منابع الغاز في شبوة تجذب شهية أبو ظبي
منذ سيطرة الإمارات على محافظة شبوة عبر «قوات النخبة الشبوانية» الممولة منها والموالية لها، مطلع أغسطس من العام 2017، بدءً بمدينة عتق وأغلب مديريات المحافظة، خاصة الساحلية منها، والمناطق النفطية الحيوية فيها، دأبت هذه القوات على الانتشار المكثف في مناطق الثروة النفطية والغازية منها على وجه الخصوص، في تحرك بات واضحاً أنه يكشف المطامع المتزايدة لأبو ظبي في اليمن.
الغلبة بالسلاح المتطور
وكي تؤمن قبضتها الكاملة على منابع وحقول الغاز، انتشرت هذه القوات التي تكونت من قوات غير نظامية على أساس مناطقي، من أبناء القبائل الموالية لدولة الإمارات في شبوة، وأجبرت القوات الحكومية و«المقاومة الشعبية» الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، على تسليم مدينة عتق والمنشآت الحيوية تحت تهديد السلاح الثقيل والمتطور الذي تسلمته من الإمارات، وتم ضخه بشكل كثيف إلى موانئ شبوة خلال الأيام الماضية، وبغطاء جوي كثيف بحسب سكان محليين.
السباق على الذهب الأسود
لم تعد تلك التحركات المدروسة لأبو ظبي في شبوة خافية أو محل جدل، وحرصها على تأمين الطريق الدولي الرابط بين محافظة شبوة والمملكة السعودية وطرق وصحارى أنابيب النفط والغاز الممتدة بين مأرب وحضرموت وشبوة وصولا إلى بحر العرب، في حالة شبهها أبناء المحافظة بالسباق المحموم بين أبو ظبي والرياض على الثروة النفطية الغنية في المحافظة، كثمن مطلوب وبقوة السلاح لتعويض ما خسرته أكبر دولتين في حربهما في اليمن، تحت اسم استعادة «الشرعية» التي حولاها إلى صورة لتمرير مطامعهما المكشوفة.
الحكومة ممنوعة
ويقول الناشط السياسي محسن ملاح في حديث له مع «العربي»: «منذ سيطرة ميليشيا النخبة التي يديرها ويشرف عليها ضباط إماراتيون ومرتزقة من أبناء المحافظة، منعت هذه القوات، أي تواجد حكومي رسمي، أو أي من عناصر حكومية وحتى الموظفين الصغار من التواجد في تلك المواقع»، مضيفاً «بل وقامت باحتجاز واعتقال كل من يرفض أوامرها ويمتثل لمطامعها التوسعية الواضحة، التي لم تعد خافية على أحد».
ويوضح أن الحال وصل «لدرجة دخول وخروج قيادات عسكرية وسياسية إماراتية من وإلى هذه المناطق من دون علم حكومة هادي»، مضيفاً «بل ووصل الأمر بالتبجح برفع صور رموز حكام هذه الدولة وأعلامها على المنشآت النفطية، في صورة أشبه ما تكون بالاستعمار الجديد، لدرجة مشمئزة لم تقم بها بريطانيا بحد ذاتها خلال احتلالها جنوب اليمن بحماية عناصر مرتزقة قبلوا بدور الأجير الرخيص».
وبلغت هذه السيطرة ذروتها بمنع وزير النقل في حكومة بن دغر صالح أحمد الجبواني من الدخول إلى الميناء في فبراير الماضي، والتداعيات التي تركها هذا المنع الذي كشف عن مدى إحكام أبو ظبي قبضتها على المواقع الاستراتيجية في المحافظات الجنوبية، حيث لم يقتصر تحكم الإمارات واستعمارها لمحافظة شبوة ومناطقها النفطية فحسب، فقد شكلت قوات موالية لها في محافظات يمنية أخرى، بينها عدن، وحضرموت تؤكد المحاذير التي حذر منها الكثيرين.
معرفة حكومية!
وكانت صحيفة «القدس العربي»، قد نقلت في وقت سابق، على لسان مسؤول حكومي قوله، إن «أبو ظبي تخطط للاستفادة من غاز محطة بلحاف الغازية جنوب البلاد، ليحل محل بعض كميات الغاز القطري الذي تسعى أبو ظبي للاستغناء عنه، في ظل استمرار حصار الدول الأربع على قطر»، مشيراً إلى أن «كل منابع النفط اليمنية في جنوب البلاد باتت بيد الإماراتيين».
أطماع مكشوفة
ورأى مراقبون أن هذه الإجراءات الإماراتية في محافظة شبوة، قد كشفت عن المرامي والأطماع الإماراتية، للسيطرة على غاز المحافظة وتموين السوق الإماراتية في ظل الأزمة الحادة مع دولة قطر.
وحول ذلك، يقول المحلل السياسي وضاح علي ناصر لـ«العربي»، إنه «بات بإمكان المتتبع البسيط لخارطة انتشار قوات النخبة الموالية للإمارات، سيلحظ بوضوح، أن أبو ظبي سعت جاهدة إلى نشر تلك القوات في المناطق التي تحتوي على الثروة الغازية، أكثر من تواجدها في المناطق ذات الثروة النفطية، تاركة بعض الحقول النفطية للقوات الموالية لحكومة هادي والسعودية وهو ما يوضح خطورة التقاسم الذي بات يتهدد المحافظة واليمن بشكل عام».
غطاء جوي لمطاردة الإرهاب
شهود من أبناء محافظة شبوة أكدوا لـ«العربي» أن تحركات قوات النخبة الشبوانية في مناطق عزان، ورضوم، والعقلة، وحبان وبلحاف، وهي مناطق نفطية حيوية واستراتيجية.
يقول الصحافي أحمد باسهل لـ«العربي»، إن «التحركات الإماراتية المشبوهة تأتي بتسهيل ومساعدة مباشرة من المحافظ المُقال أحمد حامد لملس، الذي فرضته أبو ظبي على الرئيس هادي، ترافقت بغطاء جوي متواصل من طائرات إماراتية وخصوصا نوع أباتشي بحجة مطاردة تنظيم القاعدة في المحافظة».
قلق الأهالي
هذه التحركات الإماراتية خلقت قلقًا بالغا لدى السلطة المحلية والقوات الحكومية وأبناء المحافظة، الذين أصبحوا يعيشون أمام تهديد استعماري حقيقي لسيطرتها على مصيرهم وحقوقهم وثرواتهم السيادية وحتى قرارهم.
الحكومة صمت القبور
يقول نبيل فهيد ناشط من أبناء شبوة لـ«العربي»، إن «السيطرة العسكرية للقوات الإماراتية، التي عززت باتخاذ رئيس أركان الجيش الإماراتي الفريق حمد الرميثي من الميناء مقراً لتواجده وقاعدة لقواته في المنطقة الاستراتيجية التي تتوسط محافظتي حضرموت ومأرب، بدأها بطرد القوات الرسمية المكلفة بحراسة المنشأة وإحلال قوات من النخبة بدلا عنها بهدف تصدير الغاز اليمني لأبو ظبي».
تخوفات اليمنيين
لقد قامت دولة الإمارات بتصدير أول شحنة غاز لها إلى أبوظبي تحت غطاء النخبة، وتستعد لتصدير الشحنة الثانية كما أكدت مصادر مطلعة لـ«العربي» في تقرير سابق، وقد أعرب العديد من السياسيين اليمنيين عن مخاوفهم من سيطرة قوات النخبة الشبوانية على محافظة شبوة، وعلى المنشآت النفطية فيها، التي جاءت على غرار سيطرة قوات النخبة الحضرمية على محافظة حضرموت ومنشآتها النفطية وكذا سيطرة الحزام الأمني على محافظة عدن ومنشآتها الحيوية، وفي مقدمتها الموانئ والمنطقة الحرة، وكل هذه القوات غير النظامية تم إنشاؤها وتمويلها وتسليحها من قبل القوات الإماراتية، التي لا تعترف بها السلطات الحكومية اليمنية وترفض إدراجها ضمن قوات الجيش أو القوات الأمنية اليمنية؛ لأن عقيدتها العسكرية بنيت على أساس الموالاة لدولة الإمارات ما يؤكد المطامع التوسعية الاستعمارية لأبوظبي.
(العربي)