كل ما يجري من حولك

نازحو الحديدة: بين مرارة النزوح وغارات العدوان + (صور)

631

متابعات| (غمدان أبو علي – العربي)

دفع الهجوم الذي شنه «التحالف» بقيادة السعودية، على مدينة الحديدة، آلاف الأسر للفرار إلى العاصمة صنعاء. يشكوا الكثير من نازحي المحافظة في مدرسة أبو بكر الصديق في صنعاء، من عدم التفات المنظمات الانسانية والخيرية لهم، واستغلال أصحاب الفنادق والشقق المفروشة لمعاناتهم، من خلال رفع أسعار الإيجارات إلی مستويات غير مسبوقة، تزامناً مع تدفق آلاف الأسر، على الرغم من الظروف والمعاناة التي يمرون بها.

العشرات من أبناء محافظة الحديدة، اضطروا للنزوح جراء المدافع والقذائف والغارات المتواصلة على مناطقهم من قبل طيران «التحالف»، والتي شكلت لهم ولأطفالهم مصدر خوف وقلق دائم، خصوصاً بعد إستهداف مناطق مأهولة بالسكان المدنيين، والتي كان آخرها استهداف باص «هايس» كان محمل بالنازحين وقتل كل من فيه بغارة لـ«التحالف».

«العربي» تتبع نازحي الحديدة إلى صنعاء، ورصد جزءاً من معاناتهم. عبدالله حسن مهدي قطيعي، أحد النازحين، قال في حديث إلينا «لقد أدخلوا الرعب والخوف في قلوبنا بأصوات القذائف والقصف اليومي على المنازل. اضطررت للهرب أنا وزوجتي وأبنائي من الفجر. تركنا منزلنا وأغراضنا وأدواتنا المنزلية، وكل شيء، وخرجنا بملابسنا التي فوقنا فقط، هرباً من جحيم الحرب».

وأضاف قطيعي «نزحنا إلى مدرسة أبو بكر الصديق في صنعاء، وننام أنا وزوجتي وأطفالي في أحد الفصول الدراسية، ولكن لم تأت أي منظمة إغاثية إلينا لتلمس معاناتنا وتقدم المساعدة لنا وللأسر النازحة، بعد أن ضاق الحال بنا من مرارة النزوح والمعاناة»، لكنه أردف: «ما نريد من المنظمات أي شي… لا سكر ولا دقيق… فقط نشتي أن تتوقف الحرب والقصف ونرجع بيوتنا. الله لا يلحقهم خير. بهدلوبنا وشردونا من منازلنا».

بسام علوي الجفري، نازح آخر يحاول أن يلملم جراحه وحزنه بعد أن قصف طيران «التحالف» منزله، الذي اشتراه بثمن ذهب زوجته، الذي كان قد باعه ليؤمن لأسرته مسكن لائق في هيئة تطوير تهامة في محافظة الحديدة، قال في حديث إلى «العربي»: «كتب الله علينا النزوح هرباً من الموت وبحثناً عن بعض الأمان لأطفالنا، ولم يكن أمامنا غير صنعاء، ولكننا انصدمنا بالاستغلال والخذلان الذي يمارسه أصحاب العقارات والفنادق والشقق والدلالون في العاصمة على النازحين من الحديدة».

وأضاف «اندهشناً من الارتفاع المهول في أسعار الإيجارات لأكثر من ضعف الإيجار الحقيقي في أوقات سابقة»، مؤكداً أنه علی مدی ثلاثة أيام متواصلة من البحث، لم يجد لأسرته شقة لتسكن فيها، لا مفروشة ولا فارغة، ما اضطرة إلى النوم في منزل أحد أصدقائه، بعد أن عجز عن استئجار شقة بسبب غلاء الأسعار.

أوضاع بائسة تلك التي يعيشها النازحون من محافظة الحديدة، بعد أن أجبرتهم الحرب على ترك منازلهم وأعمالهم وحياتهم، وساقتهم إلى جحيم النزوح والبؤس والمعاناة، في حين لم تلقى العائلات أي دعم من المنظمات الإغاثية الدولية والإنسانية.
الحاجة أم الخير، نازحة من مديرية الحوك في الحديدة، وجدناها في المدرسة تنتظر تسجيل إسمها ضمن كشوفات النازحين. سردت في حديث إلى «العربي»: «منذ أن نزحنا من أول يوم من عيد الفطر المبارك، لم نستلم أي مساعدة من أي منظمة، إلى أن تعبنا من المتابعة والتنقل من مكان إلى آخر. لم تأتي إلينا أي منظمة حتى الآن، وفي كل مرة يقولون لنا خلاص سجلناكم، وعند التوزيع ستصلكم رسائل عبر التلفون، وإلى الآن، ننتظر الرسالة…».

أم الخير تمنت أن تعود إلى منزلها في محافظة الحديدة، بعد أن لاقت مرارة النزوح، وقالت بأعلى صوتها: «صواريخ الحديدة ولا بهذلة النزوح… ارجعوني إلى الحديدة… أريد حق المواصلات لكي أعود».

من سبق، مجرد نماذج عن حال الأسر النازحة من محافظة الحديدة إلى أمانة العاصمة صنعاء، الذين تقدر أعدادهم بـ 7740 أسرة نازحة، بحسب ما تشير تقارير رسمية، والعدد في تزايد مستمر، في ظل شح الإمكانيات وتقاعس المنظمات الدولية والإغاثية عن القيام بدورها تجاة النازحين.

موجة النزوح الكبيرة للأسر، بدأت قبل أن تبدأ معركة الحديدة، فالأعداد كانت مدفوعة بالكثير من المخاوف، بعد أن اسقط طيران «التحالف» منشورات على مديريات محافظة الحديدة، تطالب السكان الآمنين بالبقاء في منازلهم، وعدم الخروج منها إلا عند الضرورة القصوى، لأسباب ودوافع أمنية. حينها استشعر الأهالي الحرب، وقرروا الفرار من الموت القادم.

وعلى هذا المنوال، تواصل آلة «التحالف» الإعلامية سياسة الرعب والتخويف ضد سكان الحديدة، الذين يعيشون وضعاً إنسانياً صعباً، كما يتعمد في أكثر من مرة، إستهداف المدنيين والنازحين، والتي كان آخرها إستهداف حافلة تقل نازحين في الخط العام، بالقرب من مدينة زبيد، ودراجة نارية، أسـفرت عن مقتل 11 مدنياً، وجرح 11 آخرين، غالبيتهم من الأطفال والنساء من منطقة الجراحي، كما تحاول دول «التحالف» مراراً وتكراراً إستهداف عدد من أحياء المدينة بصواريخ شديدة الانفجار، بغرض تهجير المواطنين من مساكنهم وتشريدهم، وتفريغ الساحة للمعركة.

You might also like