أهميّة القُدوة في أجهزة الدولة
د. عبدالملك عيسى
يروي الإمامُ علي عليه السلام عن رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسلم قوله (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بأخلاقكم).
تعاقب على أجهزة الدولة ووزاراتها ومؤسّساتها الكثيرُ من المسئولين منهم مَن أحسن ومنهم مَن أساء، لكن العلامةَ البارزةَ في أنْظمة الحكم السابقة كان الفساد المنظّم الذي كان سياسيّة رسمية يشجّع عليها النظامُ ويغطي عليها، إلى أن أتت ثورة الحادي عشر من سبتمبر ٢٠١٤ واستبشر الناسُ خيراً بتحول عميق سيطرأ على الثقافة العامة في النظرة نحو المسئولية، وهذا ما حدث فقد أثبتت قيادةُ الثورة ممثلةً في السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي أنها نموذجٌ وقدوةٌ وعلامةٌ فارقة في العمل السياسيّ، فتعامل بالسياسة وفق مبادئ قرآنية تعتمدُ الصدقَ والوضوحَ بعيداً عن أكاذيب ونفاق مَن يدّعي ممارسة السياسة، فاستطاع أن يكونَ قائداً استثنائياً لا يقارَنُ بغيره، بحيث أصبح الناسُ لا يثقون إلا به وينتظرون كلماته ويرفعون أمرَهم وشكواهم إليه وينتظرون الإنصاف منه، بل ويضعُ الحلولَ لمؤسّسات الدولة كمواطن فيها كفل له الدستورُ تقديمَ الرؤى التي تفيد الدولة، كما أشار في أحد خطاباته بل إنه ورغم موقعه في قيادة الدولة لم يسعَ مطلقاً لتولي منصب ما فهو حقاً أكبر من أي منصب، وعندما اختار رجالاته لقيادة الدولة كانت اختيارات حكيمة قدمت نموذجاً راقياً من الالتزام والفهم والسياسة، فكان الشهيدُ الرئيس صالح الصمّاد الشخصَ الموسوعي الذي جسّد ثمرةَ تعاليم السيد عبدالملك خيرَ تمثيل، فكسب قلوب الناس وأصبح مثالاً في النزاهة والشفافية ولأول مرة في تأريخ اليمن يستشهدُ رئيسُها وهو لا يملك منزلاً يؤوي أطفاله في عاصمة بلاده.
وها هو الرئيسُ مهدي المشّاط على خُطَى سَلَفِه نزاهةً وقدوة وشعوراً بالمسئولية يقدم من خلال أدائه الدليلَ على عظمة الثورة وعظمة قائدها المرّبي لهؤلاء الرجال.
وكثيرٌ من المسئولين في الوزارات والمؤسّسات والهيئات من أمثال هذه النماذج التي دائماً ما يدعوهم السيد القائد لخدمة هذا الشعب العظيم بكفاءة ونزاهة وتقديم نموذج مختلف للمسئول الملتزم، بل وجعلهم يضعون من القُـرْآن دستوراً نصبَ أعينهم وَعهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر تعليماتٍ يلتزمونها في حياتهم.
ثورة ٢١ سبتمبر محلّ اختبار في أجهزة الدولة، فمن الواجب على مَن يُمَثِّلُها بداخل هذه الأجهزة أن يتحلَّى بحسٍّ عالٍ من المسئولية والنزاهة والمصداقية والتعامل الحَسَن بأخلاق مع المواطنين والموظفين؛ لأَنَّه يعكس قيم ومبادئ سامية تسعى لتحقيقها هذه الثورة.
نرى بعضَ الوزراء يجسّدون هذه القيم كأحسن ما يكونُ المسئولُ، محقّقين معنى المسئولية حقيقةً، هي دعوةٌ لنا جميعاً لنكونَ هذه القدوة المرتجاة ولنجسّدَ قيمَ قرآننا وتعليماتِ قيادة الثورة فبهذا وحدَه يتم التغييرُ في المجتمع نحو الأفضل، وبهذا يتأثَّرُ الناسُ ويندفعون نحو العمل وبذل الجُهد لإنجاح هذه المرحلة الصعبة؛ بسببِ حصار العدوان وانقطاع الرواتب
شكراً لكل مَن يجعلُ من نفسه قدوةً.