بروس ريدل: على كندا وقف تسليح السعودية حتى توقف حربها على اليمن
متابعات:
رأى الكاتب الأمريكي بروس ريدل، أن المملكة العربية السعودية، ومنذ تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد، «واجهت خيارات صعبة في منطقة عرضة للإضطرابات»، موضحاً أن «السعوديين، وباستثناء بعض الحالات النادرة، انتقلوا من قرار سيئ إلى آخر»، بدءاً بقرار الحرب في اليمن، مروراً بمقاطعة قطر، وصولاً إلى الأزمة مع كندا.
وعرج ريدل على الوضع في اليمن، في مقال تحت عنوان: «للديبلوماسية السعودية تكاليفها»، مشيراً إلى أن «عملية عاصفة الحزم، أسفرت عن أسوأ أزمة إنسانية في العالم»، مشيراً إلى أن استهداف طيران «التحالف»، الذي تتزعمه الرياض في ذلك البلد، لحافلة مدرسية خلال الأسبوع الجاري «يحمل أبعاداً دلالية على الصعوبات التي يواجهها التحالف السعودي لجهة تفادي وقوع إصابات بين المدنيين» في حربهم هناك.
كما انتقد الكاتب، موقف العواصم الغربية من تلك الحرب، معتبراً أن دعم واشنطن ولندن للرياض، يشكل «نقطة سوداء» في تاريخ البلدين. وأوضح أن حرب اليمن «لا نهاية لها في الأفق»، فيما ترجح الأمم المتحدة أن يتمخض الصراع هناك عن «الانهيار التام لأفقر دول العالم العربي».
كما تناول ريدل، الأزمة القطرية، شارحاً أنه «كان لدى الرياض، وحلفاءها هدف» من وراء خلافهم مع الدوحة، ولكنه «لم يكن لديهم خطة واضحة لتحقيق ذلك الهدف»، ذلك أن «القيادة السعودية، وعلى غرار واقع الحال في اليمن، افتقرت إلى مفهوم (واضح ومحدد) إزاء كيفية تنفيذ قرارها» ضد الإمارة الخليجية الصغيرة. وبحسب الكاتب، فإن «الديبلوماسية المشتتة، وغير المنتظمة تؤذي المملكة»، حيث «انتهى المطاف بالسعوديين إلى (التورط في) مستنقعين مفتوحيْن، ومكلفيْن في اليمن، وقطر، في ظل غياب استراتيجية لتحقيق النجاح» فيهما.
وعن أثر السياسات السعودية على الداخل الأمريكي، فقد لفت الكاتب، إلى أن «النجاح الأكبر» للسعوديين، تمثل في «محاباة رئيس (أمريكي) لا يكترث لحقوق الإنسان، أو للكوارث الإنسانية، والاستقرار الإقليمي»، ولا سيما إبان زيارة دونالد ترامب للعاصمة السعودية العام الماضي، فيما يتم التحضير لزيارة يعتزم العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز القيام بها إلى الولايات المتحدة.
أما الكونغرس، من جهة أخرى، فإنه «يشهد تحولاً ضد السعودية، أسوة بالصحافة، والرأي العام» داخل الولايات المتحدة، حيث «بات ينظر إلى محمد بن سلمان، بصورة متزايدة، على انه حاكم مستبد، لا يستطيع أن يتحمل وجود أي شكل من أشكال المعارضة، عوض اعتباره حداثوياً يعمل على تعزيز الانفتاح في بلاده».
أما عن انعكاسات تلك السياسات على قطاع الأعمال والاستثمار، فقد شرح ريدل أن «مجتمع الأعمال الدولي توصل إلى خلاصة مغايرة تماماً» حول السياسات التي تروج لها الرياض، خصوصاً عقب حملة الاعتقالات التي قادها الأمير الشاب، ضد عدد من الأمراء، ورجال الأعمال في الخريف الماضي. لفت الكاتب إلى «انخفاض عدد الشركات» العاملة داخل المملكة، إلى جانب «انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المملكة بنسبة 80 في المائة»، حيث هبطت مستوياتها في العام 2017 إلى 1.4 مليار دولار، بعدما سجلت في العام 2016 أكثر من سبعة مليارات دولار، فيما تجازوت حدود 12 مليار دولار خلال عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز.
وأردف الكاتب أن دولاً مثل عمان والأردن، استقطبتا استثمارات أجنبية أكثر من المملكة خلال العام الماضي، مشيراً إلى «هواجس (المستثمرين)، المتعلقة بسيادة دولة القانون، وإجراءات الاحتجاز التعسفي تشجع أيضاً هروب رؤوس الأموال» من المملكة.
وفي ما يخص الأزمة السعودية – الكندية، فقد شدد ريدل على أن مبادرة الرياض إلى طرد السفير الكندي، إلى جانب وقف التبادلات التجارية، ورحلات الطيران مع أوتاوا، علاوة على سحب 15 ألف شخص من رعاياها داخل كندا، يشكل «صيحة أخرى غير موفقة من جانب القيادة السعودية»، مشيراً إلى أن القرار المذكور «متهور»، كونه «سيتسبب في إضطراب حياة المواطنين السعوديين على نحو أكبر من نظرائهم الكنديين»، فضلاً عن أنه «سوف يفاقم من إحباط المناخ الاستثماري» داخل المملكة العربية السعودية. هذا، وجزم الكاتب بأن «الرياض مسرورة حيال رد فعل واشنطن الضعيف» من الأزمة، في حين لم تحظ بـ «دعم ملموس» من جانب حلفائها من الدول العربية.
وفي السياق عينه، أوضح ريدل أن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، يبدو «متصلباً في موقفه، كما يجب أن يكون». وتابع الكاتب أن الأخير «يتوجب عليه أن يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، وأن يبادر إلى تعليق صفقة الأسلحة» الموقعة مع الرياض، والمتعلقة بتوريد عربات مدرعة إلى المملكة بقيمة 15 مليار دولار، وذلك «إلى حين انتهاء الحرب في اليمن»، مشدداً على أن تصرف الحكومة الكندية على هذا النحو «من شأنه أن يلقى آذاناً صاغية لدى السعوديين». كما دعا ريدل واشنطن، إلى «مساندة صديقتها وحليفتها»، في إشارة إلى كندا، إلى جانب «وقف صادراتها من الأسلحة إلى المملكة، إلى أن توقف الحرب» في اليمن.