يوم الأربعاء الماضي تم الإعلان عن وصول المنحة السعودية بمعيّة اللجنة الاقتصادية، وسط احتقان الشارع الجنوبي، وتوتّر سياسي بين «المجلس الانتقالي»، وحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي. وأثار إعلان السلطات السعودية تقديم منحة مالية جديدة لدعم البنك المركزي اليمني قدرها 200 مليون دولاراً، تساؤلات وشكوك عديدة حول حقيقة وجدوى ومصير المنح المالية السعودية، المعلنة تباعاً لدعم العملة اليمنية والعملية الاقتصادية في اليمن بشكل عام، منذ شن «التحالف» الذي تقوده السعودية عملياته العسكرية وفرض حصاره الاقتصادي الشامل على الأجواء والأراضي اليمنية في مارس 2015م لدعم «الشرعية».

 

3 مليار دولار

 

وعلى إثر موجة تدهور متسارعة للريال اليمني وتسجيله أدنى نقطة انهيار في تاريخه، تخطّت به حاجز الـ 800 ريالاً للدولار الواحد. يوم الاثنين الماضي، وقبيل تراجعه نسبياً في وقت لا حق، وجّه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود، بتقديم مبلغ 200 مليون دولاراً أمريكياً، منحةً للبنك المركزي اليمني، دعماً لمركزه المالي.

 

وبحسب الإعلان الرسمي السعودي «سوف تساهم هذه المنحة، بالإضافة إلى ما سبق إيداعه في البنك المركزي اليمني، بما مجموعه ثلاثة مليارات دولار أمريكي، في تخفيف الأعباء الاقتصادية على الشعب اليمني».

 

ثلاث ودائع سعودية

 

المنحة السعودية المعلنة لدعم البنك المركزي اليمني، تعد الثالثة خلال العام الجاري، ففي يناير من ذات العام، أعلنت السلطات السعودية إيداع مبلغ ملياري دولار أمريكي لدعم البنك المركزي اليمني، وبحسب احصائية أعدها موقع «العربي»، فقد سبق هذه المنحة إعلان للسفير السعودي في صنعاء، محمد آل جاب، بتقديم حكومة بلاده منحة لليمن في 8 أغسطس 2018م، قال إنها ستساهم في تحسين أداء الكهرباء.

 

وقال آل جابر، إن «توجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده قضت بمنح مشتقات نفطية لمحطات الكهرباء في الجمهورية اليمنية بقيمة 60 مليون دولار شهرياً لتشغيلها على مدار الساعة، لرفع المعاناة عن الشعب اليمني الشقيق».

 

 استقرار نسبي وحلول ترقيعية

 

وفي حديثه إلى «العربي»، يعتقد الخبير الاقتصادي، درهم عبد الباقي، أن «المنحة السعودية الجديدة، يمكن لها أن تحقّق استقرار نسبي وتغطية مؤقّتة لإيقاف تدهور الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، كنوع من الحلول الترقيعية»، مشيراً إلى أن «المشكلة الاقتصادية تتطلب حلاً جذرياً لمعالجة منظومتها المتكاملة».

 

ويرى رجال أعمال أن «المنحة السعودية الجديدة لا تفي بتغطية احتياج تجار المشتقات النفطية والسلع الغذائية الأساسية للعملة الصعبة لبضع أسابيع»، متوقعين «حدوث انهيار جديد في أسعار العملة المحلية».

 وبحسب مصادر في الغرفة التجارية بصنعاء، تحدثت إلى «العربي»: «يحتاج تجار المواد الغذائية الأساسية والمشتقات النفطية إلى اعتمادات تقارب الـ250 مليون دولار شهرياً، لتغطية احتياجات المستهلك في الأسواق اليمنية»، مشددة على «أهمية استئناف الصادرات اليمنية إلى الخارج، وفي مقدمتها النفط والغاز والصادرات الزراعية، وايداع إيراداتها من العملة الصعبة في أوعية البنك المركزي اليمني».

 

حقنة مهدئة

 

وفي تعليقه على نبأ المنحة السعودية الجديدة، قال الإعلامي محمد الخامري، إن «هذا المبلغ هو المخصّصات الشهرية ومرتبات هادي وأولاده وحاشيته شرعية الفنادق»، وشكك بحقيقة المنحة، قائلاً «لا يوجد أي مصدر سعودي رسمي في الديوان الملكي أو وزارة المالية أو الحكومة السعودية عموماً أعلن ذلك»، وهو ما يعني حسبما يرى الخامري، أن «الإعلان إنّما يعد حقنة مهدئة مثل خبر المليارين السابقة».

 

من جانبه، شكّك رئيس «اللجان الثورية العليا»، محمد على الحوثي، في حقيقة المنحة السعودية، معتبراً «إعلان السعودية لمنحة للبنك المركزي مشكوك فيها، وإنما تأتي للإلتفاف وامتصاص السخط».

 

وفي تغريدة على موقع «تويتر»، قال الحوثي إن «من يعمل على تدمير الاقتصاد اليمني وتدهور العملة هو التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي وحلفائه باليمن»، مضيفاً «لنا أمثلة كثيرة على إعلان مِنح لم تُمنح وأبرزها الوديعة التي لم تودع».

 

* العربي| جميل الجعدبي..