القبائل اليمنية صنَعَت القُــوَّةَ الجهادية (1-2)
د/ هشام محمد الجنيد
إن محافَظةَ القبائل اليمنية على المبادئ والقيم الدينية عبر التأريخ صنَعَ القُــوَّةَ الجهادية للجيش واللجان الشعبيّة في صد العدوان السعوديّ الأمريكي وحلفائه.
وإن الجيش واللجان الشعبيّة الذين يخوضان معاً المعارك ضد العدوان السعوديّ الأمريكي وحلفائه إنما يجسّدان الأدوار التأريخية الجهادية الدفاعية للقبائل اليمنية في إلحاق الهزائم الساحقة ضد أعداء الإسلام؛ إيْمَـاناً وإخلاصاً في سبيل الله، لحماية ونصرة الإسلام، وللدفاع عن الوطن والإنْسَانية.
وتُعزَى هذه الانتصارات إلى محافظة القبيلة على خصائصها التأريخية وعلى المبادئ والقيم الدينية.
وقد أثبتت القبائل اليمنية عبر التأريخ الإسلامي وحتى الوقت الحاضر إيْمَـانها وإخلاصها في الجهاد في سبيل الله عملا بالمسئولية الإسلامية للدفاع عن الإسلام ونُصرته ووحدة الأمة الإسلامية.
ومن أهمّ خصائص القبائل اليمنية هي كالتالي:
1 ــ المجتمع اليمني يعشق الجهاد ليعيش حراً، قوياً، كريماً، لا خاضعاً ضعيفاً ذليلاً. وقد اشتهرت القبائل اليمنية تأريخياً ــ وما زالت ــ بالإيْمَـان والحكمة والدهاء والوعي الفكري والسياسي والإخلاص والولاء لرؤسائها، والقُــوَّة والبأس الشديد ضد الطغاة المعتدين. قال الله تعالى في سورة النمل (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ) الآيتان (32)، (33).
وفي المقابل، يتميّز مجتمع القبيلة اليمنية بأنه عاطفي ومُسالِم، وقد وصفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقوله (آتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة)، وحديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (الإيْمَـان يمانٍ والحكمة يمانية).
2 ــ شجاعةُ وبسالة اليمنيين في الحروب، وقد أثبت التأريخُ أن اليمنَ مقبرة للغزاة. ومنهم: الرومانيون، الأحباش، العثمانيون، الإنجليز. وحالياً الحاضر يثبت ويؤكِّد الماضي، ويدوِّن أقوى دفاع أسطوري بعون الله للجيش واللجان الشعبيّة ضد العدوان السعوديّ الأمريكي وحلفائه. وتأريخ سبأ وحمير ومعين والشعر اليمني أكّد هذه الخصائص العظيمة. لا بل تتميز القبائل اليمنية بالتضحية بالمال والرجال في سبيل الوقوف إلى جانب المظلومين ونصرتهم.
3 ــ أثبت التأريخُ الإسلامي إخلاصَ ووفاءَ اليمنيين في سبيل نصرة الحق منذُ دخول اليمنيين الإسلام وإيْمَـانهم بالأنبياء قبل أن يبعث الله تعالى رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. قال الله تعالى في سورة النمل (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) من الآية (44).
وأدوار القبائل اليمنية الجهادية ومنها قبيلتَي الأوس والخزرج كانت لنُصرة الإسلام، وما زالت، وستظلُّ القبائل اليمنية تجاهد لنصرة الإسلام. وقد أثبتت تأريخياً تحتَ قيادة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلحاق الهزائم باليهود: خيبر وبني النضير وبني قريظة وبني قينقاع ويهود فدك وغيرهم من اليهود المحيطين بالمدينة المنورة الذين نقضوا العهد مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وكانت النتيجة العادلة إخراجهم وطردهم من المدينة. قال الله تعالى في سورة الإسراء (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا) الآية (5). وكل المعارك الجهادية التي خاضها الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلّا ومعه الأنصار. وأدوارهم كذلك واضحة من خلال محطات الحروب الجهادية الإسلامية التأريخية اللاحقة التي خاضوها مع المؤمنين الصادقين أعلام الهدى عليهم السلام ضد أعداء الإسلام والمنافقين، وكانت لسلامة الدين الإسلامي ونصرة الحق. وهي حالياً على ذات الكرة تعيد الماضي بالمضي في الجهاد في سبيل الله لنصرة الإسلام وإتمامه، وبإذن الله ستنتصر على العدوان السعوديّ الإسرائيلي الأمريكي وحلفائه وبقيادة المجاهد العلم قائد المسيرة القرآنية.
4 ــ محافظة القبائل اليمنية على خصائصها التأريخية وحتى الوقت الحاضر، ومنها المحافظة على وحدة الرأي والموقف في مواجهة مُخَطّـطات الأعداء وجرائمهم. وخصائص القبائل اليمنية التأريخية ما زالت قائمة كموروث ثقافي اجتماعي يصعب بل يستحيل تفكيكه. الأمر الذي يجعل الصف القبلي والوطني بنية متماسكة وقوية لا يستطيع العدوان اختراقها أَوْ التغلب عليها. وما يؤكّــد صحة ذلك هو تماسك ووحدة القبيلة والنظام في مواجهة العدوان السعوديّ الأمريكي وحلفائه. الأمر الذي يؤكّــد في المقابل فشل تحقيق مُخَطّـطات وسياسات العدوان التضليلية الدينية والتأريخية والسياسية في اختراق الصف القبلي والوطني وتحت رعاية النظام السياسي السابق أَهْـدَافها في الوقت الراهن. وهذا ما أعجز العدوان بأن النظام (الجيش) والقبيلة (اللجان الشعبيّة) هما جسدٌ واحدٌ وهدفٌ وموقفٌ واحدٌ. بل إن قُــوَّة الجيش واللجان الشعبيّة هي التي أضعفت هذا العدوان. ولذلك لا يستطيع العدوان التغلب على اليمنيين لقسوة شدتهم. وسر هذه القُــوَّة يكمن في الفطرة الإنْسَانية التي تأبى إلّا أن يعيش اليمنيين على الكرامة والعزة والإباء، والتزام اليمنيون الأَحْــرَار بمنهج الهدى.
5 ــ أثبت التأريخ امتلاك القبائل اليمنية العزيمة الذاتية بوجوب التصدي والتغلب على أعداء الدين والوطن. وفي المقابل، لم يشهد التأريخ أن استسلمت القبائل اليمنية لأعداء الدين والوطن، ولن تكون لغة الاستسلام واردة في قاموس القبائل اليمنية ما دامت على المبادئ والقيم الدينية.
إن بسالة وشجاعة وقُــوَّة وإخلاص وإيْمَـان الجيش واللجان الشعبيّة هو امتداد لقُــوَّة وشجاعة ووفاء وإخلاص القبائل اليمنية بالدفاع عن الإسلام والوطن عبر مراحل التأريخ. وهذه الخصائص هي التي صنعت وما زالت تصنع الصمود الأسطوري للجيش واللجان الشعبيّة، وتحقّق الانتصارات تلو الأُخْــرَى في ظل قيادة مؤمنة وصادقة وحكيمة أمام العدوان السعوديّ الأمريكي الهمجي..
ما يتوجب علينا كمؤمنين أن نحافظ على وحدتنا ووقوفنا صفاً واحداً، ونلبي النداء للنفير العام لتعزيز الموقف، والجهاد في سبيل الله، وأن ندرك أن النصر على أعداء الإسلام، أعداء الوطن، لسلامة الدين وتحرير الأمة الإسلامية ووحدتها، ورفع رايتها في كُــلّ أرجاء المعمورة لنيل حريتها وعزتها وكرامتها مرتبط بطاعتنا وولايتنا لله ولرسوله ولأولي الأمر، وفي إطار الالتزام بمنهج الهدى. وعلينا الالتزام بالدعاء والاستغفار والتسبيح. (تكملة الموضوع في عدد قادم).
نسألُ اللهَ تعالى أن ينصُرَنا بنصره على أعداء الإسلام والوطن والإنْسَانية، إنه سميعُ الدُّعَـاء..