واشنطن بوست: على قيادة الكونغرس الجديدة معاقبة محمد بن سلمان
ذكرت صحيفة The Washington Post الأمريكية أن إعلان السعودية انطلاق محاكمة 11 شخصاً متهمين بقتل الصحافي جمال خاشقجي في الوقت الذي انعقد فيه الكونغرس الأمريكي الجديد يوم الخميس 3 يناير/كانون الثاني ليس مجرد صدفة.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن مجلس الشيوخ الأمريكي هو الجهة الأقرب حتى الآن لفرض عقوبات جدّيّة على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي تعتقد وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) أنَّه أشرف على فرقة الاغتيالات المكونة من 15 فرداً التي تربَّصت بخاشقجي لحين دخوله إلى القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وفي ديسمبر/كانون الأول، صوَّت مجلس الشيوخ المنقضية ولايته بالإجماع لصالح قرار يُحَمِّل ولي العهد السعودي المسؤولية عن جريمة القتل، على الرغم من إنكاره ذلك ومحاولات الرئيس ترامب التغطية عليه. إضافةً إلى ذلك، استند أعضاء مجلس الشيوخ إلى نصوص من قانون حقوق الإنسان يشترط أن تصدر الإدارة الأمريكية خلال الشهور المقبلة بياناً بالنتائج بشأن مسؤولية محمد بن سلمان.
وترى الصحيفة أنه إذا كانت نية السعودية من إعلان المحاكمة استباق أي قرار آخر قد يصدره الكونغرس، فهذه خطوة ضعيفة ومثيرة للشفقة. وأفادت وكالة الأنباء الرسمية للمملكة بعقد جلسة استماع أولية، وأنَّ الادعاء العام يعتزم طلب توقيع عقوبة الإعدام على خمسة من المتهمين. لكن لم تكن جلسة الاستماع علنية، ولم تعلن كذلك أسماء المشتبه بهم. وبحسب كل الدلائل، لم تكتف السعودية بعدم محاكمة ولي عهدها، بل أيضاً لم تحاكم المسئولين الكبار الذين سبق أن اتهمتهم السلطات السعودية نفسها بضلوعهم في عملية القتل. وما حدث في المقابل هو أنَّ مجموعة صغيرة من رجال الأمن، الذين كانوا بلا شك يتبعون الأوامر حين شاركوا في الهجوم، يُقدَّمون كباش فداء. واستكمالاً لبربرية المملكة، ستُقطع رؤوس مَن تصدر بحقهم عقوبة الإعدام.
وتشير واشنطن بوست إلى أن من بين القيادات العليا التي أفلتت من المسؤولية سعود القحطاني، أحد كبار مساعدي محمد بن سلمان، والذي يُعتَقَد أنَّه دبَّر الكثير من العمليات غير القانونية ضد معارضين، وكذلك أحمد العسيري، نائب رئيس المخابرات السعودية سابقاً، وصلاح محمد الطبيقي، طبيب التشريح الجنائي الذي يُقال إنَّه قطَّع جسد خاشقجي إلى أشلاء بمنشار عظام جلبه معه من الرياض لهذا الغرض. وأفادت صحيفة Daily Sabah التركية مؤخراً بأنَّ الطبيقي يعيش بعيداً عن الأنظار مع عائلته في فيلا بمدينة جدة.
وترى الصحيفة أنه بات إفلات المتورطين في الجريمة من العقوبة صارخاً لدرجة لم تستطع معها حتى إدارة ترامب الاستمرار في تأييده. إذ قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين يوم الجمعة الماضي 4 يناير/كانون الثاني، قبل زيارة وزير الخارجية مايك بومبيو المرتقبة إلى السعودية، إنَّ «الرواية التي يقدمها السعوديون… لم تصل بعد إلى مستوى المصداقية وتحقيق المساءلة» الذي تقول الإدارة الأمريكية إنَّها تسعى إليه. ومع ذلك، سيكون من الحماقة الاعتماد على بومبيو لفرض ضغوط جديّة على ولي العهد، وهو الذي وصف مطالب الكونغرس بمعاقبة المسؤولين بأنَّها «مواء«.
وتؤكد واشنطن بوست أنه إذا كانت الولايات المتحدة ترغب في الحفاظ على قِيَمها بالإصرار على تحقيق العدالة في قضية خاشقجي، فلابد أن يتسلَّم الكونغرس زمام هذا الأمر. ويتعين على القيادة الديمقراطية الجديدة في مجلس النواب أن تصدر تدابير جديدة تطالب بفرض عقوباتٍ أمريكية على جميع المتورطين في عملية القتل، بمن في ذلك محمد بن سلمان، ووقف الدعم الأمريكي للحرب السعودية في اليمن. إذ لا يمكن أن تكون المحاكمة العبثية التي تنظمها السلطات السعودية هي المشهد الأخير في مأساة خاشقجي.