سياسة بن سلمان الخارجية خطر حقيقي على المنطقة
متابعات:
“هي مرحلة خطيرة” بهذه الكلمات يصف محللون خليجيون وغربيون التخبط الكبير الذي تعيشه اليوم مملكة الخير على صعيد علاقاتها الخارجية، حيث بات حجم هذا التخبط مكشوفاً للجميع في العالم وخاصة من متابعي الشأن السعودي الداخلي. وعوضاً عن الانفتاح واستقطاب الأطراف الخارجية بدأت السعودية تنكمش على نفسها بعد أن استطاعت لفترة من الزمن أن تأخذ موقع لنفسها بشكل جيد بين دول المنطقة. ويعتبر الكثير من الخبراء بأن المملكة تمر بأسواء حالة من التخبط في تاريخها الحديث وذلك منذ تأسيس عبد العزيز المملكة السعودية في عام 1939، وذهب كثيرون إلى ابعد من ذلك مبينين أن ما تمر به الرياض اليوم يعتبر أخطر مراحلها السياسة منذ تاريخ الأسرة السعودية في 1745 من القرن السابع عشر. وأمام هذه الاوضاع يتساءل المواطن السعودي عن السبب الذي اوصل السعودية الى هذه الدرجة من التخبط.
فاليوم لم يعد بمقدور السلطة السعودية الجديدة والمتمثلة بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إخفاء حالة عدم الاستقرار السياسي الذي تعيشه السعودية، خاصة في ظل فشله في التعاطي مع الأزمات الخارجية الطارئة. والتي تزامنت مع انهيارات في النفوذ السياسي الخارجي السعودي في كل الأبعاد والاتجاهات، وهزائم عسكرية وسياسية متلاحقة ابتداء من سوريا مروراً باليمن انتهاء بمواجهة إيران، وفشل الحصار التي تقوده الرياض على قطر.
على صعيد الحريات
فَشِلَ محمد بن سلمان في تحقيق جميع طموحاته بالرغم من كل الصلاحيات الكبيرة التي منحه إياه والده سلمان، وعوضاً عن تحويل المملكة الى مملكة منفتحة تحترم حقوق الانسان، حولها الى مملكة اعتقالات ترتكب جرائم بحق الإنسانية، فشن حملة اعتقالات على رجال الدين والدعاة الذين يعارضون مشاريعه الجديدة ووضع كبار هؤلاء في السجن منذ أكثر من عام ولوح بإعدامهم بهدف ايهام الغرب أنه يقوم بذلك من اجل صون الحريات، الا أن الأمر انقلب عليه خاصة حينما ناقض نفسه وقام بزج النساء في السجون بعد أن منحهن حق قيادة السيارة، وهذا ما وسع دائرة الانتقاد الغربي نحوه إلى درجة أنه قطع علاقة بلاده مع كندا على خلفية الأمر نفسه.
على الصعيد الاقتصادي
هنا كانت الطامة الكبرى، خاصة أن بن سلمان لاق اعجاب الداخل والخارج بعد “الأشعار” الاقتصادية التي ألقاها يوم وصوله الى كرسي ولاية العهد، حيث تعهد بنقلة نوعية في الاقتصاد السعودي وتحويله من اقتصاد يعتمد على النفط الى اقتصاد مصدر للتكنولوجيات والسلع الأخرى، إضافة الى فتح البلاد أمام الاستثمارات الخارجية، وبناءً على هذا قدم ولي العهد رؤيته “2030” التي منيت الشهر الماضي بنكسة كبير إثر منع الملك سلمان اكتتاب شركة أرامكو النفطية التي كانت أبه بالعامود الفقري لهذه المشاريع.
على الصعيد العربي والخليجي
باتت السياسة الخارجية السعودية بكل تأكيد بحاجة ملحة لمراجعة الرؤية التي تنطلق منها، وخاصة في علاقاتها مع جيرانها من الدول العربية، فعلى الصعيد الفلسطيني، ارتكب الأمير محمد بن سلمان أخطاء كبيرة وقام بتجاهل القضية العربية الأولى، بل عمل على تقويضها وانهائها عبر صفقة القرن التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي في مايو الماضي ووقّع عليها الأمير محمد.
في سوريا فشل بن سلمان فشلاً ذريعاُ أيضاً، حيث عمل جاهدا طوال الأعوام الماضية من أجل اسقاط النظام السوري، وقام بضخ المليارات من الدولارات في تمويل جماعات متطرفة فاشلة في سوريا بل قام بتسليحها في محاولة منه لكسب استرضاء كلاً من أمريكا وإسرائيل، الا أن العملية فشلت، وعاد النظام السوري أقوى مما كان عليه لتتثبًت معه فشل السياسية السعودية السلمانية في الملف السوري.
في الملف اليمني، قام بن سلمان بشن حرب ضروس على اليمن بهدف فرض الوجود والتعبير عن القدرة. إلا أنه غرق وأغرق المملكة في المستنقع اليمني وانعكست نتائج الحرب السلبية على الصعيدين الداخلي والخارجي للسعودية. فمليارات الدولارات النفطية التي ضختها السعودية في هذه الحرب، لم تحقق نتائجها المرجوة بعد مرور ثلاثة أعوام وأكثر.
وفي الملف القطري، وبعد مرور أكثر من عام على حصار الدوحة، فشل الأمير محمد بن سلمان أيضاُ في اخضاعها، بل على العكس استطاعت الدوحة عبر المؤسسات الدولية تشويه صورة الأمير السعودي المتلهف للوصول الى كرسي العرش بعد اتهامه واتهام الامارات بارتكاب مخالفات للقانون الدولي فيما يخص العلاقات الدولية بين الأطراف الدولية.
ختاما، لبنان وعُمان وباكستان وإيران والعراق وغيرها من الدول أثبتت أيضاً فشل بن سلمان على الصعيد الخارجي، وهو ما يظهر الحاجة الملحة اليوم الى تدخل الملك سلمان لإنهاء تهور ابنه قليل الخبرة وعديم الفائدة، وذلك لأن ضعف السياسة الخارجية هو انعكاس لضعف سياسي وإداري واستراتيجي يتبين بالفشل والهزيمة للسياسات السعودية في كل بلد تدخلت فيه.
(فيصل التويجري)