بعد ما يقارب العامين من قرار الرئيس عبدربه منصور هادي، نقل «مجلس النواب» إلى عدن، يأتي أول اجتماع للنواب في الرياض، في خطوة لتثبيت مؤسسات «الشرعية». غير أن توقيت حشد النوّاب تزامن مع مساعي السلام وبعد اتفاق «السويد» بأيام، الأمر الذي يجعل من تلك الخطوة تندرج ضمن استحقاقات مقبلة تشرّع لمستقبل البلاد سواءً فيما يتعلّق بـ«التحالف» أو بمصير هادي، والمرحلة الانتقالية.

أجندات الرياض

الرياض التي احتضنت لقاء النواب بحضور الرئيس هادي، ونائبه علي محسن الأحمر، ورئيس حكومته معين عبدالملك، وبتواجد سفير الرياض لدى اليمن، محمد آل جابر مهندس اللقاء، تسعى إلى استكمال مؤسسات «الشرعية» باستكمال النصاب للمجلس التشريعي، تكون قد أضافت إلى الرئاسة والحكومة سلطة ثالثة تقوم بالرقابة والتشريع فيما يتعلق بميزانية الدولة والتي جرت العادة منذ بدء الحرب على إقرارها من قبل الحكومة فقط، دون مرورها على مصادقة مجلس النوّاب. غير تلك الأهداف المؤسساتية تطمح الرياض إلى شرعنة وجودها ومشاريعها في اليمن، وعلى رأس تلك الأهداف يأتي أنبوب النفط الرابط بين الرياض والبحر العربي، والمتوغلّ في أراضي اليمن بمساحة 300 كيلو، وهو المشروع الذي واجهه أبناء المهرة بتصعيد شعبي وقبلي وسياسي، إضافة مشروع تأجير ميناء نشطون في المهرة، والتي قد بدأت عملياً الشروع في تأهيله متجاوزةً ردود أفعال رسمية وشعبية مناهضة للمشروع.

إضعاف «أنصار الله»

رغم أن «الشرعية» تسعى إلى سحب السلطة التشريعية من صنعاء، إلا أن تلك الخطوة يعدّها مراقبون تستهدف هادي، في حال رفض الموافقة على خارطة السلام التي من المفترض تعقد أولى جلساتها بعد شهر، وبحسب بنود الحل المسربة والتي يدعمها المجتمع الدولي طي صفحة هادي، وتشكيل مجلس رئاسة انتقالي، ولايستبعد محللون أن الهدف قبيل تنحي هادي، منحة من قبل «مجلس النواب»، حصانة من أي ملاحقة ومحاكمة مستقبلاً، على غرار حصانة الرئيس صالح بعد تنحيه،  خصوصاً، وهادي يوقّع لـ«التحالف» على كل غارة جوية.

في موازة ذلك، تستهدف «الشرعية» «أنصارالله» خصوصاً، والأخيرة تمكنت من عقد جلسات لـ«المجلس» في صنعاء، ويستمد «المجلس السياسي الأعلى» شرعيته من موافقة «مجلس النواب»، كما أن الجلسات تعقد بحضور رئيس «المجلس» يحيى الراعي، وتناقش العديد من القضايا وتقرر قوانين جديدة وتراقب عمل حكومة «الإنقاذ».

 ردود أفعال

قد تنجح «الشرعية» في عقد جلسة لـ«المجلس» بالنصاب القانوني، النصف زائداً واحداً 137 نائباً، من أصل 272 بعد وفاة 29 نائباً خلال السنوات الماضية، خصوصاً والكثير من النواب الذين كانوا على الحياد وعددهم 77 نائباً، أو من الذين في صف صنعاء وعددهم يقارب 90 نائباً ، تغيّرت مواقفهم بعد أحداث ديسمبر الماضي التي أفضت إلى مقتل الرئيس علي عبدالله صالح.

إلى ذلك، يرجّح مراقبون أن تكون الرياض قد مارست سياسية الترغيب والترهيب مع النواب لحضور الجلسة. وبحسب التسريبات، فإن المبالغ التي أعطت لكل نائب فور وصوله الرياض قدرت بـ200 ألف ريال سعودي، غير الترتيبات المستقبلية.

ووصف البرلماني المستقيل فيصل أمين أبوراس، أعضاء «المجلس» الذين وصلوا الرياض بـ«النوائب»، قائلاً في منشور على صفحته في «الفيس بوك» إن «نوائب الشعب تجتمع برئاسة السفير ولتذكيرهم رفرف علم دولة الولاء والآمر الناهي في كل مكان أعلم أن الجوع كافر والله المستعان».

وبالتزامن، اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي ووجهت نقداً لاذعاً للقياديَين في «الانتقالي» عضو هيئة الرئاسة ناصر الخبجي، ورئيس الدائرة الخارجية لـ«المجلس» عيدروس النقيب، بعد وصولهما إلى الرياض للمشاركة في جلسة النوّاب، ممثلين عن «الحزب الإشتراكي اليمني».

ووصف متابعون خطوة قيادات «الانتقالي» بالإزدواجية في المواقف، إذ إن أدبيات «الانتقالي» تتعارض مع مشروع «الشرعية» والمؤسسات التابعة لها، فيما اعتبرها آخرون استخفافاً بمؤيدي «الانتقالي»، خصوصاً والأخير عنده «الجمعية الوطنية» التي أعلن يوم إشهارها بأنها «برلمان جنوبي».

إلى ذلك، اعتبر نائب رئيس «المجلس الانتقالي» هاني بن بريك، أن «الانتقالي تأسس  من وزراء وأعضاء مجلس نواب ومحافظين ووكلاء محافظات ومدراء عموم ولم ندع أحدا لتقديم استقالته»، لافتاً إلى أنهم طلبوا «من الكل يسير مصالح الشعبين وعملنا جاري لاستكمال مرحلة الاستقلال وحفظ الجنوب واليمن من الوقوع في الفوضى العارمة».

 

(العربي)