«ترميم المؤتمر»: إحراج لهادي ورسالة تطمين للأمم المتحدة
في الوقت الذي لم تتمكن فيه قيادات حزب «المؤتمر الشعبي العام» من لملمة الحزب واتخاذ أي إجراء على طريق استعادة الحزب استقراره ولو نسبياً، جاءت من صنعاء بوادر وصفها سياسيون بأنها جيّدة. رئيس الحزب صادق أمين أبو راس، أصدر قراراً بتعيين أحمد علي عبدالله صالح، عضواً في اللجنة الدائمة للحزب، وأصدر قراراً مماثلاً بتعيين عوض عارف الزوكا، عضواً في اللجنة الدائمة للحزب.
قرار أبو راس جاء بعد يوم واحد من إفراج «أنصار الله» عن نجلَي صالح، صلاح ومديَن، المحتجزان منذ أحداث ديسمبر الماضي. وقرار الإفراج خطوة لم تكن متوقعة، ولكن حركة «أنصار الله» بادرت وأفرجت عن نجلي صالح بترتيب محلي وتنسيق إقليمي ودولي. وفي سياق الرتيب نفسه، أتى كان الإعلان عن تعيين أحمد علي عبدالله صالح، عضواً في اللجنة الدائمة لـ«المؤتمر».
مصادر سياسية مؤتمرية في صنعاء، ومقرّبة من «أنصار الله»، أكدت في حديثها إلى «العربي»، على أن القرار «كان مفاجئاً للجميع على مستوى مؤتمر صنعاء وعلى مستوى مؤتمر الخارج الذين هم تفاجؤوا أيضاً بهذه الخطوة غير المتوقعة».
اتفاق بين أنصار الله و«المؤتمر»
وكشفت المصادر عن «اتفاق جرى بين أنصار الله والمؤتمر في صنعاء، وبوادر هذا الاتفاق بدأت علاماته ونتائجه تظهر على السطح بشكل واضح ربما، فقد تم الإفراج عن نجلي صالح وهذه الخطوة ليست بسيطة، إضافة إلى ما تم الإعلان عنه من قبل أبو راس بتعيين نجلي صالح الأكبر عضوا في اللجنة الدائمة، وهناك قرارات قادمة ستعلن عنها في هذا السياق في الأيام المقبلة».
وقالت المصادر «المؤتمرية» بصنعاء، لـ «العربي»، إن «مؤتمر صنعاء يعمل عن كثب وبترتيب داخلي وخارجي نحو توحيد الحزب تحت قيادة واحدة، وصنعاء هي المكان الوحيد لتوحيد الحزب، خصوصا بعد أن فشلت كل المحاولات في توحيد الحزب من قبل قيادات واجنحة الخارج سواء الذين يقيمون في القاهرة أو أبو ظبي أو الرياض».
من جهة أخرى، كشفت مصادر سياسية في «أنصار الله» لـ «العربي»، عن أن «هناك توجه جديد لدى أنصار الله لإعادة ترتيب الوضع السياسي في صنعاء، ومساعدة المؤتمر الشعبي العام في إعادة ترتيب وضعه والخطوتين التي تمت في صنعاء تأتي في هذا السياق».
ولفتت المصادر إلى أن «هذا الترتيب تم بناء على وساطة عُمانية، ونقاشات جرت بين زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي وبين المبعوث الأممي مارتن جريفيث، خصوصاً بشأن ملف المعتقلين السياسيين وبشأن الحوار القادم».
وأشارت إلى أن «جريفيث أكد أثناء مغادرته صنعاء قبل أيام وفي زيارته الأخيرة، على أنه التقى أنصار الله وهناك نتائج طيبة بشأن الذهاب نحو المفاوضات وبشأن ملف المعتقلين السياسيين. مشدّداً على «تفهّم واستعداد أنصار الله بهذا الشأن وبشكل جدي».
رسالة مزدوجة
إلى مصادر سياسية في صنعاء، مقرّبة من «أنصار الله»، توجه «العربي» لمعرفة أبعاد ما جرى ويجري، وبدورها قالت إن «الإفراج عن نجلي صالح وقرار المؤتمر الذي اتخذه صادق أمين أبو راس، رسالة واضحة من قبل الأنصار، للداخل والخارج، للسعودية وللشرعية ولهادي ولأبو ظبي وغيرهم».
وتابعت المصادر أن «صنعاء تتفق مع متناقضاتها وتسوي ملعبها من مشاكل مستقبلية بهذا الإجراء، ورسالة الأنصار للجميع هي أن صنعاء تصنع التغيير وتقبل الكل مهما كان رأس السلطة وتقدم نموذج أفضل من مأرب وعدن ولكل اليمنيين».
إلى مصادر سياسية في «الشرعية»، توجه «العربي» أيضاً بسؤال عن طبيعة التقدير لديهم بشأن الخطوة التي اتخذتها «أنصار الله»، وتمثلت بإطلاق سراح نجلي صالح، فقالت تلك المصادر إن «خطوة أنصار الله فيها رسالة واضحة إلى الأمم المتحدة كتدشين لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ورسالة لمحبي صالح بهدف استعادة التحالف مع مؤتمر الداخل».
وعن التقدير لدى «الشرعية» بشأن قرار تعيين أحمد علي، عضواً في اللجنة الدائمة، قالت المصادر المقرّبة من هادي ومن جناح مؤتمر «الشرعية»، إن «خطوة أنصار الله فيها إحراج لهادي، وأيضاً يبدو أنها محاولة لسحب المؤتمريين الذين في الخارج إلى الداخل، وبالتالي اضعاف هادي مؤتمرياً».
ولفتت المصادر إلى أن «هادي لن يتمكن من اتخاذ ترفيع أحمد علي، وهو ما زال تحت العقوبات لأن ذلك سيدفع إلى إعادة النظر بالقرار الأممي وخصوصاً 2216».
وتذهب المصادر بالقول إن «مؤتمر صنعاء يبدو أنه سيتمسك بأحمد علي، وكورقة سياسية سيحاول الضغط بها عند التسويات القادمة، ومن ناحية ثانية يبدو أن جماعة الحوثي اتخذت وساعدت المؤتمر على هذه الخطوة التي تهدف إلى ترميم سمعة المؤتمر كما وترميم وضعه»، لكنها رأت أنها «ترميمات لشروخ لا تترمم».