التقرير الأسبوعي عن اليمن والخليج في مراكز الدارسات الغربية: محاسبة مطلوبة للشراكة الأمريكية-الإماراتية في اليمن
قال «منتدى الأمن الامريكي» (جاست سيكيورتي) إن التقارير الإعلامية والمناقشات العامة حول حرب الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب في اليمن، «كانت ضعيفة إلى حد كبير، خاصة مع مخاوف من الرعب الإنساني الأكبر للحرب السعودية-الحوثية».
وأشار «جاست سيكيورتي» إلى أنه وخلال جلسة مغلقة لمناقشة الدعم العسكري الأمريكي للسعودية لحربها في اليمن، قال وزير الخارجية مايك بومبيو للمشرعين «إن أحد الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة إلى استمرار تقديم المساعدات هو مواجهة الجماعات الإرهابية».
وكشف المنتدى الأمريكي عن أن بومبيو قال للمشرعين أيضاً أن «كل ما سنحققه من الانسحاب من حرب اليمن، سيمنح إيران وداعش المزيد من القوة، في حين سيعاود تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية نشاطه».
ولفت «جاست سيكيورتي» إلى أنه «وعلى الرغم من الأخبار التي تشير إلى أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، أصبح ظلاً لذلك التنظيم السابق، على الأقل خلال العامين الماضيين، بعد الشراكة العميقة بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة، شريكة السعودية في الحرب اليمنية، فإن الخلفية الأساسية للشراكة مع الإماراتيين، تثير أسئلة صعبة حول المتانة والأخلاقيات للحرب بالوكالة في اليمن، خاصة عندما لا يشارك شركاء الولايات المتحدة معها الأهداف أو القيم بشكل كامل».
ونوه المنتدى الأمريكي إلى أن «التعاون الأمريكي-الإماراتي، الذي بدأ خلال إدارة أوباما، والذي كان مسؤولاً عن انتزاع مدينة المكلا من سيطرة تنظيم القاعدة في أبريل من العام 2016، قد تعمق حتى بعد الغارة الكارثية في يناير 2017، والتي راح ضحيتها ضابط المارينز ريان أونز والعديد من المدنيين اليمنيين في محافظة البيضاء، حيث واصل المستشارون الأمريكيون، دعم القوات الإماراتية والشركاء اليمنيين المحليين في مكافحة جيوب تنظيم القاعدة في محافظة حضرموت الشرقية».
وذهب «جاست سيكيورتي» إلى القول: «القصة الشاملة لعمليات مكافحة الإرهاب في اليمن هي قصة نجاح حذر، وسط الكارثة الأوسع للحرب الأهلية في البلاد وتدخل التحالف الذي تقوده السعودية فيه، فإن إزلة الغطاء على هذه الإنجازات، تظهر مخاوف أخلاقية وقانونية كبرى حول كيفية تحقيقنا لها».
وبيّن «جاست سيكيورتي» أن «هناك شقوقاً في هذه القصة الجيدة بدأت بالظهور في أواخر ربيع عام 2017، عندما ظهرت تقارير تفيد بأن الشركاء الإماراتيين في شرق اليمن، كانوا متورطين في الاعتقال العشوائي والتعذيب النشط للمحتجزين، كجزء من جهودهم الأوسع لمكافحة الإرهاب في المنطقة».
وأوضح المنتدى الأمريكي أن تلك التقارير«قد أثارت أسئلة جدية حول حجم القوات الأمريكية على الأرض، في الوقت الذي عبّر فيها قادة الكونجرس بإيجاز عن غضبهم ودعوا وزير الدفاع جيم ماتيس للتحقيق، لكن تلك الدعوات للمساءلة العامة تراجعت إلى حد كبير بسبب إغلاق ماتيس الباب أمام تفسيرها»، موضحاً أنه ومع «استمرار توارد تلك الأخبار المقلقة ، فأن الولايات المتحدة باتت الآن وجها لوجه مع مخاطر الحرب بالوكالة ، حتى مع الشركاء الذين يظهرون كفريق عملي، كفريق الإماراتيين، وبالتالي باتت على وشك أن تكون متواطئة أخلاقيا معهم في الأعمال السيئة».
وشدد «جاست سيكيورتي» في مقابل ذلك، على ضرورة أن «يضغط الكونجرس على إدارة ترامب، لمراجعة الاستخدام الإماراتي المرتقب للمرتزقة الأمريكيين، وما إذا كان هذا ينتهك القانون الأمريكي، والنظر في تقارير الصفقات التي يتم قطعها مع القاعدة، وبالذات ما إذا كان أي دعم من هذا القبيل ينتهك قوانين الولايات المتحدة أو سياساتها التي تحظر دعم الإرهاب»، مشيراً إلى أن ذلك «ينطبق أيضاً على قضايا الاحتجاز التعسفي، وذلك من خلال الالتزام بالعمل الجاد لمنع التجاوزات المستقبلية من الإمارات والشركاء الآخرين، بما في ذلك الاستعداد لإعادة تشكيل أو تعليق أو قطع تلك الشراكات حسب الحاجة».
واعترف المنتدى بأن ذلك الأمر «ليس سهلا، لكون الإمارات، كانت شريكاً قوياً للولايات المتحدة لسنوات، كما أن سنوات من التدريب في الولايات المتحدة والاستثمار الإماراتي قد خلقت قوة إماراتية فعالة لمكافحة الإرهاب، يعتمد عليها في اليمن وخارجها»، مبيناُ ولأجل ذلك «سيتعين على صانعي السياسة التعامل مع كيفية الحفاظ على ضغوط مكافحة الإرهاب أثناء محاسبة دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك لكون قائمة الأفعال السيئة من الجانب الإماراتي خطيرة للغاية، بحيث لا يمكن منحهم ممراً مجانياً».
شفافية من دون غض الطرف
وفي السياق، أكد «جاست سيكيورتي» على أهمية أن «يحث الكونجرس الإدارة على تحقيق أقصى قدر من الشفافية حول حرب مكافحة الإرهاب في اليمن»، موضحاً أنه «في ظل غياب خطوات الإدارة الإيجابية في هذا الاتجاه، فأنه يجب على الكونجرس الإفراج عن حساباته الخاصة حول جهود مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة، وخاصة تقرير وزارة الدفاع عن الاحتجاز والاستجواب».
وبيَن المنتدى الأمريكي أن «مثل هذا التحرك نحو الشفافية العامة من شأنه أن يستكشف المعايير القانونية والسياسية التي تحد من الجهود وتدفع نحو المحاسبة عن أي أعمال سيئة قد تكون قد وقعت للأسف تحت مراقبتنا، حيث يجب أيضاً وضعها في السياق المناسب للشعب الأمريكي والعالم»، مؤكداً في المقابل على أهمية أن «لا تركز زيادة المساءلة والشفافية على تقويض الدعم لجهود مكافحة الإرهاب في اليمن، حيث أنه وبالنظر إلى التهديدات التي تم مشاهدتها على مدى السنوات التسع الماضية وتاريخ القاعدة في العودة من جديد بعد التراجع السابق في اليمن، فأنه لا يمكن غض الطرف عن تلك التهديدات».
واعتبر المنتدى الأمريكي أن «الوقت قد حان لتقييم الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وشركائها، وتوضيح الأهداف المُراد تحقيقها، والالتزام علنا بإجراء حملة مكافحة الإرهاب على مستويات عالية من المساءلة»، لكنه اعترف في مقابل ذلك بأن «انعدام الثقة الهائل في التحالف الذي تقوده السعودية، من الممكن أن يحدث خلطاً بين عمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية المنفصلة التي تجري هناك، وبالتالي فأن الثقافة العامة باتت أكثر أهمية من أي وقت مضى في هذا الجانب».
وختم المنتدى الأمريكي تقريره بالتأكيد على أن «القيام بأي شيء أقل، هو تقويض للمكاسب الجديرة بالثناء ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وأن التغاضي عن أسوأ التصرفات من جانب الشركاء، لن يؤدي إلا إلى إعادة ظهور التهديدات خلال السنوات القادمة».
تحول المشاعر تجاه الحليف السعودي
في غضون ذلك، اعتبرت مؤسسة «صوفان جروب» الأميركية المعنية بشؤون الاستخبارات، أن تصويت «مجلس الشيوخ»، الذي جرى منتصف ديسمبر على مشروع القرار، الذي يقضي بضرورة إنهاء الدعم اللوجستي الأمريكي «للتحالف» الذي تقوده السعودية لمحاربة حركة «أنصار الله» في اليمن، بمثابة «رسالة قوية إلى إدارة الرئيس ترامب».
وأشارت المؤسسة الأمريكية إلى أنه «وعلى الرغم من أنه من غير المحتمل أن يصبح القرار قانوناً، لأن مجلس النواب قد لا ينجح في ذلك لعدم وجود دعم كافٍ في الكونجرس لإلغاء حق النقض من قبل الرئيس ترامب، فإن تحرك مجلس الشيوخ يشير إلى تحول المشاعر بشكل حاد ضد حليف أمريكي قوي منذ مقتل الصحافي السعودي المقيم في الولايات المتحدة، جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية في اسطنبول في شهر أكتوبر الماضي».
ولفتت المؤسسة الأمريكية إلى أن «جهود الكونجرس لإنهاء الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، تتناقض مع الخط المتشدد الثابت من جانب الكونغرس ضد إيران، التي تعتبر الداعم الرئيسي لأنصار الله، حيث شهدت الجلسة الأخيرة للمجلس إلقاء زير الخارجية مايكل بومبيو، وركّز فيه ظاهريًا على مقتل خاشقجي، بالدرجة الأولى، وعلى الدور المحوري الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في كبح النفوذ الإيراني في اليمن».
وأوضحت «صوفان جروب» في المقابل أنه «وفي إطار معارضته للتدخل الأمريكي في الصراع اليمني، ينظر الكونجرس إلى سحب الدعم لمحمد بن سلمان، والارتباط بالأعمال التي تقودها السعودية في اليمن كأولويات أعلى من التأثير الإيراني»، مؤكدة على أنه وعلى الرغم من أن الرئيس ترامب عارض تغيير العلاقات الأمريكية السعودية كنتيجة مقتل خاشقجي، فان ذلك قد ألحق ضرر قاسيا بالسمعة السعودية في الولايات المتحدة».
وكشفت المؤسسة إلى أن بعضاً من أعضاء الكونجرس «دعوا علانية إلى الإطاحة بمحمد بن سلمان، الوريث المحتمل لعرش أبيه، بينما اعتبر آخرون أنه يعاقب من قبل الولايات المتحدة بصفته أحد منتهكي حقوق الإنسان، في حين رأى آخرون أنه يجب منع التعاون النووي المدني الأمريكي المخطط له مع المملكة».
وأكدت «صوفان جروب» على أن انتقاد «الكونجرس»، «وضع ولي العهد وحلفائه، بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة، أمام حتمية إيجاد طرق لتهدئة تلك الانتقادات، وقد بدى ذلك في الأيام الأخيرة، عندما أظهر ولي العهد بعضاً من المرونة تجاه قطر، التي سعت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى عزلها منذ العام 2017، كما أشارتا إلى رغبتهما في إنهاء مشاركتهما في اليمن إذا تم العثور على حلٍ سياسي مقبول».
وختمت المؤسسة الأمريكية تقريرها بالقول: «كدليل على إحراز تقدم محتمل، وافقت الأطراف المتحاربة على وقف إطلاق النار في معركة مدينة الحديدة الساحلية، ومع ذلك، يستمر القتال في أماكن أخرى في البلد الذي مزقته الحرب، كما أن الاضطرابات في الكونجرس الأمريكي ومقتل خاشقجي، لم تأثر حتى الآن بشكل جوهري على العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية».