«30 نوفمبر» في عدن: رقعة الخلاف تتسع على حساب «القضية»؟
احتفى الجنوبيون بمناسبة «30 نوفمبر» كلاً على طريقته، «المجلس الانتقالي» الذي رفض خروج أنصاره إلى الشارع، قطع الطريق أيضاً على قوى «الحراك الجنوبي» ومنعهم من إقامة الفعالية في ساحة العروض في خور مكسر، مكتفياً بتنظيم عرض عسكري في عدن، وإقامة مهرجان في عتق بمحافظة شبوة.
قوى «الحراك» من جهتها لا تزال تتمسك بالساحات بصفتها تمثل رمزية بقاء الثورة الجنوبية متّقدة، وهي وجدت في هذه المناسبات التي اعتاد «الحراك الجنوبي» الخروج فيها إلى الساحات خلال الـ10 سنوات الماضية، الطريقة المثلى لتوصل رسائل متعددة من خلالها، تؤكد في مجملها أن «الحراك» قادر على تحريك الشعب لإفشال أي مخططات تنتقص من الحق الجنوبي الداعي إلى «استقلال الجنوب واستعادة دولته»؛ على أنه خلال سنوات الحرب الأولى بدءً من العام 2015، تراجع «الحراك» عن إقامة الفعاليات، إلى أن تم تشكيل «المجلس الإنتقالي»، فعادت معه قوى «الحراك» إلى الشارع مجدداً، من جهة خوفاً من أن يستأثر «الإنتقالي» بالقرار الجنوبي، ومن جهةً أخرى، نظراً لخشيتها من أن تتلاشى مكونات «الحراك»، بعدما حظي «المجلس الإنتقالي» بالدعم الخارجي على حساب بقية مكونات «الحراك الجنوبي».
لماذ رفض «الانتقالي» الخروج إلى الساحات؟
يرى المتحدث باسم «اللجنة التحصيرية لفعالية نوفمبر»، علي المسقعي، أن «الإنتقالي سعى لمنع الفعالية في خور مكسر عبر قوات الحزام الأمني التابعة للإمارات، حتى يقولوا إنه لا يوجد غيرنا في الساحة»، مضيفاً أنهم «عاجزين عن إقامة فعالية بسبب فقدانهم مصداقيتهم أمام الشارع الجنوبي».
من جهة ثانية، قال قيادي في «الحراك الجنوبي» لـ«العربي»، فضل عدم الكشف عن اسمه، إن «الانتقالي ملتزم للإمارات، والأخيرة تسعى إلى أن لا يكون هناك تظاهرات في الشارع لأنها تعلم أن الانتقالي لا يمكنه السيطرة على الشارع»، لافتةً إلى أن «التحالف لا يؤمن بالتظاهرات وبالمسيرات، ويريد من المواطن في المناطق الخاضعة لسيطرته أن تكون مثل المواطن في دول الخليج الممنوع من التظاهر والتعبير عن رأيه». واعتبر أن «المقبول عند الرياض وأبوظبي العرض العسكري والأمسيات والفعاليات الخالية من النكهة الثورية».
فعالية المنصورة الوجه الآخر لـ«الشرعية»؟
يقول مؤيدوا «الانتقالي» إن فعالية المنصورة هي الوجه الآخر لـ«الشرعية»، ومن نظمها شخصيات تتقلد مناصب في الحكومة وفي السلطة المحلية، حتى وإن أظهرت أنها قيادة لمكونات في «الحراك» أو في «المقاومة»، غير أن المنظمين لفعالية المنصورة، بحسب مراقبين، يمثلون الصوت الأقرب للسيادة والاستقلال ورفض التبعية للقوى الإقليمية، ويجاهرون علناً برفض سياسات الإمارات في الجنوب.
ما تقدم جاء أيضاً في كلمة القيادي في «المقاومة» أبو مشعل الكازمي، أمس الخميس في المنصورة، حيث أوضح أن «شبكة الغدر الإجرامية في العاصمة عدن تتبع جهات داخلية وخارجية، وهي اليوم معروفة والذي يدعمها معروف، ومن يقتل معروف، وللأسف الشديد تم استغلال المرتزقة لقتل أبناء الجنوب لأجل إيصال رسالة أن عدن غير آمنة»، ويتهم هذا الطرف قيادات «الإنتقالي» بـ«الارتزاق والارتهان للإمارات»، وهو ما جاء أيضاً في كلمة رئيس «المجلس الأعلى للحراك» صلاح الشنفرة حين قال، إن «أصحاب المادة والإرتزاق لا يمثلون القضية الجنوبية إنما يمثلون أنفسهم فقط».
وفي الوقت الذي يقول فيه «الإنتقالي» إنه الممثل الوحيد للجنوب، لا تزال تلك القيادات التي تناهض «الانتقالي» والتي نظّمت احتفالية المنصورة، تدعو إلى «حوار جنوبي جنوبي» من أجل تشكيل قيادة موحدة للجنوب، منبثقة عن مؤتمر جامع لكل الطيف الجنوبي، كل ذلك يجعل من تلك القوى أقرب للقضية الجنوبية وأدبياتها، حتى وإن كانت مقرّبة من «الشرعية».
الجنوب بين «الشرعية» و«الانتقالي»
هاجم المتحدث باسم «الفعالية» بعدما قدم استقالته، كل من «الانتقالي» ومكونات «الحراك» التابعة لـ«الشرعية»، وقال علي المسقعي، إنه «بعد اقتحام ساحة العروض من قبل ميليشيات الإمارات قرر الطرف الثاني نقل الفعالية للمنصورة تجنباً للفتنة»، مضيفاً أن «الحقيقية هدفهم جمع المال من الشرعية الوجه الأخر للاحتلال». ولفتت إلى أن «الطرفين دأبا على تلك التصرفات بعدما خلت لهم الساحة من الشرفاء وتمزق الشارع الجنوبي وأصبحت تلك المناسبات وسيلة للإرتزاق».
وبرأي مراقبين، أن مكونات «الحراك الجنوبي» التي لم تلتحق لا بـ«الشرعية» ولا بـ«الانتقالي»، لا تزال حاضرة في الساحة الجنوبية، لكنها لا تملك الإمكانيات لحشد الجنوبيين إلى الساحات، ودائماً ما تعبّر عن مواقفها السياسية من خلال البيانات، والتي تؤكد على أن «الجنوب يمرّ بظروف غاية في التعقيد بسبب تشابك مصالح قوى الاحتلال اليمنية والإقليمية والدولية».
هكذا جاءت الذكرى 51 لاستقلال الجنوب، لا يزال الجنوبيون يبحثون عن الإستقلال كل بطريقته، مع اتساع دائرة الخلاف بينهم، وهو خلاف يبدو غير منفصل عن رغبة وتدخل «التحالف» من أجل تشتيت الصوت الجنوبي الداعي إلى استقلال البلد وإقامة دولته كاملة السيادة.
*العربي| أحمد الحسني