يبدو أن حظوظ التهدئة في الجنوب لم يكتب لها النجاح، فقد ظهرت على السطح ملامح التعطيل المتعمد لمساعي معين عبدالملك، رئيس حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، المسنود بدعم سعودي. التعطيل هذه المرة، وعلى غير ما كان معلناً في عهد رئيس الحكومة السابق، أحمد عبيد بن دغر، جاء بطريقة غير مباشرة وغير معلنة.

بعد 5 أيام من وصول المنحة السعودية، والتي من المفترض أنها تحلّ ملف مشكلة الكهرباء بشكل نهائي، عاشت مدينة عدن في ظلام دامس وارتفعت وتيرة الانقطاعات بالتزامن مع انقطاع المياه في بعض مناطق المحافظة، في ظل تحذير «مؤسسة مياه عدن» من انقطاع كلي بسبب نقص الوقود. لم يقتصر التعطيل على ملفي الكهرباء والمياه، بل وصل إلى تعطيل مياه الصرف الصحي، وغرقت شوارع خور مكسر بـ«المجاري»، بعد أن عطّل مجهولون أنابيب المجاري في المدينة، لمرتين على التوالي.

من يقف خلف عرقلة عبد الملك؟

«المجلس الانتقالي» الذي بدا ملتزماً بالتهدئة المفروضة من قبل «التحالف» مشترطاً عدم خوض عبد الملك في القضايا السياسية وتجنبه استفزاز الجنوبيين، واستباقاً لعامل الوقت الذي من المفترض أن يكون مقياساً لفشل رئيس الحكومة الجديد من نجاحه، تنبأ رئيس «المجلس الانتقالي» عيدروس الزبيدي، قبل وصول عبد الملك إلى عدن، بأنه «لن يفعل شيئاً»، مقارنة بالجنوبي بن دغر، الذي كان «يستطيع تقديم شيء».

الأيام القليلة الماضية كشفت أن عملاً ممنهجاً يقف خلف عرقلة وعود رئيس الحكومة الجديد، ومن خلفه الرياض، بحلّ ملف الخدمات. وبحسب مصدر لـ«العربي» أكد أن «المنحة السعودية أوقفت ولم يتم توزيعها على محطات توليد الكهرباء ما تسبب في انقطاع شبه كلي في عدن»، مضيفاً أن «الحكومة وعدت بتصريف الحصص من المشتقات لكن جهات عرقلة خروج تلك الكميات»، والأمر تكرر أيضاً مع «مؤسسة المياه» التي لم تصلها مادة الديزل.

وبرأي محللين، فإن «المجلس الانتقالي» لا يمكن أن يسمح لحكومة معين عبد الملك من تحقيق أي إنجازات في عدن، ويعتبر نجاح الحكومة يشكل ضعف لـ«المجلس الانتقالي»، ويسحب البساط منه، ويفقده تمثيل دور«المنقذ» في الجنوب، كما أن نجاح معين عبدالملك، يلقي باللوم على أبوظبي التي تتحكم بالأوضاع في الجنوب خلال 3 السنوات الماضية، دون تحقيق إنجازات في ملف الاقتصاد والخدمات.

 خلاف الرياض وأبوظبي

حمّل نشطاء وكتاب وسياسيون تابعون لـ«المجلس الانتقالي» وموالين لأبوظبي، «الشرعية» سبب تدهور الخدمات خلال الأيام الماضية، وأعطت مواقع ممولة من أبوظبي مساحة واسعة للهجوم على «الشرعية» بصفتها تتحمّل مسؤولية الإخفاق، وتداولت معلومات تتحدث عن «سرقة ميلون دولار يومياً من المنحة السعودية».

وفي هذا السياق، اعتبر الصاحفي ياسر اليافعي، على صفحته في «فيسبوك» أن «مساعي تتعمّد إفشال خطوات السعودية، وعرقلة توزيع الوقود إلى المحطات الكهربائية».

فيما حمّل الناشط السياسي محمد مظفر، السفير السعودي محمد آل جابر، مسؤولية «الفشل بسبب تعامله مع الحكومة»، لافتاً إلى أن «الذي فشل في الحفاظ على صنعاء سيفشل في الحفاظ على عدن»، وكشف أنه تم التلاعب بالمشتقات وأن «نتائج الفحص المخبري لشركة سي بولت أظهرت أن الديزل السعودي سُرق وتم استبداله بنوعية رديئة».

وبرأي مراقبين، فإن تلك التسريبات والتصريحات من قبل نشطاء ومواقع إخبارية موالية لأبوظبي، والتي تهاجم السفير السعودي آل جابر والحكومة معاً، تكشف حجم الخلاف بين الرياض وأبوظبي في الجنوب، وتظهر إلى السطح نية أبوظبي عرقلة جهود حكومة معين عبدالملك، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل «التهدئة» بين «المجلس الانتقالي» و«الشرعية»، لكن تلك السياسات التي ستؤدي حتماً إلى مزيد من التدهور في الخدمات، برأي مراقبين، ستفاقم موجة الغضب الشعبي الرافض لتواجد «التحالف».

*العربي