دروس الشرعية في الظهران
متابعات:
من علامات السقوط، أو على أقل تقدير الضياع، أن تبتعد التوصيفات بشدة عن الواقع، فإذا بالذهنية الحاكمة من عمق الأكاذيب تفقد بوصلتها السياسية السليمة، وتنطلق في حكمها وتعاملها من قاعدة ضبابية، يوفرها إعلام مأجور لنخب حاكمة، تبتعد عن الشارع، ثم تخاصم الواقع.
مجموعة من ممثلي الأنظمة العربية، ممن يدعون في إعلامهم بالقادة والزعماء، اجتمعوا في ما يسميه إعلامهم أيضًا قمة، لتأكيد شرعية موقف عربي رسمي يخاصم محور المقاومة، يسعى لتأسيس موطئ قدم شرعي للكيان الصهيوني في المنطقة، بعد أن تجردوا من القدرة على الفعل، وصاروا أدوات للمشروع الصهيوأمريكي.
رؤساء الأنظمة العربية المجتمعون في الظهران تناسوا أن من يمنح الشرعية بالضرورة هو نظام شرعي، ولا نجد المثال منطبقًا على أغلب من حضر، فمن رؤوس أنظمة ملكية وراثية في الخليج، إلى أنظمة تسيطر على شعوبها بالحديد والنار، إلى حد أن ممثل اليمن موهوم بأنه يمارس الحكم من السعودية.
اليمن التي تتحول يومًا بعد الآخر إلى فاعل في منطقة الخليج، وخاصمت دور الضحية الذي أرادته قوى العدوان لها، تبدأ في طرق المجال العربي، كجزء أصيل من محور المقاومة، إيذانًا بخروج أوسع إلى الساحة، مستعينة بقوى بشرية، أصقلتها تجربة السلاح في حرب ضد أحدث ما أخرجته مصانع الغرب.
فشل التحالف العربي، المدعوم أمريكيًا وصهيونيًا، في النفاذ إلى اليمن أو كسره، ثم فشل في احتواء آثار الحرب على الرقعة الجغرافية اليمنية فقط، بعد وصول الصواريخ إلى الرياض والإمارات، حوّل العملية برمتها إلى معارك سياسية وهمية، يظن الطرف السعودي أنه يملك النصر فيها، بعد خيبته في ميادين القتال.
التهديد والوعيد للشعب اليمني البطل، وإدانة إطلاق الصواريخ على قواعد العدوان، التي هي جزء بسيط من حق المقاومة، لن تغير في المعادلة على الأرض، فالصمود اليمني المعجز، أمام أحدث ترسانات الأسلحة، وفشل المرتزقة في تحقيق أي تقدم يذكر في الميدان، سيفتح المجال لحروب إعلامية، تجيد السعودية تمويلها، وفرصة لبعض وسائل الإعلام لاستنزاف خزائنها.
اجتماع من يعتبرون أنفسهم قادة العرب، في الظهران، بمملكة آل سعود، موجه ضد الصمود اليمني، ومحاولة لكسر إرادة اليمن، وإيهام العالم أن الشرعية اليمنية الحقيقية موجودة في “الحضن السعودي”، ممثلة في رجل لا يستطيع أن يخطو خطوة واحدة بغير أذن من الكفيل، وهو عبد ربه منصور هادي، اليمني الفاقد لبوصلته الوطنية.
قمة الجامعة العربية، التي عُقدت بلا سوريا واليمن، وفي أعقاب قصف غربي، تبعه آخر صهيوني للجيش العربي السوري الباسل، خطوة ضمن خطوات تستهدف إلحاق المنطقة، فرادى وجماعات، بالتبعية للمركز الأمريكي، الذي يرعى الجامعة العربية قولا وفعلا.
المرحلة الحالية في صراع المنطقة ضد الاستعمار التقليدي، مستعينًا بأدواته، خرجت إلى النور، والتآمر جهارًا نهارًا على المقاومة وعلى إرادة الشعوب، والهدف النهائي تطويع البقية الباقية من الشعوب لتلحق بالركب، هنا فقط تكمن حتمية المقاومة والصمود، فالعرب لم يبق لهم من رايات سوى في دول تنخرط في مشروع شعبوي حقيقي تحت لواء المقاومة، وحققت انتصاراتها مع هذا المحور.
*أحمد فؤاد – صحافي مصري