هل استغنت المملكة عن خدمات الأحمر العجوز؟
مدح وقدح وتشفي من الجنرال «الهارب» الذي لجأ إلى السفارة السعودية طالباً الأمان من بطش «أنصار الله » بـ«بوجه الملك عبدالله بن عبدالعزيز»، ليتكفل السفير السعودي بإدخاله مبنى السفارة والتمويه عليه و«إبلاغ وسائل الإعلام بشكل عشوائي بأن اللواء علي محسن غادر إلى مأرب، والحديدة ، وتعز، لبناء خط مقاومة ضد الحوثيين من هناك». وبعدما انطوت هذه الرواية على الإعلام، أخرجه من مقر السفارة على متن مدرعات إلى دار الرئاسة، وبحث له عن مروحية عمودية من قاعدة العند، وأودعه مع 9 من مرافقيه، على أساس أن المروحية تقل زوجة السفير وأطفاله».
هذه الجملة من رواية السفير السعودي مساء الإثنين الماضي لبرنامج «من الصفر»، على قناة «MBC» رأى فيها الكاتب والمحلل السياسي عبدالباري طاهر، مؤشراً غير طيب، قائلاً لـ«العربي»: «كشف السفير محمد آل جابر، لتفاصيل تهريب اللواء علي محسن، بعد أكثر من 3 سنوات، إساءة مقصودة لهز صورة الجنرال محسن وتذكيره بإنقاذه من مشنقة الحوثيين، وأن عليه الإلتزم بما يطلب منه».
من جانبه، قال الكاتب سامي عطا لـ«العربي»، إن «ما قاله السفير السعودي عن واقعة تهريب علي محسن، يندرج ضمن ضرب الإخوان المسلمين من تحت الحزام، ويثبت بالملموس أن السفير آل جابر كان هو الحاكم الفعلي للبلد».
ضغوط سعودية
رئيس «مؤسسسة الشموع للصحافة» سيف الحاضري، المعروف بقربه من اللواء علي محسن، دافع عن الجنرال بطريقته، وكتب في صفحته على موقع «فايسبوك»: «الفريق علي محسن جذوره تفوق خيالات البعض، والفريق لم ولن يكون ورقة يقلّبها طرف ويستغني عنها آخر». كما قلل الحاضري، من أي محاولة لتهميش اللواء محسن، قائلاً «سبقكم الحوثيون وصالح، وقالوا انتهى عهد علي محسن، ليجدوا بعد ذلك، التاريخ يفتح أبوابه لنضالات محسن ويضعه في المصاف الأول لتحرير الوطن من الحوثيين ومن على شاكلتهم».
وبخلاف الثقة التي حاول إظهارها الحاضري، كشف مصدر في مكتب اللواء علي محسن الأحمر، لـ«العربي» عن «ضغوط يتعرض لها محسن مؤخراً من النظام السعودي»، قائلاً: «تلقى اللواء علي محسن، مساء الجمعة الماضية، اتصالاً من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يطالبه بالتخلي عن حزب الإصلاح، ويبلغه بأن لديه معلومات بأنه، أي محسن، من وجّه رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، بالبقاء في سقطرى حتى خروج القوات الإماراتية». كما طلب ابن سلمان، من اللواء محسن «مساندة العميد طارق محمد عبدالله صالح، ومساندة محافظ تعز، أمين محمود، وكذا إعادة ترتيب جبهات القتال في مديريات صعدة الحدودية، وتمكين الشيخ عثمان مجلي، من الإشراف عليها».
نهاية مؤسفة
ومن بين زحمة الردود والتفسيرات لرواية السفير السعودي عن تفاصيل تهريب اللواء علي محسن من صنعاء، والتي ذهبت في معظمها للتهكم والسخرية والتشفي من الجنرال، رصد «العربي» على موقع «فايسبوك» منشورات لوكيل وزارة الإعلام في حكومة الرئيس هادي، المنتمي لحزب «الإصلاح»، رئيس مركز «أبعاد» للدراسات والبحوث، عبدالسلام محمد، (حذفها لاحقاً).
محمد اعتبر في المنشور المحذوف أن «كشف السفير السعودي لطريقة خروج نائب الرئيس، الفريق علي محسن الأحمر، هي رسالة واضحة باستغناء المملكة عن خدمات الأحمر»، مضيفاً أن «الرياض استطاعت أن تبني لها حلفاء جدد بعيداً عن الحلفاء التقليديين، والأيام القادمة ستثبت مدى صوابية أو خطأ التوجه السعودي في اليمن، وبالذات في الشمال».
كما أشار إلى أن «أسرار الدول لا بد أن يمر عليها 25 عاماً لكشفها رسمياً، باستثناء كتاباتها من خلال روايات إعلامية أو شهود عيان أو سير ذاتية لمتقاعدين، أما إعلانها عبر مسؤولين رسميين فهي تحمل رسالة»، معتبراً أن «تصريحات السفير السعودي عن طريقة هروب محسن، نهاية فصل بالنسبة للرياض بكل أحداثه وشخوصه».
عبدالسلام محمد لم ينتظر كثير وقت حتى يعود ويحذف ما كان كتبه، وعقب على خطوته بالقول إن «كتبة محسن يذكروني بكتبة صالح، لكن النهايات دائماً مؤسفة لأنها غير متوقعة»، كما أن هذا التعقيب لم يسلم من الحذف.
مندوب سامي
رئيس «اللجنة الثورية العليا» لـ«أنصار الله»، محمد علي الحوثي، كان له رأيه في تصريحات السفير السعودي بشأن تهريب الجنرال محسن، حيث كتب في صفحته الرسمية على «فايسبوك»، أن «تصريحات السفير السعودي في هذا التوقيت دليل على استغناء السعودية عن خدمات الإخوان المسلمين، وأنها صارت تتعامل معهم كإرهابيين، فكانت الرسالة باحتقار قائد جناحهم العسكري». كما أكد الحوثي أن «أنصار الله لم يشكلوا أي تهديد للسفارات والبعثات الدبلوماسية في صنعاء، بما فيها السفارة السعودية، ولكن السفير السعودي تصرف كمندوب سامي ولم يصدق رئيس اليمن في حينه بعدم جهوزية المروحية العمودية، ليوجه هو بإحضار مروحية من قاعدة العند، وهو بأفعاله تلك أكد أن لا وجود للسيادة اليمنية، وأنه يتعامل مع اليمنيين كمرتزقة».
الناشط الشبابي محمد المقبلي، رأى من جانبه أن «السفير السعودي تحدث كما لو أنه بريمر اليمن، وأن لغة المندوب السامي غلبت حديثه الذي كشف أن الذهنية السعودية لاتزال تعيش مرحلة صالح الهديان، المندوب السعودي لاغتيال واحدة من أهم فرص تعافي الدولة اليمنية».