مجزرة الصالة الكبرى والمشاعر الميتة
محمد المنصور
في ذِكْــرَى مجزرة القاعة الكبرى، بكل أسف ظلت مجرد ذِكْــرَى مجزرة القاعة الكبرى التي ارتكبتها طائراتُ تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي في وضح النهار، وراح ضحيتَها العشراتُ من كبار القيادات السياسية والأمنية والعسكرية والاجتماعية وغيرهم من المواطنين اليمنيين.
فقد حالت الحساباتُ السياسية القاصرة لدى بعض القوى دون أن تشكِّلَ تلك الجريمةُ الكبرى المروّعة حافزاً لتوحيد الرؤية الوطنية باتجاه العدوان السعوديّ الأمريكي الإماراتي التحالفي المجرم ومواجهته، وفضح أهدافه التي كشفت عنها مجزرةُ الصالة الكبرى وأكّدت بما لا يدعُ مجالاً للشك بأن الاستهداف هو لكل اليمنيين دون استثناء، وأن العدوان وصل في جريمته تلك إلى أحط أنواع الإجرام والاستهتار بالنفس البشرية والإنسان اليمني، وأنه لا يأبهُ لقوانين الحرب ولا لقوانين حقوق الإنسان، فهو ومنذُ البداية لا يفرِّقُ في جرائمه ومجازره بين حزبٍ وآخر ومنطقة وأُخْــرَى وقائد عسكري كبير ومواطن بسيط ولا بين طفل وامرأة وشيخ مسن، كما لا يفرّق بين هدف مدني وآخر عسكري.
مرت مجزرةُ وجريمةُ الصالة الكبرى كغيرها من مجازر العدوان دون أن تترك أثراً كبيراً في مستوى وعي المثقفين والحقوقيين اليمنيين وبعض الأحزاب السياسية والقوى الاجتماعية التي ظل بعضُها وحتى اللحظة محايداً أَوْ صامتاً أَوْ متواطئاً مع العدوان، ومبرّراً لجرائمه ومجازره وحصاره؛ نكاية بالوطن نفسه وبالمدافعين عنه والمضحين من أجله.
ثقافةُ الارتزاق للسعوديّة والإمارات من قِبَلِ الطبقة السياسية وغالبية الأحزاب والكثير من الشخصيات الاجتماعية والقبلية والعسكرية وغيرها لعشراتِ السنين خلقت ثقافةَ انبطاح ودونية في الواقع اليمني عجيبة وغريبة، لعلَّها تفسر ارتماءَها الذليلَ اليومَ في بؤرة العمالة للسعوديّة والإمارات وخيانة الوطن والمبادئ والقيم.
المشاعرُ الميتةُ لتلك القوى إزاءَ جريمة الصالة الكبرى قتلت شهداء الصالة الكبرى للمرة الثانية، وأعطت للسعوديّة والإمارات ومرتزقتهما وتحالفهما المجرم الضوء الأخضر لارتكاب المزيد من المجازر والجرائم وكانت من أسباب استمرار العدوان على بلادنا.
يتحمل تحالفُ العدوان السعوديّ الأمريكي الإماراتي بالطبع المسؤوليةَ الجنائيةَ المباشرةَ عن الجريمة، وتتحمّل الأممُ المتحدة والمجتمع الدولي مسؤوليةَ التغطية على الجريمة، وعدم التحقيق فيها كما في غيرها من الجرائم.
رحم اللهُ شهداءَ الصالة الكبرى وغيرَهم من الشهداء الذين يجبُ أن ننتصرَ لهم بالمزيد من الصمود بوجه العدوان والحصار، وبإفشال أهدافه الإجرامية ومُخَطّطاته المشبوهة.