أين يوسف؟!
د. أشرف الكبسي
أعلم أنكم موجوعون بحجمِ قهر الكون.. كيف لا، وأنتم تودعون فلذات أكبادكم، وتشعرون بخذلانكم لشهداء صغار، ما عادوا هنا لتقولوا لهم: تصبحون على خير! كيف لا، ودوي حشرجات صوت ذاك الأب الذي هو أنتم، لا يفارق مسامع قلوبكم: أين أنت يا يوسف؟! والله إن هذا يوسف!
أعلم كُـلّ ذلك، وأعيش مرارة وهلاته وعلقم تفاصيله ألف مرة في الثانية، لكن ما جدوى عيش الحزن وانزواء الحزين بينما يتبختر صانع الحزن والألم، ويتغطرس هنا وهناك كفاتح القدس لا قاتل يوسف؟!.
بمقدور الوجع الحزين هذا أن يتحول إلى غضب عارم وفعل دائم لا يكل ولا يمل، ولا يهدأ ولا يستكين، حتى يقتص ليوسف ورفاقه، وتسقط راية القتلة والجبارين وسكين وطائرات الجزارين..
دعونا نبدأ هكذا.. لا نسيان ولا تناسي، ومهما أغوانا الزمن وأغرانا التقادم، لا نقاش متثاقف أجوف ولا جدال طائفي زائف ولا ثرثرة مناطقية عقيمة.. فما دام العدوان، دامت مجازره، وجميعُنا كنا وما نزال على تلك الحافلة، كما كنا وما نزال في عرس سنبان وفِي الصالة الكبرى وفِي عيون بثينة وحقيبة إشراق المعافى المدرسية!
هلّا نصبح بعد كُـلّ مجزرة أقوى لا أضعف؟! فما جدوى أن نبكيَ المجزرة ونغضبَ أياماً، ثم نخبو طويلاً، ونحيا ببلاهة في انتظار المجزرة التالية؟! فلنصنعْ، في الجبهات والمدائن والقرى، من جدائل المجازر وبوتيرة واحدة ضفيرةً واحدةً، وليرى المجرم الجلاد أننا قد نصبنا له منها حبلَ المشنقة الواحدة!
لن يسمعنا العالم ما لم نسمع أنفسنا، ولن يسمعنا ما لم نسمعْ في أنفسنا يوسفنا، وهو يسألنا: أين أنت يا يوسف!؟
#أين_يوسف؟! فليكن هشتاغ الساعة ومطلبها الغاضب، ولتعلو به صرختنا في وجهِ القاتل والعالم، من اليوم وحتى قيام الساعة.