الأزمة المشتعلة بين السعودية ومحافظة المهرة اليمنية تتفاقم يوماً بعد آخر. وفيما المواجهة بين القوات السعودية وأبناء المحافظة واعتصامهم السلمي، تستعر أكثر، اتخذت حكومة «الشرعية» جانب المتفرّج، بعد أن مهّدت لتسعير الموقف عبر إصدارها أمر اعتقال الشيخ علي سالم الحريزي، بعد إقالته من منصبه كوكيل محافظة المهرة لشؤون الصحراء، وهو الأمر الذي وضعه المهريون في خانة «تنفيذ الأوامر السعودية».

وفي حوار خاص مع «العربي»، يكشف الشيخ الحريزي، أحد الداعمين للاعتصام السلمي المطالب برحيل قوات «التحالف»، عن أسباب دخول القوات السعودية المهرة، ويؤكد معرفة المعتصمين بالأنبوب النفطي الذي تسعى السعودية إلى مده عبر المهرة، مشدداً على مواصلة الاعتصام بشكل سلمي. 

– برأيك ما أسباب وجود القوات السعودية والإماراتية في المهرة؟
إن التواجد العسكري لقوات السعودية وقبلها الإماراتية كان ولازال لأغراض ومطامع توسعية وأجندة خاصة بهم تحت مبررات غير صحيحة، حيث إن محافظة المهرة لا يوجد فيها أي قوات متمردة على «الشرعية»، وكل الذي تقوم بها السعودية والإمارات بعيد كل البعد عن أهداف «التحالف العربي» المعلن عنها من أجل إعادة «الشرعية».

– كيف كان الاتفاق المبرم بينكم وبين القوات السعودية في الفترة الماضية؟
السعودية دولة جارة والاحترام بيننا يجب أن يكون، لكن ليس إلى حد أن نصمت عنها وهي تتجاوز كل الأعراف والقوانين وحقوق الجيرة وندعها تنتهك أرضنا وحقوقنا. القوات السعودية وصلت إلى مطار الغيظة واتفقت مع السلطة المحلية والمشائخ والأعيان فور وصولها أنها لن تستخدمه غير لأغراض إنسانية ودعم تنموي للمحافظة، وخلال أيام قليلة فاجأتنا بوصول العتاد العسكري ومئات الجنود على متن الطائرات العسكرية السعودية إلى مطار الغيظة المدني، وبهذا تنقض وعدها.
وبعدها أتت الاعتصامات السلمية من أبناء محافظة المهرة وكل اليمنيين في المحافظة لأجل الدفاع عن السيادة الوطنية التي نرفض انتهاكها من أجل الحفاظ على كرامتنا، وقبلت السعودية والسلطة الموالية لها بقبول المطالب الستة وتم توقيع الاتفاق بين طرف المعتصمين وطرف «التحالف» (الجانب السعودي) والسلطة الموالية لها على أن القوات السعودية تنسحب من المطار والميناء والمنافذ الحدودية ورفع القيود الاستثنائية عن الحركة التجارية، وإعطاء الهيئة الإدارية في السلطة المحلية حقوقها في ممارسة مهامها بموجب قانون السلطة المحلية، وأن لا يتم تجاوز المؤسسات الأمنية والعسكرية وأن يكون أي عمل عبر مؤسسات الدولة، وعلى ضوء ذلك علقت اللجنة المنظمة للاعتصام فعاليتها لمدة شهرين لإتاحة الفرصة لتنفيذ النقاط المتفق عليها من قبل الطرف الآخر.

– ما التحركات الغريبة التي دفعتكم للانتفاضة بوجه هذه القوات؟
التحركات منذ البداية لم تكن تصب في مصلحة المحافظة ولم يقبل بها أبناء محافظة المهرة، فمثلاً في قشن خرجت مظاهرات ضد المتطرفين الذين تدعمهم السعودية وتنشيء مركزاً لهم لممارسة نشاطهم، أيضاً دعمها لمليشيات من خارج المحافظة كان أمراً مرفوضاً لدى الجميع في محافظة المهرة.
وبعد الاتفاق مع المعتصمين لم تمض أيام قليلة حتى لجأت القوات السعودية إلى نشر قواتها ومليشياتها على السواحل، واستحداث نقاط لمليشياتها في الشريط الصحراوي بطريقه غير قانونية، ومحاربة الصيادين ومنعهم من الاصطياد وزعزعة الأمن والاستقرار الذي تنعم به المحافظة.

– هل تلقيتم اتصالات من قيادات سعودية أو إماراتية أو يمنية تقدم لكم العروض من أجل إنهاء الاعتصام؟
نعم، كان هناك محاولات عبر وكلائها ومندوبيها، لكن لم يلقوا أي تجاوب من قبل المعتصمين وقيادات الاعتصام، وكان موقفنا واضح. نحن نرفض انتهاك السيادة الوطنية والانقلاب على «الشرعية» من خلال اختطافها والتحكم بقراراتها، ونحن ليس لدينا بضاعة نروجها، نحن لدينا موقف وطني شعبي واضح يجب أن يحترمه الجميع.

– كيف أظهرتم للناس الانتهاكات التي تقوم بها القوات؟
الانتهاكات واضحة للجميع، والمرصد الحقوقي لأبناء المهرة وسقطرى يعمل على رصدها بشكل قانوني وبكل شفافية، وبإمكان أي منظمة حقوقية أو وسائل إعلامية زيارة المحافظة للتعرف أكثر على ذلك، كما أن الاعتصام السلمي له دور بارز في التعبير عن رأي الشعب في المهرة.
  
– كيف تنظر إلى مذكرة اعتقالك؟
أنا أدرك جيداً أن الجانب السعودي يقف خلف هذه المذكرة لكن الأمر لا يهم، وغير مقبول أن كل من يؤيد الاعتصامات السلمية سيصدر بحقه مذكرة اعتقال، وسبق وأن وصلتنا تهديدات من الطرف الآخر عندما نذهب إلى الغيظة أو أي مكان بأنهم سيقومون بمهاجمتنا، لكن هذه الأساليب لا تنطبق علينا ولن يثنينا عن ممارستنا لأي دور يصب في مصلحة المحافظة والوطن.

– ما هي الخطوات القادمة التي ستقومون بتنفيذها في التصعيد؟ 
التصعيد في الاحتجاجات هو خيارنا ولن يخرج عن حدوده السلمية، ولن ننجر إلى مربع العنف الذي تبحث عنه السعودية لخلق فوضى في المنطقة وخلق مبررات لتنفيذ مآربها.

– كيف تفسرون صمت «الشرعية» حيال ما يحدث؟
الحكومة «الشرعية» صمتها يعود إلى سبب ضغط «التحالف» عليها، والآن قراراتها مختطفة، ونحن نناضل أيضاً من أجل إرجاع «الشرعية» إلى حيث مكانها الصحيح، لا أن تكون أداة بيد الخارج.
 
– كيف عرفتم أن السعودية تسعى إلى مد أنبوب نفطي من السعودية إلى البحر؟
من خلال وجود معلومات تؤكد ذلك المشروع التوسعي على حساب السيادة الوطنية، والشيء الآخر مباشرة الشركة المخولة بالعمل داخل الحدود اليمنية ووضع علامات إسمنتية للبدء بالمشروع وهذا ما رفضه السكان وخلعوا تلك العلامات؛ لأن وضع المشروع غير قانوني ومرفوض، كما أن الرسالة الرسمية التي تفيد بتكليف الشركة من قبل السفير السعودي بالعمل تسربت وتم نشرها في وسائل ومواقع إعلامية كبيرة. والأطماع السعودية لم تعد تخفى على أحد، فهي تُجاهر بذلك.

– أين تتمركز القوات السعودية والإماراتية في المهرة؟
حالياً لا توجد هناك أي قوات إماراتيه فقد غادرت بعد أن فشلت في تكوين مليشيات «النخب» أو ما يسمى «الحزام الأمني» على غرار عدن وحضرموت، وقدمت القوات السعودية وتمركزت في مطار الغيظة المدني وعملت منه قاعدة عسكرية كبيرة، ونشرت مليشياتها التي جلبتها من خارج المحافظة على الشريط الساحلي والصحراوي من خلال معسكرات ونقاط لهم.

– ما هي رسالتك لليمنين وللقوات السعودية والإماراتية؟
رسالتي سبق وأن وجهتها ونوجهها اليوم عبر موقع «العربي»، إلى كل اليمنيين عليهم عدم الخضوع للقوات الإماراتية والسعودية كونها تعمل ضدهم وضد المصالح الوطنية، وأن لا يفرطوا بالسيادة الوطنية التي فيها عزتنا وكرامتنا، وأن يخرجوا إلى الشوارع باحتجاجات سلمية والحذر من الفوضى وأن يستفيدوا من تجربة المهرة في الاعتصامات السلمية حيث أشاد بها الكثير محليا ودوليا كونها ظهرت بصورة حضارية.
أما رسالتي إلى قوات «التحالف» عليهم أن يرحلوا وأن يفهموا أن اليمنيين لن يتركوا سيادتهم تستباح أو ثرواتهم تُنهب، ولا داعي أن يفتعلوا الفوضى لأن من يقدم على ذلك بلا شك سيلحقه ضرر ما أقدم عليه، نحن لا نريد منهم شيئاً غير أن لا ينتهكوا سيادتنا الوطنية وكرامتنا وإنسانيتنا التي منحها الله إيانا كغيرنا من البشر.