من البلاط إلى المنفى .. لماذا يريد ابن سلمان إسكات خاشقجي؟
متابعات:
علق رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” ديفد هيرست على اختفاء الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول من منطلق أنه صديقه، وألمح إلى أن مقاله هذا قد يفتقر إلى الموضوعية.
وأشار إلى أنه خلال الأحاديث الكثيرة التي جمعتهما لفترة طويلة بعد اختلافه مع النظام الجديد في الرياض تحت حكم ولي العهد محمد بن سلمان؛ تجنب خاشقجي بذكاء تسمية نفسه “معارضا سعوديا”، واعتبر نفسه مواليا وابن المؤسسة وصحفيا ومخضرما في السياسة الخارجية، حيث كان داخل الدائرة المظلمة من البلاط الملكي قبل فترة ليست بعيدة، وفي بعض المناسبات كان يسافر معهم.
وساق الكاتب بعض الأمثلة عن مفارقة خاشقجي لبعض الليبراليين الغربيين المنتقدين للمملكة، وكيف أنه أيد -في البداية على الأقل- الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، حيث كان يعتقد -كم هي الحال مع العديد من المحللين العرب السنة- بأن إيران تجاوزت نطاق تغلغلها في العالم العربي السني، وأن الوقت قد حان للسعودية لصدها.
ودافع عن عقوبة الإعدام، وأيد حملة قمع الفساد، إذا أمكن إقناعه بأنها كانت حقيقية، كما دعم محاولات تنويع وخصخصة اقتصاد يعتمد على النفط.
لكن خاشقجي -يقول هيرست- التزم بمبدأ واحد مفاده أن الدائرة الصغيرة حول محمد بن سلمان لم تكن قادرة على تحمل خاصية أكسبته عداوتهم الأبدية. وأضاف أنه كان يعبر عن رأيه بصراحة ووضوح في ما يقوله، وكان يعتقد بأنه لا يوجد سوى مسار واحد يجب أن تسير فيه المملكة في القرن 21، ألا وهو ديمقراطية تتفتح ببطء، وتتقدمها ملكية دستورية متراجعة تدريجيا.
وكان يخشى من أن يقود ولي العهد البلاد إلى الإفلاس في نهاية المطاف؛ نتيجة مشاريعه التفاخرية الزائفة، من أجل إقامة مدن متلألئة جديدة في الرمال، مدن ستبقى خاوية على عروشها.
واستطرد هيرست بأن خاشقجي أدرك أن محمد بن سلمان كانت له شعبية لدى الشباب، لكنه أدرك أن تلك الشعبية ستستمر إلى النقطة التي سيضطرون عندها إلى فتح محافظهم العامرة. وكان خاشقجي يولي اهتماما بتقارير هروب رؤوس الأموال.
وأشار هيرست إلى أن ما حدث مع خاشقجي داخل القنصلية السعودية واحتجازه فيها، هو أكبر دليل على شخصيات ونوايا أولئك الذين يديرون المشهد في الرياض، وأضاف أن هذا الأمر يبدد أسطورة العلاقات العامة الممولة جيدا، التي أوقعت في الشرك صحفيين مخضرمين مثل توماس فريدمان من صحيفة نيويورك تايمز وصديق خاشقجي في الواشنطن بوست ديفد أغناتيوس، اللذين امتدحا محمد بن سلمان كمصلح.
وانتقد الكاتب محمد بن سلمان بأنه محب للانتقام، ويحمل الضغائن، وعنيد جدا، وليس لديه احترام لسيادة أو أرض أو بلاط أو إعلام دولة أخرى، وأنه متهور، وإذا كان قام بهذا العمل الجريء في إسطنبول على أرض تركية فهذا إجراء يدل على مدى تهوره وتهور الدائرة الضيقة المحيطة به.
وألمح الكاتب إلى التدهور المستمر في العلاقات بين السعودية وتركيا منذ محاولة الانقلاب ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل عامين، حيث بات واضحا موقف الإعلام السعودي الرسمي المناوئ خلال ليلة الانقلاب، الذي ردد كل معلقيه القول إن أردوغان إما أنه قتل أو فر من البلاد، ولا تزال تلك الذكريات حاضرة في مخيلة الرئاسة التركية.
وأضاف أنه إذا كان محمد بن سلمان جازف بإيصال العلاقات السعودية مع تركيا إلى مستوى منخفض جديد بخطف صحفي بارز على أرض أردوغان؛ فهذا مؤشر آخر على مدى اضطراب الحاكم القادم للمملكة.
وختم هيرست مقاله بأن خاشقجي كان أول من حذر السعوديين من مخاطر التعاون مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واعتبر هذا هو السبب الأساسي في اختلافه مع النظام السعودي.