اليمنيون يحتفون برحيل الاحتلال البريطاني وأعينهم على طرد الإمارات
يعيش اليمنيون هذه الأيام الذكرى الـ(55) لتحرير جنوب بلادهم من الاحتلال البريطاني، لكن وجود دولة الإمارات العربية وبسط سيطرتها على الجنوب، وتشكيلها مليشيات تدعم الانفصال، ومتورطة في عمليات اغتيال، أفسدت عليهم فرحتهم، وأعادتهم لذكرى الاستعمار.
وعملت الإمارات على بناء قواعد عسكرية في الجنوب اليمني في الفترة الأخيرة؛ بهدف السيطرة على الموانئ الرئيسة في محافظات الجنوب، إضافة إلى تسجيل العديد من انتهاكات حقوق الإنسان، وفقاً لتقارير دولية.
ممارسات الإمارات التي لا تتوقف جعلت اليمنيين ينظرون إليها كدولة احتلال لبلادهم يجب إخراجها، حيث شهد الجنوب اليمني مظاهرات حاشدة ضد وجود أبوظبي.
وشكلت الإمارات مجلساً انتقالياً ليكون بديلاً عن حكومة هادي في اليمن، حيث دعمته بالمال، وأصبحت توجه لتصدير مواقف سياسية تخدم وجودها في البلاد.
تناقضات الاحتلال والانفصال
المحلل السياسي اليمني عبد الرقيب الهدياني يقول: إن “ذكرى ثورة 14 أكتوبر تتناقض مع واقعين موجودين على الأرض في المحافظات الجنوبية؛ الأول هو الاحتلال الإماراتي. فبعد أن كانت الثورة لطرد الاحتلال البريطاني، الآن الاحتلال الجديد يسيطر على هذا الجزء من اليمن”.
ويضيف في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “الأمر الآخر الذي يتناقض مع الثورة هو الدعوات الانفصالية التي يطلقها ما يسمى بالمجلس الانتقالي تحت لافتة الجنوب العربي، الذي كان مشروعاً بريطانيّاً ويهدف إلى سلخ الجنوب من يمنيته”.
ويعتبر الهدياني أن نداء الانفصال تحت لافتة الجنوب العربي “يتناقض جملة وتفصيلاً مع أهداف ثورة 14 أكتوبر التي أُنجزت بتنسيق ودعم الأخوة في الشمال، وأول شهيد في الثورة هو غالب لبوزة كان قادماً من الشمال”.
ويوضح أنه لا مكان للاحتفال بثورة 14 أكتوبر عند من يؤيدون احتلال الأراضي اليمنية لمصلحة الإمارات، ومن ينادون بالتشطير وتقسيم اليمن ويدعون للجنوب العربي.
ترسيخ الانفصال
بدوره يرى المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أن الإمارات حققت على الأرض وتحت مظلة الحرب على انصار الله والإرهاب بعض الخطوات العملية باتجاه ترسيخ الانفصال، و”المتمثلة في توسيع الفجوة الاجتماعية بين اليمنيين، وفي التشكيلات العسكرية الانفصالية التي تشكل وقائع مهددة لكيان الدولة اليمنية”.
ويقول التميمي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: إن “مهمة تفكيك الدولة اليمنية لن تكون سهلة أو متاحة للإمارات في هذه المرحلة، رغم التحديات الهائلة التي أقامتها أمام مهمة تطبيع الأوضاع في اليمن الموحد”.
ويلفت التميمي إلى وجود تحول في المزاج الشعبي بالجنوب والشمال معاً تجاه “الدور السيئ للإمارات”، وتجاه التغطية السعودية لهذا الدور، بالإضافة إلى ما تقوم به المملكة نفسها في المهرة (نشر قوات سعودية).
ويوضح أن “هناك حراكاً وطنياً واسعاً وعابراً للحدود الشطرية التي حاولت الإمارات إعادتها مادياً ومعنوياً، وهذا الحراك يتأسس على إيمان قوي بالدولة الاتحادية، وشعور عارم بالغضب من التجاوزات الخطيرة للإمارات والتحالف”.
ويؤكد المحلل السياسي اليمني أن “الحراك يعيد الاعتبار للثورة اليمنية الخالدة (26 سبتمبر و14 أكتوبر)، ويُحيّد قوى الأمر الواقع التي هيأتها الإمارات للنيل من الوحدة اليمنية وترسيخ الانفصال، خصوصاً أن أبوظبي لم تأت إلى الجنوب إلا بالسجون والاعتقالات والتغييب والتعذيب والقتل والاغتيالات، وإحياء النزعات المناطقية”.
واستمر الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن مئة وتسعة وعشرين عاماً، ولكن اليمنيون لم يتوقفوا يوماً عن مقاومة الاحتلال ومجابهته حتى طرده منه نوفمبر عام 1967.
تحذيرات من القوة العسكرية
القيادي في الحراك الجنوبي فادي باعوم، يصف وجود الإمارات في اليمن بالاحتلال، حسب الشواهد على الأرض، حيث يتصرف الإماراتيون “بالعنجهية والغرور والصلف”، حسب قوله.
ويقول باعوم في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: إن “الاحتلال الإماراتي إلى زوال وفي أقرب فرصة، لا تتوقع كم سنة، لا لا قل لي كم شهراً؟ وهذا كلام مفروغ منه وسيبقى الجنوب لنا بإذن الله، ولا يستطيع أحد أن يفرض إلا ما نريده نحن، والشواهد كثيرة في هذا الصدد”.
ويوضح أن كل الوقائع تؤكد أن الاحتلال الإماراتي لا يستطيع بأي حال من الأحوال الاستمرار في أرض اليمن، خاصةً مع قلب الطاولة عليه في كل محافظات الجنوب بالتظاهرات والاحتجاجات السلمية.
ويحذر القيادي في الحرك الجنوبي من استخدام متوقع للقوة العسكرية من قبل الإماراتيين لقمع كل الرافضين لوجودهم المحتل، بحسب وصفه، مؤكداً أنهم سيواجهون شعباً بأكمله ولن يستطيعوا أن يصمدوا أو أدواتهم أمام إرادة شعبية جنوبية.
ويشدد على وجود رفض شعبي للاحتلال الإماراتي، “رغم محاولات إعلامه التغطية على ذلك فالواقع مخالف تماماً لما تجدونه في وسائل الإعلام”.
ويختتم باعوم حديثه بمطالبته الإمارات بالرحيل عن اليمن، وعدم مواجهة أهلها؛ لأن لديهم إرادة قوية وصلبة ضد أي احتلال لبلدهم.