خصصت للجلسة الواحدة مائتي ألف ريال سعودي لكل عضو.. هل تنجح السعودية بإنتزاع السيادة اليمنية برلمانياً؟
متابعات:
عقد السفير السعودي في اليمن، محمد آل جابر، الأربعاء، اجتماعاً ضم عدداً محدوداً من النواب اليمنيين.
هذا الاجتماع لم يكن ودياً ولا يبحث عن نصاب، فالمعطيات على الأرض تشير إلى أن السعودية تدفع بكل ثقلها لعقد جلسة برلمانية في الرياض وبأي ثمن، والهدف تمرير اتفاقيات عدة أخطرها تلك التي تعيد رسم مستقبل الحدود بين البلدين وبما يمكن الرياض من التهام آلاف الكيلومترات من الأراضي اليمنية ويقلص سيادة هذا البلد الذي أرادت السعودية بتحالفها ضده طحنه وتدمير قواه ونسيجه الاجتماعي في سبيل تحقيق أهدافها.
الاجتماع بدا استعراضياً لا أكثر، فنواب بعض الأحزاب لم تظهر في الصورة، وأغلب من حضر نواب استدعتهم الرياض من سباتهم، أبرزهم ناصر الخبجي القيادي في الحراك الجنوبي، الذي يقاطع منذ أكثر من عقد جلسات البرلمان في صنعاء، وآخرون متحمسون للانفصال أكثر من الوحدة الذين يبحثون عن مقعد في رئاسة البرلمان لا أكثر، وهذا ما فسر تحركات التحالف مؤخراً في سبيل توحيد القوى الجنوبية لفرض معادلة الانفصال على طاولة المفاوضات المقبلة، مقابل توجهه نحو تدمير ما تبقى من القوى التقليدية في الشمال، خصوصاً حزب الإصلاح الذي بات مؤخراً في مأزق لا يحسد عليه وقد تداعى عليه التحالف بكل قواه لسلبه نفوذه العسكري والسياسي وحتى الاقتصادي بما ينذر بحرب جديدة ضد الحزب بدأت ملامحها تتشكل بتصعيد القوى الموالية للتحالف ضده في شبوة وحضرموت ومارب، وصولاً إلى تعز ومعها سيفقد الحزب زخمه الشعبي وحتى قيمة حضوره في أية مفاوضات.
قبل هذا الاجتماع أعاد الإصلاح هيكلة قيادة كتلته البرلمانية التي عرفت سابقا بولائها للسعودية، في الوقت الذي هدد فيه ناطقه الرسمي، علي الجرادي، بالتحالف مع صنعاء وإن برز هذا التهديد بصورة مبطنة حملت تحذيرات من أن التحالف مع الحوثيين قد يمزق الشرعية، لكن ليس الإصلاح وحده من يتعرض لضغوط التحالف، فقد سبق للرياض أن هددت هادي نفسه بتصريح للسفير السعودي لوح فيه بإمكانية استبدال هادي بحكومة “شرعية معترف بها دولياً”، كما طالت الضغوط مستشاري هادي، وذلك ما بدا جلياً في حديث عبدالعزيز جباري عن رغبته العودة إلى منطقته الخاضعة أصلاً لسيطرة الحوثيين، هذا التنافر سببه كما تقول مصادر برلمانية في الخارج طلب السعودية من هادي وطاقمه التوقيع على اتفاقيات أبرزها خاصة بترسيم جديد للحدود كبديل للاتفاقية القديمة التي تنتهي هذا العام، لكن الاتفاقية الجديدة تضمن للسعودية ابتلاع أكثر من 42 ألف كيلو متر من صحراء اليمن في الجنوب الشرقي وآلاف الكيلومترات في الجنوب الغربي، حيث تصعد السعودية عسكرياً، علَّها تتمكن من التوغل في عمق الأراضي اليمنية وبمسافة 30 كيلومتراً جديدة وعدت الولايات المتحدة بطرحها كشرط للسلام في أي اتفاق مقبل، وفقاً لمصادر مطلعة.
هذه الاتفاقية “الكارثة” ليست الأولى، فقد سبق للرياض أن استغلت ضعف القوى اليمنية عقب حرب الانفصال لإبرام اتفاقية تمكنت من خلالها التهام آلاف الكيلومترات في عمق الأراضي اليمنية، لكن القوى اليمنية اليوم بما فيها الموالية لها لا ترغب بتحمل مسئولية ذلك مستقبلاً لوحدها، فبحسب المصادر البرلمانية، فإن هادي طلب من الرياض تمرير الاتفاقية عبر مجلس النواب، وإخضاع القوى الأخرى بما فيها الإصلاح.. ولأن الرياض لا تستطيع الوصول إلى كافة أعضاء البرلمان اليمني، بما فيهم الغالبية الباقية في صنعاء، تحاول حشد من تستطيع وقد عرضت مائتي ألف ريال سعودي لكل نائب يحضر الجلسة وامتيازات أخرى.
اختارات السعودية هذا التوقيت بالذات، حيث تتحضر الأطراف اليمنية للجولة الحاسمة من المفاوضات المقبلة، لفرض الثمن عليها وهي التي ادعت الحرب زوراً في سبيل إعادة الشرعية، وذلك الثمن لن يقف عند ترسيم الحدود بل يتضمن أيضاً، وفقاً لمصادر مطلعة، اتفاقيات تتعلق ببقاء قواعد للتحالف في جزر يمنية لأكثر من نصف قرن، وامتيازات أخرى تتمثل بالسماح للرياض بمد أنبوب للنفط في المهرة وتشييد ميناء للنفط على بحر العرب.
تخير الرياض اليمنيين بين الوحدة والانفصال مثلما تخير القوى الموالية لها بين التمكين أو التنكيل، مع أن الإصلاح نفسه كان وعد خلال لقاء قياداته ولي عهد أبوظبي بالحفاظ على مصالح التحالف في اليمن، ويناور حالياً لتحقيق المزيد من المكاسب لا أكثر، لكن جميع هذه الخيارات قد لا تمر أمام اليمنيين ممن يقارعون السعودية منذ أكثر من 4 أعوام، ومثلما حالوا دون مرور قواتها على التراب سيحولون أيضاً دون تمرير اتفاقياتها في خاصرة اليمن.
مراقبون يستغربون تباكي الاصلاح والاشتراكي والناصري وغيرها من الاحزاب على نجران وجيزان وعسير مقابل ما يقدمونه من ارتهان وبيع للسيادة اليمنية واراضيها.
(تقرير/ ناصر سيف)