«ذي إيكونوميست»: سياسة «السعودة» لوظائف القطاع الخاص بالمملكة… ما لها وما عليها!
متابعات:
تحت عنوان: «المملكة العربية السعودية تدفع الأجانب خارجاً من أجل خلق وظائف لمواطنيها»، تناولت مجلة «ذي إيكونوميست» سياسة «سعودة» وظائف القطاع الخاص في المملكة العربية السعودية، في إطار الخطط الإصلاحية التي أطلقها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مشيرة إلى أن تلك السياسة سوف «تقلّص من اعتماد المملكة على نحو ثمانية ملايين من العمالة الأجنبية غير الماهرة، والتي يفوق عديدها عدد العمالة السعودية».
وذكّرت المجلة البريطانية بأن جهود توطين عدد من الوظائف في المملكة، شملت حظر عمل الأجانب في 12 من القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك قطاع المخابز، والفحص الطبي للنظر، علاوة على فرض رسوم شهرية على المقيمين الأجانب، وكفلائهم السعوديين.
وفي هذا الإطار، نقلت عن نائب وزير العمل السعودي أحمد قطان، وصفه التدابير المشار إليها لخلق فرص عمل للمواطنين، بأنها «آلام العمالة (الأجنبية)»، وتشديده على أن خطط إصلاح قطاع الوظائف «سوف يخفّض معدل البطالة في المملكة العربية السعودية من 13 في المئة حالياً، إلى نسبة تصل إلى 10 في المئة بحلول العام 2022، إلى جانب إدخال المزيد من النساء في سوق العمل، وتشجيع المزيد من الأتمتة» في القطاعات الاقتصادية المختلفة، إلى جانب قوله إن الضرائب المفروضة على العمالة الأجنبية «سوف توفر عائدات مالية تقدر بـ16 مليار دولار، بحلول العام 2020، على نحو يقلل من عجز الموازنة».
وأوضحت «ذي إيكونوميست» أن مضي الحكومة السعودية في الإصلاحات الاقتصادية المذكورة، جعل المملكة «أقل جاذبية للعمالة الأجنبية»، حيث زادت رسوم التأمين، والدخول على هؤلاء، علاوة على ارتفاع الفواتير الخدمية، ما دفع بالعديد من العمال الأجانب إلى مغادرة البلاد.
ولفتت المجلة إلى أن «المسؤولين السعوديين يتوقعون أن تصل أعداد المغادرين الأجانب لأراضي المملكة إلى 700 ألف، بحلول العام 2020»، فيما تشير تقديرات أخرى إلى أن يكون العدد «أعلى من ذلك بكثير»، على خلفية ضبط السلطات لوجود حوالي 800 ألف عامل أجنبي، مقيم بشكل غير شرعي على أراضي المملكة، وقد تم ترحيل ما يقارب 200 ألف منهم.
من جهة أخرى، أفاد قطان، في حديث إلى «ذي إيكونوميست»، بأنه «ثمة عقبات» تعترض طريق نجاح نهج «السعودة»، ذلك أن «العديد من الشركات داخل المملكة تعتمد على العمالة (الأجنبية) الرخيصة»، مشيراً إلى أن «ثلث تلك الشركات قد تبادر إلى إقفال أبوابها، عوض توظيف المزيد من السعوديين، الذين يكلفون أكثر، ويعملون أقل» من نظرائهم الأجانب.
وفي السياق عينه، لفتت المجلة إلى أن غرف التجارة في المملكة «تئن» تحت وطأة الإنكماش الاقتصادي المحتمل جراء تلك السياسات، وتلتمس إعطاءها فترة سماح، وتحديداً منذ دخل الاقتصاد السعودي في حالة ركود العام الماضي. وفي مؤشر على انزعاج طبقة رجال الأعمال من الخطط الحكومية المذكورة، قال أحد رجال الأعمال السعوديين للمجلة إن «الحكومة تقوم بترحيل مشكلاتها السياسية نحو القطاع الخاص».
إلى ذلك، ذهبت «ذي إيكونوميست» إلى الربط بين نهج «السعودة»، وتوجهات ابن سلمان، على المستويات السياسية والاجتماعية والإقتصادية، شارحة أن «توفير وظائف لفئة الشباب السعودي، وهي فئة تصل نسبة العاطلين من العمل فيها إلى النصف، يعد أمراً حاسماً بالنسبة للأمير محمد».
وأكملت المجلة أن ابن سلمان، سواء عبر هجومه على طبقة رجال الدين، من خلال تخفيف القيود الاجتماعية، أو عبر ضرب الأمراء الآخرين، من خلال إقصائهم، وترسيخ سلطته، أصبح «يرتكن بشكل أكبر إلى الدعم الشعبي، قياساً بما كان عليه الحكام السابقين للمملكة العربية السعودية»، ذلك أن مبادرته إلى تخفيف الضوابط على اللباس، زيادة اهتمامه بالفعاليات الترفيهية «أكسبه ثناء» في أوساط مواطنيه، الذين يأملون بدورهم أن تسهم «السعودة» في تحسين مستويات معيشتهم.
وفي إطار محاولتها تقييم خطط «سعودة» وظائف القطاع الخاص داخل المملكة العربية السعودية، أفاد الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة لندن، ستيفنهيرتوغ للمجلة بأن «السعودة هي على الأرجح، ضرورة مؤلمة» بالنسبة للرياض، موضحاً أن نجاحها سوف «يسفر عن تضييق الفجوة بين القطاع العام، المتضخم، والذي يعج بالسعوديين، وبين القطاع الخاص، المليء بالأجانب».
ومع ذلك، شرحت المجلة أن «بعض جوانب خطة (السعودة) تعمل»، بالنظر إلى وجود سيدات سعوديات بتن يعملن في مجال استقبال الحجاج، داخل فنادق مكة المكرمة، ومبادرة أخريات إلى افتتاح وكالات لتأجير السيارات، علاوة على إقبال السعوديين على العمل في مهن حرفية، ويدوية، وهي مهن كانت في السابق، مجالاً يحتكره العمال الأجانب، لافتة إلى أن الخطة الذكورة توفر للعديد من السعوديين الفرصة لـ«تحدي الصورة النمطية السائدة عنهم، والتي تصورهم على أنهم كسولين، وغير كفوئين».