اندبندنت: بريق “المجلس الإنتقالي” الداعي للإنفصال يخفت لدى أنصاره
اندبندنت: بريق “المجلس الإنتقالي” الداعي للإنفصال يخفت لدى أنصاره
متابعات:
حالة من شبه الاستقرار الأمني تشهده مدينة عدن العاصمة المؤقتة أعاد لها شيئاً من الروح بعد سنوات من الحرب والاضطراب الذي أرهق وجه المدينة التاريخية التي تتوسد الجبل وتنام في حضن البحر.
قاد ما يسمى بـ”المجلس الإنتقالي الجنوبي” في اليمن الذي ظهر منتصف العام 2017م جملة من الاحتجاجات الشعبية تنديداً بتدني الخدمات مطالبًا برحيل حكومة رئيس الوزراء اليمني السابق الدكتور أحمد بن دغر ووصلت الاحتجاجات لمرحلة الاشتباك المسلح في يناير (كانون الثاني) 2018 بين مليشيا الحزام الأمني الموالي والمدعوم من قبل النظام الإماراتي من جهة وقوات حكومة هادي من جهة أخرى أستمرت عدة أيام مخلّفة عشرات القتلى والجرحى ودمارًا في البنى ومرافق الدولة قبل أن تتوقف الحرب بوساطة سعودية. ومع مرور الوقت يلحظ المتابع عودة الهدوء للمدينة وسائر المحافظات الجنوبية إذْ سجلت عدن على مدى عام كامل صفرية في الفعاليات التي ظل يرعاها “الانتقالي”.
وفي 11 مايو (أيار)2017م شكّل محافظ عدن المُقال عيدروس الزبيدي بمعية شخصيات قبلية وعسكرية وبتوجيه ودعم إماراتي قيادة حملت اسم “المجلس الإنتقالي الجنوبي” قالوا إنها ستتولى إدارة الجنوب وتمثيله ومن أبرز أهدافها بحسب بياناته انفصال جنوب اليمن عن شماله وتوعد الزبيدي في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي بإعلان “استفتاء على الاستقلال سيعلن قريبا” (لم يحدد موعده بالضبط).
دعا الزبيدي خلال بيان له بمناسبة ذكرى ثورة 14 اكتوبر “أبناء الجنوب للاحتجاج وطرد الحكومة الشرعية” التي يتواجد رئيس وزرائها وعدد من أعضاء حكومته فيها ضمن تحركات محدودة داعيًا أنصاره “للتحرك الفاعل مع الموجهات التي ستصدر في هذا الصدد” قبل أن يتفاجأ الجميع قُبيل ساعات من موعد انطلاق الفعالية بإلغائها.
وحينها علّل “المجلس” ذلك الإجراء بحسب بيان له بما وصفه “مراعاةً للأوضاع الاقتصادية والمعيشية والإنسانية الصعبة التي يشهدها الجنوب ويعانيها أبناؤه” إلا أن متابعين عزوا الأمر إلى وجود خلافات حادّة داخل المجلس الانتقالي بسبب وجهات النظر حول الحضور الضعيف وتمثيل القيادات الذي بات يتهدد تواجد هذا الكيان. غير أن قيادات جنوبية عزت امتناع الانتقالي عن حشد الناس مؤخرًا لإدراكه بمستوى جماهيريته التي بلغت مستوى العجز عن حشدها مجددًا.
وأعقب ذلك البيان تنظيم عدة فعاليات جماهيرية بسيطة لم تستطع سوى حشد المئات إن لم يكن العشرات ونصب خيام اعتصام بساحة كريتر غير أنها ظلت فارغة، إضافة لأسباب أخرى يرى مراقبون أن لها أبعاداً سياسية دولية.
ويرجع مراقبون خفوت حضور الانتقالي الى حالة الاحباط التي تعتري الشارع الجنوبي جراء الممارسات التي يتهم بها من قطاعات شعبية ورسمية ومنها إشاعة الفوضى وإضعاف سلطات الدولة وسيطرته بقوة السلاح على عدد من المرافق الحكومية والانتهاكات العنصرية بحق أبناء المحافظات الشمالية القادمين إلى للجنوب سواء قاصدي العمل أو السفر عبر مطار عدن الذي يعد مع مطار سيئون المنفذين الدوليين الوحيدين لليمن إلى الخارج.
الصحفي والمحلل السياسي الجنوبي سامي الكاف قال إن المجلس الانتقالي الجنوبي لا يفهم أنه مجرد مكون سياسي ضمن مكونات عدة في المشهد العام في جنوب اليمن. وأضاف “رغم ادعاء الانتقالي بأنه مع فتح حوار جنوبي- جنوبي إلا انه مستمر في زعمه بأنه الممثل الوحيد والشرعي للقضية الجنوبية”.
ويتهم الكاف الانتقالي “بالترويج لادعاء أن التحالف العسكري جاء لتحرير أرض الجنوب وليس دعماً لشرعية الرئيس هادي والحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه وفق المرجعيات الثلاث المتفق حولها ومن ثم يتصرف على الأرض وكأنه يدير دولة ويخاطب منتسبوه (عيدروس) الزبيدي بسيادة الرئيس”.
الباحث السياسي اليمني ثابت الأحمدي قال إن الأحداث أثبتت أن ما يسمى بالمجلس الانتقالي بات يتآكل شعبيًا، مُرجعًا ذلك إلى “كون قرار الانتقالي رهينًا لأطراف خارجية”وأضاف “من الطبيعي أن يزداد (الانتقالي) عزلةً سياسية وشعبية خصوصًا بعد التقارب الخليجي- الإماراتي- والشرعية اليمنية”.
ويرى الأحمدي أن “خفوت بريق الانتقالي جاء بعد الزيارة الخارجية التي قام بها الزبيدي مؤخرًا إلى بريطانيا وروسيا وبعض الدول الأخرى بعد أن روج أنصاره أن هذه الزيارة هي الفصل الأخير في مرحلة ما قبل الاعتراف بما يسمونه دولة الجنوب لكنه خرج من كل هذه الزيارات بخفي حنين”.
يعلّق رئيس العلاقات الخارجية في المجلس الانتقالي الجنوبي الدكتور عيدروس النقيب على المسألة بقوله إن مفهوم الشعبية هو مفهوم نسبي لا يمكن قياسه إلّا من خلال أدوات علمية دقيقة ولا بد من الإقرار بأن موضوع الشعبية هو في الغالب يصنعه المزاج الشعبي العام وحينما يكون المكون أو الجسم السياسي جديداً قد يكون الإقبال عليه كبيراً والرهان عليه مرتفعاً”.
ويتابع “في الجنوب رافق نشوء المجلس الانتقالي الكثير من التصورات المبالغ في بعضها كالاعتقاد بأن المجلس سيحل محل الحكومة الشرعية أو أنه سيحل مشكلة الخدمات التي عجزت الحكومة عن توفير الحد الأدنى منها”واستطرد “لا يفوتنا الإشارة إلى الحملات الإعلامية الكبيرة التي تقف وراءها حكومات وتمولها مؤسسات وتنفذها شبكات إعلامية واسعة التي لا هم لها سوى التشهير بسياسات ومواقف المجلس الانتقالي”.
ومضى قائلاً ” كل ذلك قد يؤثر على موضوع شعبية المجلس بين العامة من الناس بمفهوم ابن خلدون لكن تظل الطبقة السياسية الجنوبية الرافضة للتبعية والوصاية على نفس موقفها من المجلس الانتقالي وأهدافه الاستراتيجية”.