«التحالف» يستجيب لترامب: لإنهاء الحرب بأسرع ما يمكن.. استماتة على تخوم الحديدة بلا نتائج
موقع متابعات | تقارير | جريدة الأخبار اللبنانية:
كسرت السعودية والإمارات، أمس، صمتهما عن الدفع الأميركي نحو إنهاء الحرب في اليمن، مُعلنتَين التزامهما تحقيق ذلك في «أسرع وقت ممكن». وبقدر ما أكد هذا الإعلان حراجة موقف الرياض وأبو ظبي، فقد أثبت أيضاً أن ما تقوم به قواتهما اليوم على الساحل الغربي إنما هو من باب «تجريب الحظّ» لمرّة ـــ قد تكون الأخيرة ـــ لا تبدو في شيء أفضل من سابقاتها
انتظرت السعودية والإمارات خمسة أيام للردّ على دعوة إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى وقف الحرب في اليمن؛ ربما حتى لا تظهرا بمظهر المُنفّذ للأوامر. خلال تلك الأيام، حاولتا تحصيل مكسب على جبهة الساحل الغربي يجعل الجلوس إلى طاولة التفاوض أقلّ وطأة، لكنهما عجزتا، فخرجتا لتقولا إن ما تشهده الجبهة المذكورة ليس هجوماً جديداً على مدينة الحديدة. ادعاء أرادت من ورائه الدولتان التغطية على الفشل المتجدد عند تخوم المدينة، مثلما موّهتا التجاوب مع الدعوة «الترامبية» بتأخير التعليق، إلا أن الرسالة وصلت: الرياض وأبو ظبي مستعدتان لإنهاء القتال، في إعلان من شأنه تعزيز الطابع الجدي للمبادرة الأميركية، والذي أضاف إليه ترامب أمس عنصراً جديداً بتوجيهه انتقادات علنية إلى «التحالف».
ونقلت وكالة «فرانس برس»، أمس، عن مصدر في «التحالف» قوله إن المعارك الأخيرة في الحديدة ليست «عمليات هجومية» لدخول المدينة والسيطرة على مينائها، وأن السعودية والإمارات «ملتزمتان إبقاء ميناء الحديدة مفتوحاً». وجاء هذا «التوضيح» بعدما فشلت الميليشيات المدعومة إماراتياً، على مدار 4 أيام (منذ فجر الجمعة الماضي)، في قطع خطوط إمداد الجيش واللجان الشعبية من صنعاء إلى الحديدة، أو في السيطرة على مواقع داخل المدينة. وعمدت وسائل الإعلام الموالية للرياض وأبو ظبي، خلال الساعات الماضية، إلى الترويج لـ«انتصارات كبيرة» على جبهة الحديدة، مُتحدثة عن قرب تطويق المدينة من جميع الجهات، ومُعلنةً السيطرة على كلية الهندسة في جامعة الحديدة وعلى مدينة الصالح في مديرية الحالي. إلا أن ما حدث واقعاً، وفق مصادر ميدانية، أن الميليشيات المدعومة إماراتياً نفذت، صباح الأحد، عملية التفاف عبر المناطق الصحراوية الواقعة شمال منطقة كيلو 16، لتصل إلى خط التماس بالقرب من مدينة الصالح وتتسلّل منه إلى داخلها، لكن سرعان ما أُخرِجَت أمس من تلك المواقع، وسُدّت المنافذ التي عبرت من خلالها.
وصف ترامب اليمن بأنه «المكان الأكثر فظاعة على وجه الأرض»
ومع ذلك، استمرت المواجهات حتى ساعات المساء في شرق الحديدة وفي جنوب شرقها، وسط غارات مكثفة لطيران «التحالف» وقصف مدفعي من القوات الموالية له أدى إلى مقتل مدنيَّين اثنين وإصابة 7 آخرين. وأفادت مصادر ميدانية «الأخبار» بتواصل المعارك العنيفة في شرق شارع الخمسين، وصولاً إلى محيط مدينة الصالح، نافية في الوقت نفسه حدوث تقدم للميليشيات المدعومة إماراتياً أو تمكّنها من تحقيق سيطرة ثابتة في أيّ من محاور المواجهات. وهو ما أكّده المتحدث باسم القوات المسلحة يحيى سريع، الذي أعلن «إفشال هجمات للعدو على منطقة كيلو 16 من ثلاثة مسارات»، جازماً بأن المهاجمين «لم يستطيعوا إحراز أي تقدم». وأشار إلى تكبيد القوات الموالية لـ«التحالف» «خسائر كبيرة» بلغت «30 قتيلاً، و50 جريحاً»، فضلاً عن «تدمير 13 مدرعة وآلية عسكرية». وحذّر سريع «قوى العدوان ومرتزقته من مغبة الاستمرار في توهّم إمكانية إحراز تقدم أو نجاح ميداني يحفظ ماء الوجه، لأنهم بذلك يسوقون جحافلهم إلى محارق الموت والهلاك الحتمي». وكان عضو وفد صنعاء التفاوضي، عبد الملك العجري، قد رأى في ما يحدث «تهوّراً غبياً يثبت حجم الضغط من أسيادهم لتحقيق شيء»، فيما أكد رئيس الوفد نفسه محمد عبد السلام، أن «التحالف المأزوم عاجز عن تحقيق أي تقدم يذكر، لا في الحديدة ولا في غيرها».
هذا العجز حاول «التحالف» التغطية عليه بنفيه الطابع الهجومي للعمليات المتجددة في الحديدة، على رغم مشاركته المُكثّفة في مساندة العمليات التي أعلنَتها رسمياً سابقاً قيادة القوات الموالية له. تمويه يتجلّى، كذلك، في خروج السعودية والإمارات عن صمتهما عن الدعوات المتزايدة إلى وقف إطلاق النار؛ إذ أكد مصدر في «التحالف» أن الأخير «ملتزم خفض وتيرة أعمال العنف… ويدعم بشدة العملية السياسية التي يقودها مبعوث الأمم المتحدة»، مضيفاً في حديث إلى «فرانس برس»: «(إننا) ملتزمون إنهاء الصراع في أسرع وقت ممكن». وعلى رغم أن «التحالف» ربط ذلك «الالتزام» باعتبارات «الوضع الإنساني» الذي أضحى «غير مقبول»، إلا أن كلامه ـــ الذي ظهر متعمَّداً تسريبه من طريق مصدر مجهول بدلاً من إعلانه عبر المتحدث الرسمي تركي المالكي تفادياً للإحراج ـــ بدا أنه جاء تجاوباً مع دعوة وزيرَي دفاع الولايات المتحدة وخارجيتها، جيمس ماتيس ومايك بومبيو، إلى تعليق الأعمال القتالية والعودة إلى الحوار خلال 30 يوماً.
وهي دعوة عزّزها، أمس، الرئيس الأميركي بوصفه اليمن بأنه «المكان الأكثر فظاعة على وجه الأرض»، وتحميله السعوديين مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع هناك. إذ قال ترامب، في معرض تعليقه على مجزرة ضحيان الشهيرة، إن «هؤلاء أناس لا يعرفون كيف يتعاملون مع السلاح»، في توصيف يستهدف ـــ فضلاً عن تبرئة ساحة واشنطن من الجريمة ــــ تزخيم الدفع الأميركي (اللفظي إلى الآن) نحو وقف الحرب، تحت لافتة إنهاء الأزمة الإنسانية. وفي تعليقه على موقف ترامب، رأى الناطق باسم «أنصار الله»، محمد عبد السلام، أن كلامه «بمقدار ما هو توبيخ للوكلاء الفاشلين، هو إدانة واضحة لأميركا بأنها المسؤولة عن كل جريمة وقعت في اليمن».