلِّ الحِبال!!

You might also like