كل ما يجري من حولك

مظلومية اليمن في محكمة العدل الربانية

498

 

زيد البعوة

ألا يظنُّ أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم؟.. سؤالٌ وجّهه اللهُ لكل الطواغيت والمجرمون في كُـلّ زمان ومكان إلى آخر أيام الدنيا إلّا يظن المستكبرين والمعتدين على الشعب اليمني أن لهذا الشعب رباً يحميه وعدالة تنصفه ورحمة تلفه ورعاية تحوم حوله؟ عليهم أن لا يفرحوا كثيراً بما سفكوا من دماء اليمنيين؛ لأنَّها دماءٌ تختلفُ عن غيرها من الدماء لا تسيلُ فيمحى أثرُها ولا تتساقط على التراب فيطويها الزمانُ.. إنها دماء الأطهار المؤمنين التي تكفل الله بتنميتها وتزكيتها وتوعد من يهدرها بالعقاب في الدنيا قبل الآخرة..

في بلادنا وعلى ذرات الرمال اليمنية تُسفك دماؤنا يومياً بدون أي ذنب وبدون أي مبرر من هناك من خارج الحدود اليمنية جاءوا غزاةً معتدين محتلين أرسلوا طائراتهم من السماء وبارجاتهم من البحر والياتهم ومدرعاتهم من البر هدفُهم استعمارُ اليمن وقتلُ اليمنيين يمارسون عملَهم الوحشي الإجْــرَامي الاستعماري على مدى أَكْثَـر من ثلاث سنوات..

ألف جريمة وجريمة وألف مجزرة ومجزرة ارتكبها العدوان بحق الشعب اليمني على مدى أربع سنوات، في الليل جريمة وفي النهار مجزرة، في صنعاء جريمة وفي صعدة مجزرة، في الحديدة جريمة وفي حجة أخرى، وهكذا أطفال ونساء وشيوخ من مختلف الفئات العمرية ومن مختلف الأحزاب والطوائف والمكونات يمنيين في مساكنهم وعلى تراب وطنهم وتحت سماء بيتهم الكبير اليمن في الأعراس تستهدف طائرات العدوان وفي مخيمات العزاء تقصفهم طائرات العدوان وفي الطرقات والأسواق والمدارس والمستشفيات وحتى المساجد..

أُسَرٌ يمنيةٌ أبيدت بالكامل وأسر أخرى بلا منازل وأخرى لم يتبقَّ منها سوى الذكريات صور واطلال ركام وأشلاء دماء ودموع، أينما ذهبتَ تلقى جريمة، وكلما شاهدت التلفاز ترى جريمةً وكلما فتحت المذياع تسمع عن جريمة وكلما قرأت صحيفة تقرأ عن جريمة المجرم معروف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي والضحية أبناء الشعب اليمني، وخلال الوقت الزمني الطويل الذي لم يتوقف المجرم فيه عن ارتكاب المجتمع الدولي في أذنيه شيئاً من القطن ووضعت الأمم المتحدة الجرائم في فمها رزمة من المال وساد الصمت..

وكعادتهم أثناء كُـلِّ جريمة يرتكبُها العدوان في اليمن، تخرج المنظّـمات الحقوقية لتصرح وتوزع تقارير وإحصائيات ويعقد مجلس الأمن جلساتٍ أَوْ لنقل جلسة يعبّـر فيها عن الإدانة والاستنكار ويوجّه إلى التحقيق في الجريمة رغم أن كُـلَّ شيء واضح فيأتي ناطقُ دول العدوان ليقول إن المستهدَفَ قياداتٌ عسكرية وتمر الأَيَّـام وطائرات التجسس والأقمار الصناعية ترصد هدفاً بشرياً من المدنيين في محافظة هنا أَوْ في محافظة هناك وتأتي الطائرات الحربية لتقصف الهدف وترتكب جريمة أبشع مما سبق ويستمر الدم اليمني في النزيف الذي لا يتوقف..

لقد توزعت أشلاؤنا على كُـلّ رقعة من جغرافيا اليمن وسالت دماؤنا بين جداول اليمن في الشمال والجنوب والشرق والغرب حتى شربت مزارعنا بدلاً عن الماء دماء وبدلاً عن السماد والمواد العضوية عظام وأشلاء، لكن تلك الدماء وتلك الأشلاء ليست رخيصةً كما يتوقّعُ العدو وسالت من أجل هدف عظيم وقضية عظمى..

تلك الأرواحُ التي اختطفتها أسلحةُ العالم المستكبر هي أرواح لا تموت تذهب فقط من اليمن وتسافر إلى البعيد ليحل محلها أرواح من الحرية والعزة والكرامة والاستقلال كُـلّ هذه القيم ضحينا من أجلها؛ ولأنها تستحقُّ فهي تبقى ترافقنا وتبشِّرُنا بفجرٍ قريبٍ وفرجٍ أقربَ ونصرٍ أقربَ من حبل الوريد..

لن نذهبَ إلى ما يسمى محكمة العدل الدولية؛ لأنَّها لا تعرفُ من العدل إلّا الاسمَ فقط بل سوف نذهَبُ إلى محكمة العدل الربانية وحتى ذلك اليوم الذي يقفُ الجميعُ بين يدي الخالق في محكمة العدل التي لا ظلم فيها سنعمَلُ ما استطعنا ثأراً لمظلوميتنا ونحن على ثقة أن اللهَ معنا ولن يتركَنا عرضةً دائمةً للطواغيت وفي نفس الوقت نحن على ثقة أنه تعالى قد أصدر الأحكام العادلة التي لا يمكن نقضُها وحكم على المجرمين بعقوبات لا يمكنهم الهروب منها تداوي جروحَنا وتشفي غليلَنا وتضعُ حَــدّاً مؤبَّــداً للطغيان والطاغوت ويستبدلنا بنعيمٍ خالد لا ضَيْمَ فيه ولا عناء، وإنَّــا وإياهم إلى رَبِّنا راجعون.

You might also like