نص الخطاب: السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في ذكرى استشهاد الإمام زيد عليه السلام
الإمام زيد مدرسة غنية بالدروس والعبر التي نحتاجُها في مواجهة التحديات
القعود حين يهجم العدو ويحتل بلدك معناه استسلام وخنوع وجبن وخيانة
حملة “رياح السلام” مموّلة من العدو تهدف إلى تخذيل الناس عن التصدي للعدوان
رفض دول العدوان لمبادرتنا في تحييد الاقتصاد يدل على تجاهلهم لمعاناة الشعب
المسؤولية مبدأ أساسي في الإسلام لإحقاق الحق وإقامة العدل ومواجهة الطغيان
في مواجهتنا للطغيان الأمريكي علينا أن نستلهم من القرآن ما نكتسب به البصيرة والوعي ويزيدنا عزماً وقوة وإباءً
أبناء المحافظات الجنوبية يذهبون لمعركة ليس لهم فيها مصلحة ليُقتلوا في خدمة للإماراتي والأمريكي
التصعيد العسكري في ذروته وتركيزه على احتلال الحديدة للإضرار بالشعب ومضايقته والموقف الصحيح استنهاض الشباب ورفد الجبهات بالرجال والمال
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيْنَ، وأَشهَـدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وأشهَدُ أن سَيِّـدَنا مُحَمَّــدًا عَبْـدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارْضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ المنتجَبين وعَنْ سَائِرِ عِبَادِك الصالحين.
أَيُّهَا الإِخْوةُ والأخواتُ..
السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه..
نتحدَّثُ في كلمتنا عن ثلاثة عناوين رئيسية:
الأول عن ذِكْــرَى استشهاد الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين -عَلَيْهِـمُ السًّـلَامُ-.
والثاني عن المستجدات في الوضع العسكريّ.
والثالث عن المستجدات في الوضع الاقتصَادي.
وبدايةُ الحديث يتعلقُ بمناسبة ذِكْــرَى استشهاد الإمام الشهيد زيد بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين -عَلَيْهِـمُ السًّـلَامُ-، ونتحدَّثُ عن هذه المناسبة وكما كرّرنا في المناسبات الماضية؛ باعتبارِ هذه المناسبة ليست مُجَــرَّد حادثٍ تأريخي قد مضى وانقضى ولم يعد هناك من حاجةٍ للحديث عنه، الأحداث التأريخية المهمة مثل هذه المناسبة ومثل ذِكْــرَى عاشوراء ومثل ذِكْــرَى استشهاد الإمام علي -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- وسائر المناسبات المهمة، المهمة؛ باعتبارِ أثرها في التأريخ وباعتبار من تتعلق بهم هذه المناسبة بطبيعة ما يربطنا بهم كرموز عظماء من رموز الإسْلَام، هذه الأحداث وهذه المناسبات لها علاقة بواقعنا، ولها صلةٌ بنا من جوانبَ متعددة.
أولاً: أن الحاضرَ هو امتدادٌ للماضي وهو وليد للماضي وليس منفصلاً عنه، وما نحن عليه اليوم كأمة إسْلَامية في كُـلّ ما نحن عليه وفي كُـلّ ما نعانيه إنما ذلك هو امتداد للماضي وبكل اتّجاهات الماضي، حالة الطغيان بقيت ممتدة في هذه الأُمَّـة عبر الأجيال في اتّجاهاتها بحسب ماهي عليه من ثقافة من أفكار من اتّجاهات من رموز، مسار امتد الأُمَّـة، مسار له أتباعه له فلسفته له ثقافته له رموزه وله أيضاً أتباعه، والامتداد للحق في مبادئه في قيمه في أَخْــلَاقه كذلك بقي قائماً في واقع الأُمَّـة عبر الأجيال، وكذلك مبادئ ومنهج ورموز امتدت الأُمَّـة في كثير من أبنائها في التمسك بهذا المسار والاتّجاه على أساسه.
ثم كذلك عندما نعودُ إلى التأريخ لأخذ العِبَرِ والدروس، والتأريخُ غنيٌّ في أحداثه كلها وفي مراحله بأجمعها غنيٌ بأهم الدروس وأهم العبر التي نحتاجُ إلى الاستفادة منها في واقعنا المعاصر وتجاه ما نعانيه في هذه المرحلة، ثم أيضاً ما يربطنا بالرموز والأعلام الذين نَتَحَدَّثُ عن أحداث ذات علاقة بهم وذات صلة بهم؛ باعتبارِهم الأعلامَ الذين نتطلعُ إلى الاهتداء بهم؛ باعتبارِهم الامتدادَ الأصيلَ للإسْلَام، حملوه ثقافةً نقيةً صافيةً وحملوه روحيةً وحملوه أَخْــلَاقاً وجسّدوه مواقفَ، فنحن نتطلعُ إلى الاستفادة منهم إلى التأثر بهم إلى الاقتداء بهم إلى الانتفاع بهم فيما قدّموه وفي عطائهم العظيم الذي بقيت آثارُه ممتدةً عبر الأجيال.
وعندما نَتَحَدَّثُ عن الإمام الشهيد زيد بن علي عليهما السلام وعن نهضته وعن استشهاده فنحن نَتَحَدَّثُ عن محطة تأريخية مهمة هي كذلك غنية جِـدًّا بالدروس والعبر ذات الأهميَّة القصوى التي نحتاج إليها في نفس واقعنا وبطبيعة ما نواجهُه من تحديات، وعندما نَتَحَدَّثُ عن الإمام زيد -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- نَتَحَدَّثُ باختصار جِـدًّا؛ لأنَّ هناك الكثيرَ مما يُعرَف به كتب تأريخية أصبحت مدرسته مدرسة مشهورة معروفة في واقع الأُمَّـة، وهو كذلك ليس رجلاً مغموراً، الإمام الشهيد زيد بن علي عليهما السلام هو يحظى بمكانة كبيرة في أوساط الأُمَّـة بمختلف اتّجاهاتها الفكرية والثقافية له مكانته المرموقة والعظيمة والمتميزة وجلالته وقدره معلومٌ بين أبناء الأُمَّـة، على مختلف المذاهب والاتّجاهات، وبالتالي نَتَحَدَّثُ باختصار.
الإمامُ الشهيد زيد والدُه هو الإمام السجاد زين العابدين علي بن الحسين وجده هو سبط رَسْـوُل الله الحسين -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- وجدُه الأعلى هو الإمام علي -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- أمير المؤمنين، وكُلٌّ منْ هَؤُلَاء معروفٌ في أوساط الأُمَّـة قاطبة، من الذي يجهل أحداً من هَؤُلَاء فيما كانوا عليه وهم أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة وأعلام الأُمَّـة وأعلام الهداية.
والإمامُ الشهيدُ زيد بن علي -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- وُلِدَ في هذه البيئة وتربّى عند والده زين العابدين الذي اعتنى به وبتربيته ومن واقع نظرةٍ ملؤها الأمل بهذا المولود أنه سيكون له دورٌ ومتميزٌ وحركة كبيرة في واقع الأُمَّـة؛ ولذلك في ظلّ تلك الأجواء أن الإمام السجاد التربية التي حظى بها زيدٌ -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- من والده زين العابدين في أعظم أجواء يمكن أن نتخيلَها أَوْ نَتَحَدَّثُ عنها يحظى فيها الإنْسَـان بتربية فريدةٍ ومتميزة، أي تربية عند زين العابدين -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- إلا تربية على الإيْمَــان وتربية على التقوى وتربية على قيم الإسْلَام ومبادئ الإسْلَام وفي تلك الأجواء المباركة والربانية في بيت النبوة حظي الإمام الشهيد زيد -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- بأعظم تربية، وهو في نفسه بما أعطاه الله من ملكات وما أعطاه من قدرات وما هُيِّأ له في نفسه كان على مستوى قابلية كان ذا قابلية عالية جِـدًّا للتفاعل الكبير مع تلك التربية، فتربى وتعلم ونشأ في أحضان والده زين العابدين -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- ثم عند أخيه الأَكْبَـر الإمام الباقر -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- واستفاد منه وتعلّم منه كذلك.
في ظلّ هذا الجَــوّ نشأ نشأةً إيْمَــانيةً راقية بكل ما تعنيه الكلمة، وكان أثرُ هذه التربية الإيْمَــانية فيه وفي سلوكه وفي روحيته أثراً عظيماً وبارزاً، لدرجة أنه قال -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- “والله ما كذبتُ كذبةً منذ عرفت يميني من شمالي، وما انتهكت لله محرماً منذ عرفت أن الله يُعاقب عليه”.. نشأة عظيمة جِـدًّا على الصدق على الطهارة على الزكاء على التقوى على الاستقامة، نشأة إيْمَــانية راقية جِـدًّا لهذه الدرجة من الاستقامة.
في ظلّ هذه النشأة وفي ظلّ هذه التربية في ظلّ هذا الجَــوّ الإيْمَــاني المفعم بالإيْمَــان والهداية والتزكية، نشأ الإمامُ الشهيد زيد -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- نشأة طيبة مباركة إيْمَــانية، وعُرف في الأوساط الإسْلَامية منذ وقتٍ مبكر بما هو عليه من الزكاء والطهر والتقوى والعلم والمعرفة وعُرف بميزة ذات أهميَّة كبيرة جِـدًّا، وهي وَلَعُهُ الشديد بالقُــرْآن وعلاقته الوثيقة بالقُــرْآن الكريم واهتمامه المتميز بكتاب الله سُبْحَــانَــهُ وَتَعَالَـى، وغير غريب عليه هذا وهو يتربى في أحضان بيت النبوة الذين هم قُرَنَاء القُــرْآن وهذا الاقتران بالقُــرْآن منهم اقتران وثيق، اقتران الفكرة اقتران الثقافة اقتران المبدأ اقتران الخُلق اقتران العمل اقتران الموقف اقتران في مسيرة الحياة بكل تفاصيلها.
فلذلك عُرِفَ الإمامُ زيدٌ -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- من مرحلة مبكرة في المدينة المنورة بأنه “حليفُ القُــرْآن”؛ تعبيراً عن هذه الصلة الوثيقة جِـدًّا وعُرف حتى من خلال أسلوبه في المحاورة والمناظَرة والتعليم والاحتجاج مدى ارتباطه الوثيق بالقُــرْآن الكريم كيف كان القُــرْآن الكريم حاضراً بشكل كبير في منطقه في حديثه في عِظته في احتجاجه في تعليمه حضور بارز جِـدًّا، وأثر كبير في روحيته، عُرف عنه الخشية العظيمة من الله سُبْحَــانَــهُ وَتَعَالَـى فكان في أجواء قُــرْآنية يعيشُها مع كتاب الله يصل إلى حالة الإغماء عليه من خشية الله، وكان من أبرز تجليات التأثير القُــرْآني في الإمام الشهيد زيد بن علي عليهما السلام كان من أبلغ تجليات التأثير القُــرْآني في روحيته وفي ثقافته وفي نظرته وفي اهتماماته ما كان عليه من الاستشعار الكبير للشعور بالمسؤولية المسؤولية تجاه هذه الأُمَّـة فيما هي عليه فيما تعانيه في ضرورة تصحيح وضعها وإصلاح واقعها، وفي ضرورة العمل على دفع ما تعانيه من ظلم وعلى مواجهة الطاغوت والاستكبار المتمثل بالطغيان الأُمَوِيّ، على ضرورة العمل لإنقاذ هذه الأُمَّـة فيما تعانيه من ظلم واستعباد وقهر وعلى ضرورة العمل على إحقاق الحَـقّ وإقامة العدل، والعمل على إيصال الحَـقّ إلى الأُمَّـة في كُـلّ أوساط الأُمَّـة في كُـلّ مناطق الأُمَّـة بعد أن أدغل بنو أمية في هذا الدين وحرّفوا مفاهيمَه وقدّموا مفاهيمَ باطلةً بديلة عن المبادئ الحقيقية للحق وسَعَوا إلى إفساد الأُمَّـة في واقعها التربوي وفي واقعها الأَخْــلَاقي إلى آخره.
فالإمامُ الشهيدُ زيد بن علي -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- بلغ بأثر القُــرْآن فيه في مدى اهتمامه بأمر الأُمَّـة والتفاتته إلى معاناتها واستشعاره لأهميَّة إصلاح واقعها أن قال كلمته الشهيرة التي وثّقها التأريخُ وبقيت متنقلةً في أوساط الأُمَّـة جيلاً بعد جيل: “لوددت أن يدي مُلصقةٌ بالثريا ثم أقع إلى الأرض أَوْ حَيْــثُ أقع فأتقطعُ قطعةً قطعةً وأن الله يصلحُ بذلك أمر أُمَّـة محمد (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)”، هذه الروحُ من الاهتمامُ الكبيرُ جِـدًّا لصلاح أمر الأُمَّـة وإنقاذ الأُمَّـة وإصلاح واقعها وتصحيح وضعيتها التي حملها الإمام الشهيد زيد بن علي -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- والتي عبّر عنها بهذا التعبير، أنه يَوَدُّ لو أن يدَه ملصقةٌ بالثريا -تلك المجموعة من النجوم المرتفعة جِـدًّا في أعالي السماء- ثم يقع من على ذلك الشاهق البعيد جِـدًّا، إلى الأرض أَوْ حَيْــثُ يقعُ ويتقطع إرباً إرباً إلى قطعة قطعة وأن يكونَ في ذلك صلاح حال هذه الأُمَّـة، هذا هو أثرُ القُــرْآن الذي يصنعُ عند الإنْسَـان هذا الاهتمامَ العالي والكبير بأمر الناس، كيف بمن هم على مستوىً عجيبٍ جِـدًّا، من الجمود من البرودة من اللامبالاة بحال الناس وبأمر الأُمَّـة، مهما كان هناك من ضلال وطغيان وظلم وفساد وتدهور هائل في واقع الأُمَّـة وانحراف كبير ولا يرفُّ لهم جفنٌ ولا تهتزُّ فيهم شعرةٌ ولا يتألمون، لا يحملون مثقال ذرة من الألم تجاه ذلك، يحملون حالة اللامبالاة أين هم؟ وأين أثر التربية القُــرْآنية؟.
الإمامُ الشهيدُ زيد -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- من واقع هذا التعلق بالقُــرْآن وقد عُرف بحليف القُــرْآن وهذا الارتباط الوثيق بالقُــرْآن ثقافةً وفكرةً ورؤيةً ومبادئ وروحية وأَخْــلَاقاً وعملاً وسلوكاً وموقفاً هو الذي كان يقولُ عندما ينصحُه البعض بالسكوت عن الكلمات الحساسة عن المواقف المعبرة عن الانتقادات التي يوجّهها للطغاة عن سعيه لاستنهاض الأُمَّـة وإحياءِ روح المسؤولية فيها وتذكيرها بواجباتها واستنهاضها للتحرّر من حالة الاستعباد ينصحه البعض هنا وهناك أن يسكتَ فيقول: “واللهِ ما يدعني كتابُ الله أن أسكُتَ”، ويقول “كيف أسكت وقد خُولف كتابُ الله وتحوكم إلى الجبت والطاغوت” من هذا المنطلق يتحَـرّك، أثر القُــرْآن فيه كان نتاجُه تلك النهضة المتميزة والعظيمة ذلك العطاء ذلك الاستعداد العالي للتضحية، تلك العزة الإيْمَــانية التي كسر بها هيبة الطاغوت التي كانت قد سيطرت في واقع الأُمَّـة، والرهبة الهائلة من الطاغوت التي كانت قد كبلّت أبناء الأُمَّـة فلم يعد أحد منهم يجرؤ أن يتحَـرّك في الاتّجاه الذي يخالف ما عليه قوى الطاغوت.
الإمامُ الشهيدُ زيد بن علي -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- وهو يعايشُ مرحلةً خطيرةً، هو ولد -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- سنة 75 للهجرة وكان خروجُه عسكريّاً في سنة 122 للهجرة النبوية، وكانت فترة ما بين خروجه وما قبل ذلك إلى حين استشهاد جده سبط رَسْـوُل الله الإمام الحسين -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- ما ينيفُ عن الستين عاماً، في تلك المرحلة كان الطغيان الأُمَوِيّ قد بلغ ذروته، ونحن تحدثنا في ذِكْــرَى عاشوراء وفي مناسبات متعددة عن خطورة بني أمية عن الطغيان الأُمَوِيّ عن ما أحدثه بنو أمية في واقع الأُمَّـة من انحرافٍ كبيرٍ جِـدًّا وأضرار كبيرة على كُـلّ المستويات تربوياً وثقافياً وروحياً ونهضوياً وسياسياً، كانوا بَليّة على الدين وما أدَقُّ كلمة الصحابي الجليل عَبدالله بن مسعود عندما قال: “لكل شيء آفة وآفة هذا الدين بنو أمية”، فعلاً مثّلوا آفةً على الأُمَّـة في دينها، وبالتالي في كُـلِّ شؤونها، إذَا أُفسد على الأُمَّـة مفاهيم دينها بالتحريف والانحراف فسد إثر ذلك كُـلّ شيء ولم يسلم للأُمَّـة لا دينٌ ولا دنيا.
الطغيانُ الأُمَوِيُّّ كان في عصر الإمام الشهيد زيد بن علي عليهما السلام قد بلغ ذروتَه وفي أيّام هشام الطاغية الأُمَوِيّ والملك المتجبر والمتكبر الذي ورث حالةً كبيرةً من الطغيان ونمتْ في عصره هو وارث للطغيان وهو امتدادٌ للطغيان الأُموي الذي كان منذ بدايته يُـمَثِّـلُ شراً كبيراً ومستطيراً على الأُمَّـة شراً فظيعاً، الطغيانُ الأُمَوِيّ منذ تمكّـن بنو أمية وهم الذين يُـمَثِّـلُون شراً كبيراً بكل ما عبّر عنهم النص النبوي في اتّخاذهم لعباد الله خولاً، فاستعبدوا الأُمَّـة وأهانوا الناس وأفقدوا المجتمعَ الإسْلَامي كُـلَّ الشعور بالحرية والكرامة والعزة، فقد شعوره بالحرية، فقد شعوره بالعزة، فقد أيضاً إحساسه بالكرامة، واستشعر الناس أنهم ملك لبني أمية وأنهم لا ينبغي لهم أن يخالفوهم في شيء، وأنه ليس لهم إلا أن يخضعوا لهم خضوعاً مطلقاً في كُـلّ شيء، وأن ينفّذوا لهم كُـلّ ما أرادوه وشاءوه، حالةٌ من الاستعباد الفظيع والشنيع جِـدًّا، وحالةٌ من تحويل الأُمَّـة بكل أبنائها ومقدراتها وطاقاتها إلى الاستغلال بأسوأ أشكاله وأفظع أحواله.
هذه الحالة في ما الأُمَّـة عليه من اتّخاذها خولاً وفي تحريف مفاهيم الدين وفي الاستغلال المادي لثروات الأُمَّـة في الترف والبطَر الذي كان عليه الطغاة من بني أمية، وفي شراء الذمم وكسب الولاءات من ضعفاء النفوس الذين كانوا يتمكّـنون من شرائهم فيجعلون منهم أذرعةً عسكريّة للبطش بالأُمَّـة والتجبر عليها، وأبواقاً ثقافية وفكرية للتضليل والتزييف والتحريف والتدجين عن طريق ما يقدّم باسم الدين وباسم الفتاوى الدينية ونحو ذلك.
وبالتالي الإمام زيد -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- وهو يدرك هذا الخطرَ الأُمَوِيّ على الأُمَّـة، هذا الخطر الذي ألحَـقَ نكباتٍ كبيرةً بالأُمَّـة منذ يومه الأول، فقتل الآلاف المؤلفة من صحابة رَسْـوُل الله وقتل عترة رَسْـوُل الله واستباح مدينة رَسْـوُل الله وقتل العشرات على قبر رَسْـوُل الله حتى أغرقه بالدماء وفعل الأفاعيل ورمى الكعبة بالمنجنيق وعبث بالأُمَّـة، ثم اتّجه إلى تحريف المفاهيم الدينية في جناية خطيرة جِـدًّا على الأُمَّـة امتدت آثارها السيئة إلى اليوم، يدرك خطورةَ ذلك الطغيان الأُمَوِيّ الذي لم يبق عنده أية خطوط حمراء أبداً استباح كُـلّ شيء، وانتهك المحرمات، وأحل حرام الله وحرّم حلال الله، واستباح عباد الله ونهب مالَ الله، وعبث كُـلَّ العبث في واقع الأُمَّـة.
في عصر الإمام زيد -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- كان هشامٌ الملك الأُمَوِيّ المستكبر كما قلنا وارثاً للطغيان الأُمَوِيّ وفي ذروة استحكام القبضة الأُمَوِيّة على الأُمَّـة ومنذ فترة من استشهاد الإمام الحسين -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- إلى تلك المرحلة كان بنو أمية قد تمكّـنوا من السيطرة المطلقة على واقع الأُمَّـة والتحكم بواقع الأُمَّـة، وحالةُ الأُمَّـة هي حالةُ رهبة أمام ذلك الطغيان وأمام ذلك الاستكبار، يحج هشام وفي أوساط الحجيج يخطُبُ، تخيلوا ماذا يمكن أن يتخاطبَ به مع الحُجّاج، الجَــوّ في بيت الله الحرام في الحج؟!! المشاعر والأجواء التي هي أجواء إيْمَــانية أجواء يقول الله عنها (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) هذا من أهمّ أَهْــدَاف الحج، يخطب هشام في أوساط الحجيج فيقول ماذا؟!
هل يركّز على الحثّ على تقوى الله؟! على طاعة الله؟! على إقامة العدل؟!! يقول في خطبته في أوساط الحجيج: واللهِ لا يأمرني أحدٌ بتقوى الله إلا قطعت رأسَه.. هذه خطبة الوالي في أجواء الحج، الأجواء الروحانية، الأجواء الروحانية يتحدث فيها هكذا، ما بالك لو لم يكن في أجواء الروحانية وأجواء الحج كيف ستكونُ حالة الطغيان؟!! يعني هذه الحالة بعد الطواف في البيت الحرام والأجواء في الحجيج والمشاعر المقدسة وربما إذَا قد لان ولو شيئاً ما يقول: لا يأمرني أحدٌ بتقوى الله إلا قطعت رأسه، يقضي على أي إنْسَـان يوجه إليه الأمرَ بتقوى الله يعني أنه من تلك الفئة السيئة جِـدًّا التي تحدث القُــرْآن عنها يقول الله سُبْحَانَــهُ (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ).
فتخيّلوا واقعاً يكون فيه من يقودُ الأُمَّـة الإسْلَامية من هو معنيٌّ بالقرار فيها من هو قائمٌ على تربية هذه الأُمَّـة على توجيه هذه الأُمَّـة على الأمر والنهي في هذه الأُمَّـة على تحديد سياسات هذه الأُمَّـة، على إدارة شؤونها بكلها في دينها ودنياها، إنْسَـاناً على هذا النحو من الطغيان والاستكبار والنزعة الإجْرَامية والجبروت والانحراف الرهيب جِـدًّا، يصل إلى هذه الدرجة.
الحالةُ في قصة وحكاية طغيان بني أمية هي غريبة جِـدًّا وصفحة سوداء قاتمة في التأريخ، من يتأمل ما حدث فيها في مختلف المراحل يندهش، يرى أمراً فظيعاً وشنيعاً لا نظيرَ له.
لاحظوا في هذا العصر مَثَـلاً ونحن نرى الطغيان الأمريكي والإسرائيلي مثلاً أخشى ما نخشاه من الأمريكيين والإسرائيليين على مقدساتنا أن يستهدفوا مَثَـلاً، هم احتلوا المسجد الأقصى ونخشى منهم على المسجد النبوي وعلى بيت الله الحرام في مكة المكرّمة، نخشى منهم على سائر مقدساتنا في مختلف بقاعنا الإسْلَامية، نخشى منهم في الاستعباد لأُمّتنا، ونخشى منهم في تحريف مفاهيم ديننا بما ينحرفُ بالأُمَّـة عن الدين في مبادئه العظيمة والصحيحة والنافعة والمثمرة والتي هي كما أنزلها اللهُ سُبْحَــانَــهُ وَتَعَالَـى في كتابه على رَسْـوُله صلوات الله عليه وعلى آله، نخشى منهم في بطشهم وجبروتهم واستباحتهم بالأُمَّـة في سفك الدماء وانتهاك الأعراض ونهب الثروة إلى غير ذلك.
كُلُّ هذا فعله بنو أمية لم يحترموا شيئاً أبداً، يُسَبُّ رَسْـوُلُ الله صلواتُ الله عليه وعلى آله في مجلس هشام الأُمَوِيّ من جانب شخصٍ يهوديٍّ حاضراً في المجلس حظي هذا اليهودي باستقبال وحفاوة في الترحيب على نحو من تلك الحالات التي شاهدناها من استقبال ترامب وغير ترامب من الحفاوة، في مصافحة الإسرائيليين من قبل مسؤولين سعوديّين، ونحو من ذلك الحالة متشابهة حفاوة في الاستقبال والترحيب والاستضافة والإصغاء.
الملكُ هشام هذا في الحج يقول لا يأمرني أحد بتقوى الله إلا قطعت رأسَه يحني بذلك الرأس إصغاءً وتواضعًا وتلطفًا تجاه يهودي مجرم وحاقد يسب رَسْـوُلَ الله في محضره ويسيء إلى رَسْـوُل الله صلوات الله عليه وعلى آله فلا يعترض ولا بكلمة، الإمام زيد -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- ينتهرُ ذلك اليهودي ويهدّده، رَسْـوُلُ الله هو مقدسٌ في إيْمَــاننا في مبادئنا في ثقافتنا الإسْلَامية، فذلك اليهودي يسب رَسْـوُل الله ولا يضير ذلك هشاماً ولا يغيظُه ولا يزعجُه ولا يرى في سب ذلك اليهودي لرَسْـوُل الله أي مشكلة أبداً، بل يتوجه ويغضب وينفعل ويستاءُ من الإمام زيد -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- كيف ينتهر ذلك اليهودي السابَّ لرَسْـوُل الله، صه لا تؤذِ جليسنا يا زيد، اسكت هذا جليسنا لا تؤذِه، نرى الامتدادَ لهذا النموذج في عصرنا الحاضر لأولئك الذين دَائماً ينحنون، تنعطف ظهورهم ويكاد العمود الفقري أن ينكسرَ من الانعطاف ويحنون رؤوسَهم لاستقبالهم ترامب وأمثال ترامب، وفي تعاملهم مع يهود صهاينة، وينظرون ويزمجرون ويتكبرون ويتغطرسون على أبناء أمتنا الإسْلَامية مدرسة واحدة، مدرسة الطغيان واحدة الامتداد للطغيان كان واحدا في كُـلّ عصر وفي كُـلّ جيل، هذا الواقع المأساوي للأُمَّـة والكارثي الذي لم يبق فيه شيء محترم ولا مقدس حتى رَسْـوُل الله صلوات الله عليه وعلى آله، أولئك المجرمون لا يحترمون رَسْـوُلَ الله لا يحترمون مقدّسات لا يحترمون الإنْسَـانَ المسلم.
الإكبار، التقدير، الحفاوة، الأهميَّة هي لذلك اليهودي أَوْ لذلك المجرم أَوْ لذلك المنحرف، أما أبناءُ الأُمَّـة فإنهم يعيشون حالةً من الإذلال والامتهان والقهر والاستعباد والفقر الشديد، تُكدَّسُ أموالُ الأُمَّـة وتُجْبَى من كُـلّ أقطار العالم الإسْلَامي ليستحوذ عليها الأُمَوِيّون ويتصرفون فيها كما قلنا آنفاً في البَطَرِ والترف والحكايات كبيرة عن ترفهم وبطرهم أَوْ في شراء الولاءات وكسبها وشراء الذمم من ضعفاء الناس.
بهذا الواقع تحَـرّك الإمامُ زيدٌ -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- وهو تحَـرّك في البداية تحرُّكًا ثقافياً وتحَـرّكًا علمياً لم يكن تحرُّكُه فقط تحَـرّكاً عسكريّاً، لا.
هو نهض وتنقل في عددٍ من البلدان وذهب إلى مكة وكانت له أنشطتُه في المدينة، تحَـرّك إلى العراق، تحَـرّك إلى الشام، تحَـرُّكاً واضحاً وبارزاً على مستوى النشاط التثقيفي والتوعوي وتصحيح المفاهيم المحرفة في واقع الأُمَّـة من علماء السوء وعلماء البلاط الخاضعين لبني أمية والتابعين لبني أمية، ونَشِط بشكل كبير في تبليغ الحَـقّ وكان صوتاً عظيماً ونقياً للحق، ثم في الأخير توج نشاطه بنهضته وحركته الواسعة في الأُمَّـة منادياً: “عبادَ الله أعينونا على مَن استعبد أمتنا وخَرَّب أمانتَنا وعطّل كتابنا” عطل كتاب الله، خلاص، خلى القُــرْآن مُجَــرَّد مكتوب، مداد مكتوب مغيّب عن الساحة في الحياة وعن الواقع في الحياة.
تحَـرّك بنهضته العظيمة، وهو قبل ذلك تم استدعاؤه إلى الشام من جانب الملك الأُمَوِيّ هشام وحين حضر إلى الشام خاطب هشاماً وقال له: “اتق الله يا هشام”، وقد عرف عنه وسمع عنه أنه أقسم بأن لا يأمره أحد بتقوى الله إلا قطع رأسه فلم يرعوِ منه، ولم يخف منه ولم يرتع أي لم يرُعْه ذلك من جانب هشام فيسكت، بل حرص على أن يكسبَ فضيلةً أن يقول كلمة الحَـقّ في وجه السلطان الجائر.
قال له: “اتق الله يا هشام” فقال له: “أو مثلُك يأمُرُني بتقوى الله؟!” فقال: “إن اللهَ لم يرفع أحداً فوق أن يؤمر بتقوى الله ولم يضع أحداً دون أن يأمر بتقوى الله”.
ثم هو بعد انتقاله إلى العراق ووصوله إلى الكوفة تحَـرّك -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- باهتمام كبير وبروحية عظيمة، ممتلئاً بألم كبير على واقع هذه الأُمَّـة، مستنهضاً للأُمَّـة، وتلك الحالة من الجمود والسكوت والإذعان قائلاً: “واللهِ ما كره قومٌ قَطّ حَـرَّ السيوف إلا ذلوا”، يسعى إلى أن يستنهضَ في الأُمَّـة روحَ التضحية روح الإباء، روح الكرامة، روح العزة ليحرّرها من حالة الإذلال وَالاستعباد، وكان ينادي في الأُمَّـة بكلمته المهمة جِـدًّا والعظيمة “البصيرة البصيرة” يسعى إلى أن تستبصرَ الأُمَّـة.
الأُمَّـةُ أول ما تحتاج إليه دائماً هو الوعي والبصيرة؛ لأنَّ مشكلةَ الأُمَّـة أول ما تكون هي في هذه المسألة بالذات، الأُمَّـة أول ما تخسره وأخطر ما تخسره هو الوعي، الوعي والبصيرة، إذَا فقدت الوعيَ والبصيرة أمكن أن تُدجن، أمكن لها أن تُخدعَ، أمكن لها أن تضل، أمكن لها أن تُستعبَدَ بفكرة وأن تقيدَها فتوى خاطئة وأن تكبلَها فكرةٌ ضالة، فكرة ضالة تُـمَثِّـلُ حالةً من القيود التي تجعل الكثير من الناس يسكتون ويستكينون ويتعطلون عن النهوض بالمسؤولية.
جانبُ المسؤولية جانبٌ أساسي في الإسْلَام، المسؤولية في إحقاق الحَـقّ في إقامة العدل في مواجهة الظلم في مواجهة الطغيان في العمل على الدعوة إلى الخير، الأمر بالمعروف، وفي النهي عن المنكر، كلها مسألة مهمة في غاية الأهميَّة في الدين إذَا عطل هذا الجانب من الدين ضاع كُـلّ شيء وطوعت بقية المسائل الدينية مسائل محصورة جوانب محدودة من الدين تطوع تستغل من جانب الطغاة والظالمين والمجرمين.
“البصيرة البصيرة ثم الجهاد” استنهض الأُمَّـة للجهاد، وقصتُه معروفة في التأريخ في خروجه -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- في ما حدث من تخاذل الكثير من الناس في المعركة التي خاضها -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- بكل إباء وعزة وباستبسال منقطع النظير، وفي النهاية استشهاده -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- يوم أن وصل السهمُ الغادرُ إلى جبهته الشريفة قال -عَلَيْهِ السًّـلَامُ-: “الشهادة الشهادة الحمد لله الذي رزقنيها”، استقبل الشهادةَ بهذا الاستقبال كما استقبلها جَدُّه الإمام علي -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- حينما قال: “فزتُ وربِّ الكعبة”. هذا استقبالُ من هو واثقٌ بقضيته بموقفه بمساره بمنهجه بطريقته وبعاقبته المنتظرة “الشهادة الشهادة الحمدُ لله الذي رزقنيها”.
من أهمّ ما يجبُ أن نعيه جيدًا عن موقف الإمام زيد -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- أنه بمثل ما عُرِفَ أنه حليف القُــرْآن وموقفه بالتأكيد موقفٌ قُــرْآنيٌّ، نحن معنيون كمسلمين في كُـلّ زمن في كُـلّ عصر أن يكون القُــرْآن الكريم في هديه فيما فيه من أوامر وتوجيهات من الله سُبْحَــانَــهُ وَتَعَالَـى في نوره، أن يكون هو الأساس الذي نرجع إليه دَائماً ونعتمد عليه وأن نحرصَ أن نتربى تربية القُــرْآن التي تربينا على العزة وتحيي فينا روحَ المسؤولية.
ثم أن ندرك -عندما نتطلع إلى التأريخ- فنرى كيف كانت سيرتُه -عَلَيْهِـمُ السًّـلَامُ- كيف كانت حركةُ رَسْـوُل الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، كيف كان رموز الإسْلَام العظماء وأعلامه الكبار الذين كانوا قرناء لهذا القُــرْآن في مواقفهم، في تضحيتهم، في إبائهم، في عزتهم، في اهتماماتهم في تركيزهم الكبير على النهوض بالمسؤولية في اهتمامهم بأمر الأُمَّـة، لنعي أن هذا الخط أن هذا الطريق هو المنهج الأصيل والصحيح الذي يجب أن نسير عليه.
لأنه قد يأتي من الناس من يجعل من الجمود والسكوت والخنوع والاستسلام والذلة والعبودية للطاغوت مسألة إيْمَــانية ودينية ولا ضير فيها ولا مشكلة فيها، وأنها الحالة التي يدعو الناس إلى أن يكونوا عليها.
البعضُ تربيتُه دعوتُه أسلوبُه ثقافتُه تعليماته إرشاداته من واقع أنه يقدّم نفسَه كعالم دين، هو على هذا النحو يسعى بالناس إلى الجمود يربيهم على القعود يعطِّل فيهم هذا النهوض بالمسؤولية، يُميتُ فيهم روحَ المسؤولية والاستشعار للمسؤولية يميت فيهم روحية الاستشعار بالمسؤولية، البعضُ الآخر أَكْثَـر من ذلك يدفعُ بالأُمَّـة لاتّجاه الولاء للطغاة والمناصَرة للظالمين والوقوف في صفهم ويجعلُ من ذلك حتى قربةً إلى الله سُبْحَــانَــهُ وَتَعَالَـى وعملاً صالحاً وعملاً عظيماً، إما بأسلوب مباشر أَوْ بأسلوب غير مباشر.
فنحن معنيون كمسلمين ونحن نعاني من الطغاة والجائرين والمستكبرين والظالمين، نعاني في هذا العصر من طغيان أمريكا وطغيان إسرائيل، وطغيان عملاء أمريكا وطغيان إسرائيل من المحسوبين على هذه الأُمَّـة، من منافقيها ومجرميها وطغاتها وأشرارها وسفهائها الذين وصلوا إلى موقع المسؤولية، وتربعوا على عرش الأُمَّـة، وتحكموا في إمْكَانات هذه الأُمَّـة، واستغلوا موقعهم في الحكم والسلطة بالتسلط على هذه الأُمَّـة، ثم نراهم كيف هم في معاملتهم لأبناء الأُمَّـة، مستكبرين ومتعزّزين ومتسلطين بالبطش والجبروت، أما أمام أمريكا فهم أذلاء وخانعين، في هذه الأَيَّـام يتحَـرّك الرئيس الأمريكي ترامب ويتحدث في خطابات له بين جماهيره وهو يتباهى ويفتخر بأنه يتصل للملك السعوديّ ويطلق في اتصاله – حسب ما يتحدث عنه أمام جمهوره – عبارات فيها من الإهانة والسخرية والاستكبار والاستعلاء ما فيها، يقول له إنه لولا الحماية الأمريكية لما تمكّـنت من البقاء لأُسْبُوْعين، يتحدث عن أن النظامَ السعوديّ مدينٌ في بقائه لأمريكا ولترامب شخصياً، يقول له عليك أن تدفع، لديك تريليونات، ادفع أَكْثَـر وأَكْثَـر، يسميهم بالبقرة الحلوب، ويتجه فِعْلاً إلى حلبهم بشكل مستمرّ، وأَكْثَـر فأَكْثَـر، ويكاد ذلك الضرع أن يجفَّ، وتراهم في حالة غريبة جِـدًّا من الخنوع، حتى أمام كلماته هذه، لا يجرؤون على أن يوجهوا ردا قاسيا أَوْ كلاما قويا، أما في تعاملهم مع أبناء الأُمَّـة فهو ذلك التعامل السيئ.
نحن في هذا الزمن الذي نواجه فيه الطغيان، ونعاني فيه كأمة مسلمة وكشعب يمني من الطغيان الأمريكي الإسرائيلي والسعوديّ والإماراتي، من طغيان الطغاة بكل أصنافهم وأشكالهم وفئاتهم، نحن معنيون بأن نستلهمَ من القُــرْآن الكريم ومن قُرَنَائه العظماء، ومن الهداة والأعلام في تأريخنا، ما يزيدنا عزماً وقوةً وإباءً، وما نكتسب به البصيرة والوعي، فلا يتمكّـن أحدٌ من خداعنا، ولا من تضليلنا، ولا من الانحراف بنا، ولا من تدجيننا بفتوى أَوْ بفكرة أَوْ بثقافة، ويعبدنا للطغاة وللظالمين وللمستكبرين.
نحن معنيون بهذا، نحن في أمسِّ الحاجة إلى أن نستلهمَ من زيد -عَلَيْهِ السًّـلَامُ-، وهو ذلك الذي تحَـرّك ونهض بمسؤوليته واستشهد -عَلَيْهِ السًّـلَامُ-، وبعد استشهاده نُبِشَ قبرُه وأُخرِجَ، وصُلب، فُصل رأسه، وصلب جسده على جذع نخلة في الكوفة لفترة طويلة، وبعد ذلك أنزلوه بعد فترة طويلة من جذع النخلة، وقاموا بإحراق جثمانه، وذروه في نهر الفرات.
زيدٌ -عَلَيْهِ السًّـلَامُ- الذي كان له هذه المظلوميةُ، والذي لم يتردد أَبَـداً في أن يضحيَ في سبيل الله بروحه، والذي كانت ثورتُه امتداداً لثورة ونهضة جده سبط رَسْـوُل الله الحسين بن علي عليهما السلام.
نحن اليوم معنيون أن ندركَ أننا في الطريق الذي نسير فيه ونحن نواجه ونقارعُ الطاغوتَ الأمريكي والإسرائيلي وامتداده في الأُمَّـة، في النظام السعوديّ والنظام الإماراتي، نحن نسيرُ في الاتّجاه الصحيح، في الطريق الصحيح الذي هو طريق القُــرْآن، وطريق قرناء القُــرْآن، وطريق الرموز العظماء، طريق الأنبياء وطريق خاتم الأنبياء رَسْـوُل الله محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، كُـلّ الذين يحاولون أن ينحرفوا بنا عن هذا الطريق هم يريدون أن ينحرفوا بنا عن هذا النهج، عن القُــرْآن، وعن رَسْـوُل الله، عن عترة رَسْـوُل الله، وعن أعلام الأُمَّـة، وصالحي الأُمَّـة، وهداة الأُمَّـة، وأخيار الأُمَّـة، وبالتالي نحن على ثقة مما نحن فيه من موقف، ومن الطريق الذي نسير عليه، أنه طريق الحَـقّ، وأنه الموقف الصحيح، وأنه الموقف الحكيم بمعيار القُــرْآن، بمعيار الإيْمَــان، بمعيار الحَـقّ، بمعيار الهداية وأعلام الهداية، وكذلك بمعيار المصلحة، بمعيار الفِطرة الإنْسَـانية التي فطرنا الله عليها، لنكون أَحْــرَاراً في هذه الحياة، وأعزاء في الحياة، وكرماء في هذه الحياة، لا نقبل بالذلة، ولا نقبل بالاستعباد، ولا نقبل بالهوان، ولا نقبل بأن يتحكم بنا الطاغوت أياً كان هذا الطاغوت، هذا هو الاتّجاه الصحيح الذي لا يمكن أن نندم على أية تضحية فيه أَبَـداً، هذه هي الفطرة، وهذا هو الاتّجاه الصحيح بمعيار المصلحة في واقعنا البشري، أين هي المصلحة لنا، أن نكون أَحْــرَاراً أم مستعبدَين؟، يستعبدنا السعوديّ الذي هو عبدٌ للأمريكي، يستعبدنا الإماراتي الذي هو عبدٌ صغيرٌ جِـدًّا وحقيرٌ جِـدًّا للأمريكي؟، أين هي مصلحتنا؟ أن نكون أعزاء أم أن نكون أذلاء؟ أين هي مصلحتنا بحسب مصلحتنا في الحياة وحتى في دنيانا، أن نكون شعباً لا قرارَ له، لا إرادة له، لا حرية له، يحتله الأجانب، يجعلون من أهمّ مناطقه في أهميتها الاستراتيجية مواقعَ عسكريّة لهم، يأتي إلى قاعدة العَنَد، إلى جزيرة ميون، إلى جزيرة سقطرى، إلى مواقعَ هنا وهناك، فيجعل منها مواقع عسكريّة له، تلك للأمريكي وأُخْـرَى للبريطاني، وأُخْـرَى للإماراتي وأُخْـرَى للسعوديّ، يأتي إلى بقية الجزر في البحر الأحمر، إلى حنيش وإلى غير حنيش، ليحتلها ويفعل بها ذلك، يأتي إلى الثروات النفطية في شبوة، بلحاف وغير بلحاف، ويأتي إلى المنشآت ومنابع الثروة الوطنية، في حضرموت وفي غير حضرموت ليتحكم بها، ثم نبقى نحن كشعب نعاني أشد المعاناة، من الحصول على أسطوانة الغاز المنزلي، نعاني أَكْبَـرَ المعاناة في أن نحصلَ على عائدٍ من ثرواتنا تلك، ليكونَ للمرتبات أَوْ ليكون للأشياء الضرورية، لتوفيرِ الاحتياجات الضرورية والإنْسَـانية لنا كشعب يمني، لا نعود مستفيدين من شيء.
اتّجاه الثورة ضد الطاغوت، والتصدي للطغيان، السعي للتحرّر والاستقلال، الإصرار على أن نكون بمقتضى هُويتنا الإيْمَــانية أَحْــرَاراً لا يستعبدنا أحد، ولا نكون عبيداً إلا لله الواحد القهار، هذا هو الاتّجاهُ الصحيح ولمصلحتنا في الدين والدنيا، في الدنيا والآخرة، هذا هو الاتّجاهُ الذي يستحق منا كُـلّ تضحية، وأن نصبر في سبيل تحقيقه على كُـلّ عناء، مهما كان هذا العناء.
ننتقلُ إلى العنوان الآخر في كلمتنا فيما يتعلق بالمستجدات على المستوى العسكريّ، بلا شكَّ العدوُّ مستمرٌّ في التصعيد، ولا يألو جُهداً وبالذات في معركة الساحل، هو يسعى إلى التصعيد بكل ما يستطيع، يحشُدُ المزيدَ والمزيدَ من المقاتلين الذين اشتراهم بالفلوس، وللأسف كثيرٌ منهم من أبناء المحافظات الجنوبية، الذين يذهبون إلى معركة لا ناقةَ لهم فيها ولا جمل، ليس لهم فيها قضية، وليس لهم فيها مصلحة، وليس لهم فيها منفعة أَبَـداً، يضحون بحياتهم وأرواحهم في مقابل الحصول على مبلغ زهيد، كيف يصل الإنْسَـان إلى هذا المستوى عندما يفقد إحساسه بالكرامة! عندما يفقد الإنْسَـان إحساسه بالكرامة لا يمانع بأن يبيع حياتهُ كلها ويبيع نفسهُ بكلها في مقابل ألف ريال سعوديّ أَوْ ألفين ريال سعوديّ وأحياناً أقل، البعض يمكن أن يرخص إذَا تراجلوه شوية إذَا ساوموه قليلاً يمكن أن يقلل من ثمن نفسه بأقل ويذهب ليقتل في خدمتهم يبقى الإماراتيون في الخلف ويبقى الأمريكيون على مستوى أبعد.
الأمريكي يتواجدُ في عدن، والبعضُ يتواجدون في عصب الإرتيرية والإسرائيليون كذلك والبعض في جُزُر إذَا اقترب البعض منهم شيئاً ما يقترب إلى المخاء ولا يتجاوز المخاء والإماراتي يبقى في خلفية تلك الجموع التي تقدّم بالآلاف ويزج بها في المعركة، مَن قتل يُقتل ومن بقي يبقى، وأحياناً يقصف البعض منهم إذَا تراجعوا عن الميدان في سبيل أن يحقّقوا هدفاً لمصلحة من؟ لمصلحتهم هم؟ لا، ليس لهم شيءٌ محسوبٌ في الموضوع أبداً ينجز المعركة لمصلحة الإماراتي والإماراتي ينجزها لمصلحة الأمريكي ولمصلحة الإسرائيلي هذا الذي يحدث التصعيد العسكريّ متجه في ذروتهِ بالذات في الساحل وفي الحدود مع تركيز العدوّ على بقية المحاور والجبهات ولكن أَكْبَـر تركيز من جانب العدوّ هو على الساحل وعلى الحدود ويحشد بشكل مستمرّ ويسعى بكل ما يستطيع للإضرار بالشعب اليمني كافه حتى تركيزه على احتلال الحديدة هو؛ بهدفِ الإضرار بالشعب اليمني والمضايقة للشعب اليمني والحصار بشكل أَكْبَـر بالشعب اليمني في بقية المحافظات وبالرغم من سعي المبعوث الأممي لانعقاد جولة في المشاورات فشل فيما سبق وفشل حالياً؛ لأنَّ الأَعْــدَاء لا يريدون سلاماً، نحن في كُـلّ المراحل الماضية لم نمانع أبداً في أية مرحلة من المراحل من العمل على الوصول إلى حَـلّ سلمي.
نحن كنا دائماً أهل سلام ونريد السلام؛ لأنَّ البعضَ اليوم يتحدث وكأن المشكلة عندنا نحن كأننا نحن من نرفض أي وقف لإطلاق النار وكأننا من نرفض أية حلول سلمية منصفة وعادلة وكأننا من يصر على استمرار الحرب.
هناك حملةٌ ممولةٌ من العدوّ، اسم هذه الحملة “رياح السلام”، تهدف هذه الحملة إلى تخذيل الناس عن التصدي للعدوان في الجبهات، يأتون إلى الناس ليوقّفوهم عن التصدي للعدوان والوقوف بوجهه تحت عنوان نحن نريد السلام، السلام ليس معناه الاستسلام، السلام لا يعني أن تقف مكبّلاً وأن تجمد في منزلك في الوقت الذي يقتحم العدوُّ فيه بلدك ومحافظاتك المحافظة تلو الأُخْـرَى ويحتل موانئَك ويسعى للسيطرة عليك ويقتل أبناء شعبك ويرتكب أبشع الجرائم بحق أبناء وطنك، يقتل الآلاف المؤلفة ويدمّـر كُـلّ يوم في هذا البلد منشآت ومنازل وطرقات ومستشفيات ومدارس ولا يقبل بأية حلول منصفة ولا يقبل بوقف إطلاق النار ولا يقبل بوقف عملياته العسكريّة، العدوّ يصر على الاستمرار في الحرب والعدوان ويقتل يومياً ويدمّـر يومياً ويسعى يومياً لاحتلال المزيد والمزيد من الوطن ويأتي البعض ويتوجه إلى من؟ إلى من ليس موقفه إلا دفاعاً عن النفس وعن الوطن وعن الحرية والكرامة يقول لهم هم للذي يدافع عن نفسهِ اضطراراً أمام تلك الهجمة التي توظف فيها كُـلّ القدرات العسكريّة ليقول عليكم أن توقفوا إطلاق النار عليكم أن توقفوا إطلاق النار يعني لا تدافع عن نفسك معناهُ هكذا لا تدافع عن وطنك، أنت لو كنت منصفاً لقلت أنا أطالبُ بوقف إطلاق النار من الجميع، أطالب هذا المعتدي أن يوقف هجمتَه على وطني.
نحن نريد السلام بكرامة، نحن لا نقبل بالاستسلام؛ لأنَّ القعود في الوقت الذي يهجمُ فيه العدوُّ، والجمود في الوقت الذي يتحَـرّك فيه العدوّ بكل طاقته وبكل إمْكَاناته وبكل قدراته معناه استسلام معناه خنوعا معناه جبناً معناه ذلاَ معناه عدم إحساس بالكرامة معناه عدم إحساس بالعزة.
البعضُ يأتي هكذا على هذا النحو ليعرف أبناءُ شعبنا أن هناك حملةً لدينا معلوماتٌ عنها اسمها رياح السلام تهدف إلى تجميد الناس عن التصدي للعدوان تحت عنوان نحن نريد السلام نحن نريد السلام المشرف نحن نريد السلام بكرامة نحن نريد سلاماً معهُ استقلال معهُ كرامة معهُ حرية أما القعود والعدوّ يهجم أما الجمود والعدوّ يحتل أم السكوت والعدوّ يقتل ويدمّـر فهُو استسلام وهو ذل وهُو جبن وهو خنوع وهو خيانة هذه هي الحقيقة.
العدوّ مصر على العدوان لن يقبل أبداً بكل الجهود في المرحلة الماضية ولا في الوقت الحاضر كُـلّ الجهود الرامية إلى وقف العدوان إلى إحلال السلام رفضها العدوّ بالرغم من تنازلات كبيرة قدّمها المفاوضون والمحاورون عن أبناء وطننا بالرغم من تنازلات مجحفة جِـدًّا بالرغم من تقبلنا لخيارات مرة كان منها العرض الأممي بدور رقابي مباشر على ميناء الحديدة وكان منها أشياء أُخْـرَى يطول الحديث لو جئنا نستعرض كم تحدث عنها المحاورون وكم بيّنها الأخ محمد عَبدالسلام وغيره.
اليوم نحن نقولُ يا أبناءَ شعبنا الحالةُ الراهنةُ من جانب العدوّ هي حالةُ تصعيد هو يتحَـرّك في الساحة بكل إمْكَاناته بكل جهده بكل طاقته يحشد عشرات الآلاف يستخدم كُـلّ أنواع السلاح يعد الخطط يرتكب كُـلّ الجرائم وهو يبذل كُـلّ جهده لاحتلال الساحل ولاحتلال الحديدة وللزحف من مناطق الحدود وفي الزحف على كُـلّ المحاور وهو في نفس الوقت يرتكب أبشع الجرائم ويسعى إلى تضيق الخناق على هذا الشعب في ظرف كهذا في حالة كهذه ما الذي ينبغي أن يقالَ للناس هل اجمدوا اسكتوا اقعدوا في منازلكم؟ هل هذا منطقٌ استخدمه أي شعب حر؟ هل فعل شعب فيتنام كهذا يوم احتلت أمريكا أراضيه ويوم زحفت عليه؟ هل كان في الوقت الذي كُـلّ ما زاد زحف العدوّ عليه يقول اقعدوا اقعدوا سالموا سالموا هذا يعني شغل جنوني شغل عبث شغل خيانة شغل تافه منطق السلام نحن أهله سلام المشرف السلام بعزه وكرامة السلام ويتوقف عن عدوانه ويتوقف عن زحفه يتوقف عن احتلالهِ لبلدنا ومناطقنا أما وهو يستمر ويصر على الاستمرار في الاحتلال للأرض في الانتهاك للعرض في الهتك للكرامة في القتل الجماعي للأطفال والنساء والكبار والصغار ويصر على أن يواصل جرائمهُ بحق هذا الشعب يقصف بكل أنواع السلاح ونأتي نحن نقول يجب أن نقعد يجب أن نسكت يجب أن نسالم ولا نعمل شيئاً هذا يُسمى تنصلاً عن المسؤولية المسئولية الدينية يا أهلَ الدين والمسؤولية الوطنية يا أهلَ الوطنية ويا من كانوا دائماً وأبداً يقولوا الوطن الوطن الوطن الوطنية كن وطنياً كن وطنياً دافع عن وطنك وإذا بالبعض يذهب وقد قال أولاً أن هذا الحرب عدوان والوقوف إلى صفهِ خيانة وبعد ذلك يذهب ليقاتل مع أولئك الخونة والغزاة الأجانب.
اليومَ في مقابل هذا التصعيد الموقف الصحيح هو الاستنهاضُ هو النفيرُ هو التحريك للشباب إلى الميدان، هو الرفدُ للجبهات بالرجال والمال، هذا هو الموقف الصحيح، ونقول مع ذلك نحن حاضرون للسلام المشرف، سلام يتوقف فيه العدوّ عن عدوانه عن احتلاله للأرض عن قتله للناس عن حصاره للشعب اقتصَادياً.
هذا السلامُ نحن حاضرون له، ونحن أهله، أما الاستسلامُ بعنوان السلام، فلا، لسنا أهلَ الاستسلام أبداً، لا إيْمَــاننا ولا كرامتنا الإنْسَـانية ولا حتى هويتنا الإيْمَــانية والدينية والوطنية واليمنية تقبل لنا بالاستسلام، الله يأبى لنا ذلك ورَسْـوُله والمؤمنون.
ننتقلُ إلى المحور الاقتصَادي، في العنوان الاقتصَادي الواقع مؤلم جِـدًّا الحالة القائمة هي حالة حرب بكل ما تعنيه الكلمة والعدوّ من يومه الأول فتح مسارات الحرب بكل أشكالها على المستوى العسكريّ على المستوى السياسي على المستوى الاقتصَادي وعلى المستوى الإعلامي.
تحَـرّك العدوّ من كُـلّ الاتّجاهات وهو في كلها يستهدفنا كشعب يمني، يستهدفنا عسكريّاً ويستهدفنا اقتصَادياً ويستهدفنا سياسيا ويستهدفنا إعلاميا لتزييف الحقائق ولتزييف الوعي وللتغطية على الجرائم، فنحن معنيون بالتصدي للعدوّ في كُـلّ أشكال هذه الحرب في كُـلّ مساراتها وفي كُـلّ اتّجاهاتها.
على المستوى الاقتصَادي سعى العدوّ على أن يفرض حصاراً اقتصَادياً، هذه أول خطوة، وأن يمنع دخول الكثير من البضائع إلى بلدنا وكثير من الاحتياجات الإنْسَـانية الملحة والضرورية للحياة إلى بلدنا ويصل البعض منها بقيود، قيود وإجراءات وتفتيش وترخيص وتأخير يترتب عليها زيادة الكلفة المالية، هو قصد ذلك.
لا يصل حتى القمح إلى بلدنا وهو قمح نتاجه خبز نأكله، لا يصل هذا القمح إلا بإجراءات مطولة ويحتاج إلى ترخيص من الأمم المتحدة، ويحتاج إلى رقابة من السعوديّ والإماراتي والمصري ويحتاج إلى إجراءات ومرورا بهنا وهناك وتأخيرا هنا وهنا، فلا يصل إلى ميناء الحديدة إلا بشق الأنفس وقد تبع ذلك غرامات وزيادات فلا يصل إلا بكلفة مالية مرتفعة، حصار.
خطوة ثانية احتلال للموانئ واحتل الموانئ في السواحل وفي المحافظات الجنوبية وصولاً إلى المخاء وهو يسعى لاحتلال ميناء الحديدة لنفس هذا الهدف للمضايقة على المستوى الاقتصَادي.
احتلال المنافذ البرية سواء مع عُمان أما مع المنافذ البرية السعوديّة فالأمر واضح، هناك مشكلةٌ وحرب – حتى مع عمان وسعى إلى أن يضيق إلى ما يأتي إلى البلد من احتياجات وبضائع وغيرها وأن يفرض عليها إتاوات وغرامات وكلفة مالية عالية وتصبح المسألة مقعدة وتحتاجُ إلى جهد جهيد وتخرجُ عن مسارها الطبيعي والاعتيادي، وحرص كذلك على احتلال بقية المطارات ومنع المطارات التي لا تزال في مناطقنا الحرة من أي عمل اقتصَادي ومن أي تحَـرّك لا لرجال المال والأعمال ولا لنقل أي احتياجات أَوْ بضائع أَوْ أياً من ذلك، فالحصار وتضييق الخناق على شعبنا كان مسارا رئيسيا في العدوان علينا كشعب يمني مسلم.
ثم سعى في خطوة أُخْـرَى وكانت من أخطر الخطوات وأَكْثَـرها ضرراً إلى التآمر على البنك المركزي، البنك المركزي له مهامٌّ أساسية فيما يتعلق بالعُملة وضبط السياسية النقدية وفيما يتعلق أَيْضاً بتغطية المشتروات التي يشتريها تجار البلاد من خارج اليمن.
التجار من البلاد، من اليمن يشترون البضائع من خارج اليمن بالعُملة الأجنبية وأَكْثَـر ذلك بالدولار، البضائع في كثير من الدول تشترى بالدولار التاجر من البلاد إذَا أراد أن يحصلَ على عُملة الدولار، لكي يشتري بضاعة من خارج اليمن ليأتي بها إلى اليمن من أين يحصل على الدولار بمبلغ مناسب في مقابل العُملة اليمنية كان يحصل عليه من خلال البنك المركزي.
البنكُ المركزي كان معنياً أن يوفر الدولار للتاجر الذي سيشتري القمح وللتاجر الذي سيشتري مَثَـلاً مشتقات نفطية وللتاجر الذي يوفر مواداً أساسية الرز أَوْ السكر أَوْ الزيت أَوْ أياً من ذلك، يحصل التاجر على الدولار من البنك المركزي.
البنك المركزي يغطي للتجار ولا يحتاج في مقابل إعطائهم الدولار إلى ابتزازهم ماليا ويحتاج إلى مبالغَ كبيرة، فلذلك كانت تبقى عملية الصرف بالنسبة للتجار والحصول على الدولار مسألة متزنة ومضبوطة من خلال البنك المركزي.
أتى الأَعْــدَاءُ فتآمروا على البنك المركزي، نقلوا عملياتِ البنك المركزي إلى عدن، وقفوا التعامل مع البنك المركزي في صنعاء في الدول الخارجية، لم يعودوا يتعاملوا مع البنك المركزي في صنعاء، جمّدوا الاحتياطي من العُملة الصعبة من الدولار الذي هو ملك للبنك المركزي وموجود في أمريكا، جمدوه ولم يتجاوبوا مع البنك المركزي في صنعاء لأن يكون ذلك الرصيد الذي هو ملك للشعب اليمني ويتبع للبنك المركزي بصنعاء أن يستفاد منه في أية تغطية لصالح توفير المواد الأساسية للبلاد هذه خطوة.
الخطوة الأُخْـرَى، اتجهوا لطباعة مبالغَ كبيرة جِـدًّا في روسيا لأَكْثَـرَ من ترليون على مراحلَ متعددةٍ في كُـلّ مرحلة تصل أحياناً إلى مليارات الدولارات وأحياناً إلى عشرات المليارات من العُملة الوطنية من الريال اليمني من فئة الألف وبعدها من فئة الخمسمائة وبعدها فئات أقلّ وأتوا بها إلى البلاد.
عندما تصل إلى عدن لا تصرف هذه المبالغ للمرتبات مع أنهم تعاهدوا بصرفها للمرتبات ولا تصرف للاحتياجات الأساسية للشعب اليمني لا لتوفير الدواء للمستشفيات وتوفير الاحتياجات الصحية ولا لتوفير احتياجات أساسية للشعب اليمني، لا غذاء ولا دواء ولا هم يحزنون.
توزع على كبار الخونة المرتزِقة وهم ماذا يعملون؟! يتجهون لاستبدالها بالدولار ويدفعون؛ لأنَّهم حصلوا عليها من دون كد ولا تعب يدفعون في سبيل أن يحصلوا على الدولار مبالغ كبيرة فرفعوا قيمة الدولار؛ لأنَّهم يدفعون كَثيراً، يدفع سبعمائة ما عنده مشكلة للدولار الواحد، سبعمائة ريال يمني، رفعوا من أسعار الدولار بشكل كبير.
وهم لا مشكلة عندهم، بالنسبة لقادة الخونة والمرتزِقة ما عنده مشكلة أي واحد منهم بصفة وزير ولا ضابط عسكريّ أَوْ بأية صفة وبأي اسم ما عنده مشكله أعطوه ثلاثة مليارات أربعة مليارات حصل عليها من هذه العملات المطبوعة يريد أن يحولها إلى دولار وتحول إلى رصيد له في الخارج.
التجار من الجانب الآخر، البعض منهم ضعيفون في تعاونهم مع البنك المركزي في صنعاءَ ومع لجنة المدفوعات التي تسعى إلى ضبط هذه العملية، يتجهون هم كذلك إلى أن يحصلوا على الدولار من السوق السوداء وبأية صفة كانت من هنا وهناك ولو بمبالغَ زائدة فخفضوا من قيمة العُملة، أضعفوا العُملة الوطنية في قيمتها مقابل الدولار نتج عن ذلك غلاء في الأسعار ويحصل أيضاً استغلال، غلاء أَكْثَـر، أَكْثَـر أحياناً من مسألة ارتفاع الدولار؛ ولذلك يجبُ أن نكون على وعي لأسباب المشكلة ومن وراء هذه المشكلة.
الذي وراء هذه المشكلة هو العدوّ وأراد أن يصل إلى هذه النتيجة من إضعاف العُملة الوطنية مقابل الدولار لماذا؟ لارتفاع الأسعار حتى ترتفع أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية ويصعب على الشعب توفير أي شيء من احتياجاته تنعدم القدرة الشرائية ومن يوم أن قال السفير الأمريكي في الكويت آنذاك أيّام الحوار في الكويت أيّام مشاورات الكويت توعد السفير الأمريكي وهدّد بأنهم سيعملون على أن يكون فئة الألف ريال يمني بأقل من تكلفة الحبر المكتوب عليه، سعوا ويسعون إلى الوصول إلى هذه النتيجة، وبالتالي هذه هي حقيقة المشكلة هذا هو أساس المشكلة ضعف العُملة الوطنية مقابل الدولار لعاملين رئيسين أولهما:
تعطيل دور البنك المركزي في صنعاء وتجميد احتياطيه في الخارج الذي كان يغطي احتياجات أَوْ لمشتروات التجار من المواد الأساسية الآتية إلى البلد.
والعامل الثاني يتعلق بطباعة مبالغَ هائلة جِـدًّا ومبادلتها بالدولار بارتفاع بقدر مبالغ كبيرة وكذلك عدم الانضباط من بعض التجار في هذا الاتّجاه هذا شيء.
الشيءُ الآخر هناك ضعفٌ كبيرٌ في الإيرادات في صنعاء يعني مَثَـلاً ليس هناك موارد بالعُملة الصعبة في الماضي كان يمكن أن نبيع البترول من الخارج بالدولار فنحصل على الدولار وكان يمكن بيع الغاز بالدولار ونحصل على الدولار كان يمكن بيع منتجات وطنية وتسويقها بشكل كبير إلى الخارج والحصول في مقابل ذلك على الدولار، ضعف عمليات التصدير إلى الخارج وكذلك توقيف بيع النفط في الداخل عندنا كبلد حر وتحكم قوى العدوان والخونة معها على الغاز والبترول في مأرب وَشبوة وحضرموت وعدم الاستفادة من عائداته، العوائق التي هي بالدولار عدم الاستفادة منها في توفير احتياجات التجار من الدولار لتوفير المواد الضرورية للبلاد أثر على البنك المركزي في صنعاء ليس لديه مصادر للحصول على العُملة الصعبة.
هذه هي حقيقةُ المشكلة كيف ينبغي أن نواجه هذه المشكلة؟ يجب أن نواجهها بوعي أولاً، نعرف من هو العدوّ في هذا السياق يمكن أن يكون أمامنا جملة إجراءات كثيرة إجراءات على مستوى المعركة العسكريّة دعم هذه المعركة العدوّ إذَا عرف أنه كلما ضيق على الناس اتجهوا إلى الجبهات لقتاله أَكْثَـر هذا رد مهم ومؤثر عليه ومزعج له، إذَا عرف أن النتيجةَ لن تكونَ هي السخط على أنفسنا وأن نعود على أنفسنا بمشاكل داخلية وإنما نتجه بوعي أن وراء هذا كله هو العدوّ فنتجه إلى قتاله أَكْثَـر وأَكْثَـر وإلى التصدي له سيكون لهذا تأثير كبير عليه؛ لأنَّه يهدفُ إلى إيصالنا إلى الضعف والانهيار وإلى صناعة مشاكل داخلية في البلاد.
اليوم معنيون بالتحشيد أَكْبَـر إلى الجبهات بالتصدي للعدوّ في معركته العسكريّة بشكل أَكْبَـر، أما على المستوى الاقتصَادي أمامنا جملةُ خطوات بالأول مطلوبٌ من التجار أن ينضبطوا أن يتعاونوا مع لجنة المدفوعات أن يتعاونوا مع البنك المركزي في صنعاء أن يتفهموا خطورة هذا الأمر حتى عليهم في الأخير إذَا فقد الشعب قدرتَه الشرائية ستكسد تجارتكم ستخسرون أنتم يا تجار من مصلحتكم أن تتفهموا وإلا لو ينهار الوضع الاقتصَادي أنتم في خطر حتى تجارتكم في خطر فكّروا لو حصلت فوضى يمكن أن تنهب بضائعكم يمكن أن تكونوا في خطر يمكن أن يتجهَ الناس بشكل فوضوي على متاجركم على بضائعكم مسألة خطيرة عليكم، إضافةً إلى الكساد لا تنفق بضائعكم إذَا فقد الناس القدرةَ على الشراء ليس من مصلحتكم أن لا تتعاونوا التعاون هو مصلحة لكم ومصلحة للشعب، التجار عليهم أن يتعاونوا مع البنك المركزي مع اللجنة الاقتصَادية مع لجنة المدفوعات حتى ينتظموا في عملية الحصول على الدولار بالسعر المناسب ولا يغالوا في سبيل الحصول عليه بمبالغَ زائدة تضعف العُملة الوطنية هذه خطوة.
خطواتٌ أُخْـرَى على الحكومة هناك خيارات كثيرة في تفعيل الريال الإلكتروني في تفعيل البطاقة التموينية مع معالجة اختلالاتها، في تفعيل وسائلَ وبدائلَ وحلول اقتصَادية ستخفف من المعاناة وستحدُّ من المشكلة وستوقفها عند حـدٍّ معين كُـلّ هذا يحتاجُ إلى اهتمام كبير من جانب الحكومة وإلى مساندة لدور الحكومة من كُـلّ أَصْحَـاب الخبرة والاختصاص والدور المساعد يدخل فيه كُـلّ الذين لديهم ابتكارات وأفكار نافعة مجدية تعالج مشكلة الإيرادات وضعف الإيرادات تعالج مشكلة العُملة الصعبة إلى آخره.
هناك حلولٌ أَيْضاً على مستويات أوسع في الاهتمام الاقتصَادي الاتّجاه بشكل كبير إلى الزراعة؛ للحصول على غذائنا ولتقليل الاستيراد من الخارج لكل شيء لكل التفاصيل، كثير من التجار يتجهون إلى استيراد كُـلّ شيء من الخارج إلى البلاد وكل شيء يتم توريدُه من الخارج يحتاجُ إلى عُملة صعبة ما الذي يفيدنا أن نتجهَ إلى الإنتَاج المحلي، اتّجاهنا إلى الإنتَاج المحلي لا يحتاج إلى العُملة الصعبة في كُـلّ شيء، كثيرٌ من الخضروات كثير من الفواكه كثير من المنتجات يمكن إنتَاجُها في بلادنا والله هذا ممكن، أَوَلسنا نملكُ أراضٍ زراعيةً كشعب يمني أَوَليست الكثير من محافظاتنا ذات إنتَاج بجودة متميزة وعالية في الخضروات والفواكه فلماذا يذهبُ البعضُ من التجار إلى استيراد كُـلّ أشكال الفواكه كُـلّ أشكال الخضروات من خارج البلاد؟ لماذا؟ يأتي البعض حتى بأبسط الأشياء وهي ذات وفرة كبيرة في الداخل هذا يضر الإنتَاج المحلي يُـمَثِّـلُ حلا كَبيراً.
كوبا تعرضت للحصار الكبير من أمريكا لأَكْثَـر من خمسين عَاماً وأَكْثَـر ما استفاد منه أهل كوبا الزراعة في بلدهم الإنتَاج الوطني الذي وفر لهم كَثيراً من احتياجاتهم وصمدوا.
اليوم مطلوبٌ من التجار بَـدَلاً عَن أن يركّزوا على استيراد كُـلّ شيء من الخارج أن يركّزوا على المنتج المحلي ويتجه الناسُ إلى الزراعة يتجه الناس إلى أن يزرعوا مختلف المحاصيل الزراعية وتتعاون الدولة في ذلك مع التجار ومع المزارعين في كُـلّ ما يساعد على نجاح هذه العميلة وهذا مسار ممكن ومتاح وينبغي أن نتجه إليه وأن نحرص عليه، وكذلك هناك أشياء فيما يتعلق ببقية الأمور والمتطلبات والاحتياجات يمكن يعني تشجيع المنتج المحلي وتشجيع المنتج المحلي يقلل من الاعتماد على الدولار ما معنى تحتاج كُـلّ شيء توفره للبلاد تحتاج فيه إلى دولار توفر محلياً وما تحتاج إلى دولار، ينتج لك المزارع الطماطم والبطاط وما يحتاج إلى الدولار يبيع بالعُملة المحلية من أول يوم من المزرعة إلى السوق ويبيع بالعُملة المحلية بَـدَلاً عَن أن تأتي بالبطاط من خارج البلاد بالدولار أَوْ بالسعوديّ أَوْ بعُملة صعبة ما تحتاج إلى هذا هكذا أشياء كثيرة جِـدًّا.
الاقتصَادُ في استهلاك المشتقات النفطية إحنا يا اليمنيين أَصْحَـاب مشاوير كثيرة يذهب على السيارة لأبسط مشوار وأحياناً يتذكر مسألة معينة وعمل مشوار من أجلها خصيصاً ووصل المنزل وتذكر مسالة ثانية وشغل السيارة وتحَـرّك يشتي ثاني مشوار وهكذا نذهب ونجي ونتحَـرّك باستمرار وهذا يسببُ استهلاكاً كَبيراً ومؤكّـد أن نسبة الاستهلاك للبنزين عالية جِـدًّا، عالية كثرة مشاوير خلاص خدر القات واتلهى الموضوع وشغل السيارة وتحَـرّك، لا، نقتصد في الاستهلاك هذه مسألة مهمة جِـدًّا ونفعل حالة التعاون فيما بيننا، هناك من أبناء الشعب من يعانون معاناة شديدة حتى في الحصول على الغذاء في الحصول على القمح، البعض من المناطق وصلوا إلى أكل الشجر والله المستعان، في واقعنا الداخلي تجار وغير تجار ينبغي أن نعود إلى ما تربينا عليه منذ الأجيال، نحن شعب تربى على العطاء وعلى الكرم وعلى السخاء وعلى الإحساس بالآخرين وبأوجاعهم وبآلامهم والتربية الإيْمَــانية هي قائمة على هذا الأساس “ما آمن قيل من يا رَسْـوُل الله قال من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم” ما آمن ما آمن، الإيْمَــان يمانٍ، انتبه لجارك لا ينام جائعٌ يمضي ليلته جائعاً هو وأسرته وأنت تنام شبعانَ ما آمن إذَا أنت مدرك لما هو عليه وتتجاهل ذلك، تفعيل التعاون وهذا متاح والتعاون فيه خير وفيه بركة والحرص على هذا الجانب سيكون له نتائج إيجابية، ولاحظوا كثير من الشخصيات الاجتمَاعية كثير من العلماء والمرشدين كثير من الناس ممن فيهم روح خيّرة ومعطائه ووجدان إنْسَـاني وإحساس بآلام الآخرين ومعاناتهم مهم أن يكثفوا في هذا الظرف من جهودهم، مع الحذر من المستغلين الذين قد يستغل هذا العنوان ويتحَـرّك فيه بطريقة مغلوطة لينهبَ ليحصل على أموال ليسرق تحت هذا العنوان الإنْسَـاني والخيري، فالتركيزُ على العمل الإنْسَـاني والخيري مطلوبٌ في هذه المرحلة بشكل كبير وتراعى فيه كُـلّ الأسر المحتاجة في المدن في القرى في الأرياف هذا مهم جِـدًّا، التحَـرُّكُ من الجميع بتعاون وسياسات إيجابية التعاون بالفكرة الصحيحة بالابتكار بالمشاريع بالمبادرات الذاتية التعاون بالتوجه نحو المشاريع والأعمال المثمرة والمنتجة سيعطينا فيها الله البركة لو سعى أعداؤنا كيف ما كان سعيهم في حصارنا فلن يتمكّـنوا، هم يتمكّـنون نتيجة ماذا نتيجة أن الوضع الاقتصَادي متأثر بسياسات من الماضي سياسات خاطئة مضت علينا عشرات السنين لم يبنى لنا وضع اقتصَادي في هذا البلد ثم واجهنا هذا التحدي الكبير من واقع صعب، ولكن بالتعاون يمكننا أن نحصل ونحن بالتوجه إلى الله والعمل والتفكير الصحيح والعمل الجاد نستطيع أن نواجه هذا العدوان؛ لأنَّ الله هو الرزاق، “إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ”، رزاق وقوي يوصل رزقه إلى عبادة لكن نعمل مثل ما عمل شعب كوبا مثل ما عملت شعوب أُخْـرَى مثل واجهت الجمهورية الإسْلَامية في إيران حصاراً امتد عليها لأَكْثَـرَ من ثلاثين عَاماً فلم يؤثر عليها حتى في مستوى أن تنهض وأن تبني نفسها بناءً كَبيراً على كُـلّ المستويات وليس فقط أن تتماسك بل أن تبتني وتنهض نهضة متميزة ومعروفة في المنطقة كما فعلت شعوب أُخْـرَى في هذا العالم، نستطيع بالتفكير الصحيح والتعاون والعمل الجاد واستغلال كُـلّ الفرص المتاحة والالتجاء إلى الله والاستعانة بالله والدعاء والعمل نستطيع أن نواجهَ هذا التحدي الاقتصَادي، ولكن لنحذر من ثلاث حالات:
الحالة الأولى: حالة الجمود والتكاسل واليأس والإحباط هذا حالة خطيرة التي يتصور فيها البعض أنه ما من خيار ما من حَـلّ ما من مخرج ليس أمامنا إلا الانهيار هذا حالة سلبية يجبُ الحذر منها جِـدًّا ويحذر الناس كذلك ممن يحاول أن يوجه السخط إلى الذات إلى الداخل يقول علينا أن نثور ثورة الجياع، نثور على أنفسنا نحن هذا الشعب المعاني المظلوم الكادح نثور على أنفسنا المحارب، لا بأسَ أن نثور على العدوّ نثور ثورة الجياع على من هو وراء جوعنا هذا وراء معاناتنا هذه وراء بؤسنا هذا على من اتخذ قرارا بنقل عمليات البنك المركزي وتجميد احتياطيه في الخارج على من احتل منابع ثرواتنا في مأرب وشبوة وفي حضرموت على من احتل المنافذ الموانئ والمطارات ومنع حركة المطار في صنعاء ومناطق الداخل على من يسعى لحصارنا ويعيق حتى وصول القمح والدواء إلينا إلا بجهد جهيد وكلفة عالية على من يقتلنا في الليل والنهار ويدمّـر وطننا دمّـر مصالحنا دمّـر جسورَنا ودمّـر مستشفياتنا ودمّـر مصانعنا ودمّـر بُنيتنا التي هي بُنية متواضعة البنية التحتية بنية متواضعة ومع ذلك دمّـرها علينا، نثور ثورة الجياع عليهم نثور ثورة الجياع إلى الجبهات، أما أن نرجع على أنفسنا وعلى بعضنا البعض هذا ليس صحيحاً التحَـرّك في المحافظات الجنوبية صحيح التحَـرّك في المحافظات المحتلة والثورة فيها فعل صحيح؛ لأنَّه فعل على من هو وراء هذه الحالة ولأنه وراءها كانت في كُـلّ اليمن لو كانت المشكلة يا جماعة لمن هم في صنعاء فحسب هم وراء هذه المشكلة لكانت هذه المشكلة منحصرةً في محافظاتنا لكن عندما ترى انهيار العُملة المحافظات المحتلة في عدن في مأرب وفي شبوة وفي حضرموت وفي كُـلّ المحافظات المحتلة لتعرف من هو وراء هذه المشكلة لو كان وراء هذه المشكلة فقط من هم في صنعاء لما انهارت العُملة إلا في المناطق الحرة في صنعاء وفي هذه المحافظات لكن انهارت في بقية المحافظات، رأينا المعاناة في تلك المحافظات بأشد مما هي عليه في محافظاتنا وبالتالي نعرف من وراء هذه المشكلة من وراء هذه الأَزْمَـة من وراء هذه المعاناة من الذي صنع لنا هذه المأساة هو المعتدي هو الذي اتخذ تلك القرارات التعسفية والظالمة ليظلمنا في قوتنا؛ لأنَّه كما قلت سابقا يريد أن يوصلنا كشعب يمني إلى أن يقول لنا بلسان الحال أَوْ بلسان المقال من يريد لقمة العيش فليدع نفسه بمبلغ مالي هو يريد هذه يريد أن ينهار الناس في صمودهم وتماسكهم وأن يعودوا على بعضهم البعض كُـلّ الذين ينادون بجر الناس إلى الفوضى في الداخل في صنعاء أَوْ في إب أَوْ في أية محافظة من هذه المحافظات هم يوجهون البوصلة إلى غير محلها كما يصلي إلى غير القبلة يقول لك نحن نريد ثورة الجياع ثورة الجياع على أنفسنا هذا ليس صحيحاً، على الذين هم معك في مشكلتك في مأساتك هم مظلومون كمثل ما أنت مظلوم ليس هم من صنع هذه المأساة ولا من صنع هذه المشكلة.
نثور جميعاً ثورة الجياع المظلومين المضطهدين الذين نهبت ثرواتهم النفطية في مأرب وحضرموت وشبوة والذين نهبت مصالحهم والذين ظلموا في اقتصَادهم والذين أصيبت عملتهم بالضرر؛ بسببِ سياسة قوى والعدوان وعملائها والخونة، نثور جَميعاً على أولئك ونتجه للتعاون في إصلاح وضعنا الداخلي ولا بأس بالنقد البناء ولا بأس بالمساءلة، مجلس النواب لا مانع أن يسائل أي موظف أَوْ مسؤول ضمن صلاحياته وضمن حدود مهامه ولكن مسألة التأليب للرأي العام لصناعة مشكلة أَوْ جرّ الناس إلى فوضى هذا خطوة غير موفقة أَبَـداً وخطوة ورائها العدوّ والذي يشتغل فيها يخدُمُ العدوّ سواء بشكل مباشر أَوْ بشكل غير مباشر وهي في نفس الوقت لا تُـمَثِّـلُ حلاً ولا تصنع مخرجاً أَبَـداً ليس لها أية إيجابية إلا سلبية أَكْبَـر ولذلك الحَـلّ هو التعاون وتصحيح الاختلالات لا بأس النقد البناء الناصح الحريص السليم اما الكلام الفوضوي المتعفن الحاقد فهو يصدر ممن ليسوا حريصين على مصلحة الناس.
الحريصُ على مصالح الناس سيكونُ منطقُه منطقَ الناصح الحريص وليس منطق الحاقد يطلق كلاماً موبوءاً فاسداً حاقداً يهدفُ إلى إثارة الفوضى والمشاكل وزيادة محن الناس ومعاناتهم تخيّلوا إذَا دفع الناس إلى الفوضى على ما نحن فيه من معاناة كشعب يمني ألن تكون المعاناة أَكْبَـر ألن تكونَ المأساة أعظمَ، بلى، المسألة واضحة هو أسلوبٌ خاطئ الدفع بالناس نحو الفوضى ويمكن أن يستغلَّه العدوّ ولكن التوجه الصحيح ضد العدوّ هو للتعاون ضد مشاكل الداخل وللمعالجة من الحكومة من التجار من النخب من المواطنين التعاون هو الحَـلّ ويمكن أن يخفّف كَثيراً وكَثيراً من أعباء هذه المعاناة.
في يوم الغد إن شاء اللهُ ستكونُ هناك مسيرة كبرى في صنعاء في ذِكْــرَى استشهاد الإمام الشهيد زيد بن علي ابن الحسين -عَلَيْهِـمُ السًّـلَامُ- وَأَيْضاً ستركز هذه المسيرة على الموضوع الاقتصَادي بإطلاق صرخة حرة ضد الطغيان وضد العدوان ولمعاناة هذا الشعب المظلوم.
أنا أكرِّرُ اليومَ مبادرتَنا في الماضي نحوَ تحييد الاقتصَاد، أكرّر اليوم هذه الدعوة ورفض الأَعْــدَاء لها ورفض الخوَنة لها يدُلُّ على أنهم ليسوا حريصين أَبَـداً على مصلحةِ شعبِنا اليمني.
أرجو إنْ شاء الله أن يكونَ الحضورُ يومَ غد حضوراً جيداً.. وَنَسْأَلُ اللهَ سُبْحَــانَــهُ وَتَعَالَى أن يُوَفِّقَنَا لِمَا يُرضيه عَنَّا، أن ينصُرَ شعبَنا المظلوم وأَنْ يَرْحَمَ في هذا اليوم شُهْدَاءَنا الأبرارَ، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَيَفُكَّ أسرانا وَيُفَرِّجَ عَنَّا.. إنَّهُ سَمِيْعُ الدُّعَـاءِ.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه..