«ذا جلوبالست»: أمريكا أصبحت تدرك حقيقة النظام السعودي
متابعات:
قال جيمس دورسي -البروفيسور المتخصص في شؤون الشرق الأوسط- إن مشروع قرار مجلس الشيوخ الأمريكي الخاص بالسعودية، وفي حال تبنّيه وتنفيذه، سيغير ديناميات الساحة السياسية بالمنطقة، وسيفتح الباب أمام خروج مبدئي لعقد من الفوضى والصراع وسفك الدماء.
وأضاف الكاتب -في مقال بموقع «ذا جلوبالست»- أن مشروع القرار يصوّر النظام السعودي وسياسته عاملاً مضراً بمصالح وقيم أمريكا، ويعتبر ولي العهد محمد بن سلمان «متواطئاً» في جريمة اغتيال الصحافي المعارض جمال خاشقجي، ويحمّله مسؤولية حرب اليمن الكارثية، ويحمل في طياته أيضاً إشارات لفشل الحصار السعودي – الإماراتي على دولة قطر، بالإضافة إلى تعذيب الناشطين والمعارضين.
واعتبر دورسي أن المشروع لا يتعرض لسياسيات محمد بن سلمان فقط، وإنما بالتبعية يتناول أيضاً سياسات حليفه ولي عهد إمارة أبوظبي محمد بن زايد، الذي كان أول من زاره ولي العهد السعودي بعد قتل خاشقجي.
وتابع قائلاً: من الناحية العملية، فإن قرار مجلس الشيوخ في ما يخص السعودية، يشكل تحدياً لملك السعودية المقبل، ويثير أيضاً شكوكاً بشأن ما إذا كان بعض أقرب حلفائه، مثل محمد بن زايد، سيرغبون في البقاء في صفه في المستقبل، ويقترن اسمهم باسمه.
وأردف دورسي: علاوة على ذلك، فإن مطالبة المشروع بالإفراج عن الناشط السعودي رائف بدوي وناشطات حقوق الإنسان، يشكل تحدياً إضافياً للأعمدة الرئيسة لسياسات ولي عهد الرياض.
وأوضح الكاتب أن هذه السياسيات تشمل قمعاً من قبضة حديدية للمنتقدين، ومد الإصلاحات الاجتماعية المقترحة لتنويع الاقتصاد، بعيداً عن النفط، عوضاً عن السجل الحقوقي الشامل للمملكة.
ولفت الكاتب إلى النزاع الدبلوماسي بين الرياض وكندا، بسبب مطالبة الأخيرة بتحسين الأوضاع الحقوقية في المملكة، وإطلاق بدوي وناشطين آخرين، وهو الخلاف الذي أذهل كثيرين بعد طرد السفير الكندي.
لكن الكاتب أوضح أن محمد بن سلمان والسعودية، حتى قبل قانون مجلس الشيوخ المنتظر، بدأ يتضح لهم أن قلت خاشقجي قد أضعف المملكة على الساحة الدولية، وجعلها عرضة للنقد.
وذكر دورسي أن انطلاق محادثات بين النظام السعودي والحوثيين في اليمن بالسويد لإنهاء الحرب، يعد أثراً فورياً لموقف الملك المتغير نتيجة تداعيات قتل خاشقجي. واعتبر الكاتب أنه من هذا المنطلق، يكون القرار المزمع لمجلس الشيوخ غير مسبوق في نطاقه، وشدة انتقاده لحليف قديم لأمريكا.
وأوضح دورسي أنه وفيما سيؤدي قرار الكونجرس إلى غضب بعض حلفاء ولي عهد السعودية، فإنه مع ذلك -في حال تبنيه وتنفيذه- يمكن أن يقنع البعض (مثل محمد بن زايد) بتغيير استراتيجيتهم الرئيسة.
ولفت إلى أن العلاقة التي تجمع وليي عهد أبوظبي والرياض، تمثل حجر الأساس في استراتيجية محمد بن زايد لتنفيذ أهداف سياسته الخارجية والدفاعية والسياسية، إذ تشمل هذه الأهداف إبراز الإمارات كمنارة للإسلام المعاصر والحديث، وضمان بقاء الشرق الأوسط على هيئة تلائم النموذج السلطوي المعادي للإسلاميين الذي يتبناه محمد بن زايد، وتمكين الإمارات من تحقيق نفوذ سياسي وعسكري ودبلوماسي يفوق حجمها الطبيعي.
وأشار دورسي إلى أن الإمارات لكي تعوض حجمها الصغير، قررت أن تسعى خلف تحقيق أهدافها جزئياً، من خلال العمل مع محمد بن سلمان، باعتباره «الزعيم الأكثر براجماتية لم تشهد الرياض من قبل»، على حد وصف السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة.
وأكد دورسي أن تأثير قرار الكونجرس وما يعنيه بالنسبة للسياسة الأمريكية، سيعتمد إلى حد كبير على السياسات المختلفة بين المشرعين والرئيس دونالد ترامب، الذي سعى حتى الآن إلى حماية ولي العهد، مضيفاً أن ترامب على الأرجح، سواء أقر الكونجرس قانون السعودية من عدمه، سيضغط على المملكة لتقديم تنازلات يمكن أن يواجه بها الكونجرس الغاضب.
وأشار دورسي إلى أن هذه التنازلات يمكن أن تكون على شكل إطلاق فوري للنشطاء المسجونين، ثم حل أزمة قطر، وتقديم إشارات بالتجاوب في مفاوضات اليمن.
ويرى خبير شؤون الشرق الأوسط أن أي طريق سلكه الكونجرس، فإن تداعيات قتل خاقشجي وغضب المشرعين الأمريكيين إزاء المملكة، من المرجح أن تكون له عواقب وخيمة، ليس لولي عهد السعودية فحسب، ولكن أيضاً لخطط محمد بن زايد.
وأكد الكاتب أن انفساخ العقد بين محمد بن زايد ومحمد بن سلمان سيخرج المنطقة من نفق مظلم مدته عشر سنوات من الصراع والدم، تسبب في معظمه نزوع أبوظبي والرياض لتعزيز نفوذهما منذ اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011.