إحاطة غريفيث: لا جديد لدى الأمم المتحدة
كشفت إحاطة المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، مارتن غريفيث، التي قدمها إلى مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، أن الحماس الذي ظهر به وتحركاته الملفتة في جولته الأولى، متنقلاً بين دولة وأخرى، ما هو إلا مجرد نشوة، ولفت أنظار ليس إلا، وربما هذه النشوة تحدث مع أي شخص يتولى المنصب.
بداية جولته، ظهر غريفيث، نشيطاً، ومتحدثاً بلغة الواثق عن قرب السلام، مطلقاً بارقة أمل واسعة لليمنيين، مطلقاً وعداً على نفسه بـ «إيقاف الحرب والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة تحظى بقبول وتأييد كل الأطراف». علامات كثيرة رافقت جولة المبعوث، من زيارات ملفتة قام بها فريق دولي بينهم سفراء ودبلوماسيين، إلى صنعاء وبعض العواصم، إلى التصريحات والتأكيدات الأوروبية، عن مساندة ودعم الحل السياسي، إلى اللقاءات التي تمت بين مسؤولين دوليين وإقليميين، وإلى غيرها من العلامات التي جعلت يمنيين وسياسيين، يؤمنون باقتراب الحل السياسي، واقتراب السلام. وذهب البعض نحو التأكيد على أن غريفيث، يبدو حازماً، ولديه خبرة ناجحة في السلام، وأن دعماً دولياً كبيراً يحظى به، وسيسانده في إنجاح مهمته. ولكن كل تلك التوقعات تبخرت، ومعها تبخرت آمال السلام، في أول إحاطة له إلى مجلس الأمن الدولي.
لقد ظهر، مارتن غريفيث، من خلال هذه الإحاطة، كما لو أنه نسخة عن سلفه إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وأنه يسير على خطى الرجل. لقد فعل غريفيث، تماماً كما فعل ولد الشيخ، أثناء توليه مهمته، حيث أطلق مهلة شهرين، قال إنه خلالها سيقوم «بإعداد إطار للمفاوضات المقبلة». وهي المهلة التي أطلقها ولد الشيخ بداية مشواره الدبلوماسي والتفاوضي، وكررها مرات، وكان مصيرها الفشل. إضافة إلى حديثه المحشور بالأمنيات، وتأكيداته على أنه سمع من الأطراف «كلاماً إيجابياً، وأنهم أبدوا استعداداً للتفاوض والعودة إلى طاولة المفاوضات».
يقول غريفيث، في احاطته إن «الحل السياسي لوضع حد لهذه الحرب، هو فعلياً متاح. فالخطوط العريضة لهذا الحل، ليست بالأمر المكنون: إنهاء القتال، وسحب القوات، وتسليم الأسلحة الثقيلة في المواقع الرئيسية، بمعية الاتفاق على تشكيل حكومة تتسم بالشمولية وتجمع الأطراف فيما بينها على توافق في الآراء لبناء السلام».
وزاد غريفيث: «إن التوصل إلى تسوية سياسية عن طريق الحوار الشامل بين اليمنيين، هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع اليمني، ومعالجة الأزمة الإنسانية القائمة. ولهذه الغاية، يتعيّن على جميع أطراف الصراع، التخلي عن الشروط المسبقة لإجراء المحادثات».
اكتفاء المبعوث الأممي باجترار ذات المطالب المستهلكة بخصوص العودة إلى الحوار من دون شروط مسبقة، اعتبرها مراقبون سياسيون، مسألة طبيعية ولا جديد فيها، وكان من المفترض أن يقدم المبعوث وجهة نظر خاصة به، يمكن أن تمثل منطلقاً معقولاً وحافزاً يقود الأطراف السياسية في اليمن إلى الطاولة من جديد.
لم تأتي إحاطة غريفيث بجديد، وتقريباً كل ما قاله في إحاطته، قاله ولد الشيخ، وطرح سابقاً. ولم يضف شيئاً يمكن اعتباره مؤشراً على أن هناك متغير سيحصل باتجاه وقف الحرب وتحقيق السلام لليمنيين الذين أرهقتهم الحرب وأوصلتهم إلى حافة الجوع. والجميع يعرف أن الحل يتطلب نوايا صادقة من الأطراف، لكن وقبل هذا يعرف الجميع ويتحدث بأن النوايا الصادقة يجب أن تتوفر لدى اللاعبين الإقليميين والدوليين، ومع كل مرة يرى اليمنيون بوادر أمل تلوح في الأفق، أو تطل عليهم، يقولون: «يبدو أن أمريكا والمجتمع الدولي خلاص أعطوا الضوء الأخضر للسلام والحل السياسي».
يعرف اليمنيون جيداً أن أمر التحكم ببقاء الحرب، ومساراتها، يتم عن بعد، وأن قراراهم ليس بأيديهم، بقدر ما هو بيد الدول العظمى، والتي ترى في حرب اليمن، ورقة يمكن التلاعب بها، لتحقيق مصالحها.
وعن إحاطة المبعوث، يقول المحلل السياسي، وضاح الجليل، في حديث إلى «العربي»: «لم يقل مارتن غريفيث شيئاً جديداً وخارج المتوقع، أو خلافاً لما كان يردده دائماً سلفه إسماعيل ولد الشيخ؛ سوى أنه ذكر أن الحوثيين يرغبون فعلاً في إنهاء الحرب، وأكد على ضرورة توقف إيران عن دعم الحوثيين بالصواريخ البالستية». مضيفاً: «يبدو أن المبعوث الأممي الجديد يريد من تسهيل مهمته، حيث بدا واضحاً من خلال إحاطته أنه يفتقد لدعم كامل وواضح لتنفيذ مهمته، فطلب موقفاً موحداً من المجلس من أجل دعم مهمته، وهذا قد يكون مؤشراً على أن رغبة القوى الكبرى في إحداث تسوية سياسية في اليمن لم تتوفر بعد، أو أنه لم يتم الاتفاق بين هذه القوى على شكل التسوية ومسارها».
ولفت الجليل إلى أن غريفيث، «حاول أن يكون محايداً قدر الإمكان، وهو النهج المتبع من كافة المسؤولين الأمميين تجاه مثل هذه الأزمات، غير أنه ومن خلال إحاطته، وتحديده لمدة شهرين لتقديم رؤيته لمسار المفاوضات والتسوية؛ يبدو أنه لم يصل إلى رؤية متكاملة حول ما عليه اتباعه في هذا الشأن، هذا إذا كان فعلاً هو من يقرر ويدير تفاصيل مهمته؛ غير أن الأمر لا يبدو كذلك، فنحن نعرف أن المبعوث الأممي ما هو إلا موظف يؤدي مهامه نيابة عن القوى التي تدير مؤسسات وهيئات الأمم المتحدة، وهي التي تضع له الخطوط والمسارات التي يتحرك عليها ومن خلالها، ويتركون له التفاصيل العادية».
وبحسب المتحدث فإن هذه الإحاطة «لا تعدو أن تكون إجراءً روتينياً معتاداً للتأكيد على أن مهمة المبعوث الجديد قد بدأت، وهي كما يبدو ستكون مهمة طويلة كالمعتاد، لكنها هذه المرة ستتخذ مسارات جديدة بحسب التغيرات في منطق تعاطي المجتمع الدولي مع الأزمات في الشرق الأوسط، وضمنها الأزمة في اليمن».
بداية جولته، ظهر غريفيث، نشيطاً، ومتحدثاً بلغة الواثق عن قرب السلام، مطلقاً بارقة أمل واسعة لليمنيين، مطلقاً وعداً على نفسه بـ «إيقاف الحرب والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة تحظى بقبول وتأييد كل الأطراف». علامات كثيرة رافقت جولة المبعوث، من زيارات ملفتة قام بها فريق دولي بينهم سفراء ودبلوماسيين، إلى صنعاء وبعض العواصم، إلى التصريحات والتأكيدات الأوروبية، عن مساندة ودعم الحل السياسي، إلى اللقاءات التي تمت بين مسؤولين دوليين وإقليميين، وإلى غيرها من العلامات التي جعلت يمنيين وسياسيين، يؤمنون باقتراب الحل السياسي، واقتراب السلام. وذهب البعض نحو التأكيد على أن غريفيث، يبدو حازماً، ولديه خبرة ناجحة في السلام، وأن دعماً دولياً كبيراً يحظى به، وسيسانده في إنجاح مهمته. ولكن كل تلك التوقعات تبخرت، ومعها تبخرت آمال السلام، في أول إحاطة له إلى مجلس الأمن الدولي.
لقد ظهر، مارتن غريفيث، من خلال هذه الإحاطة، كما لو أنه نسخة عن سلفه إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وأنه يسير على خطى الرجل. لقد فعل غريفيث، تماماً كما فعل ولد الشيخ، أثناء توليه مهمته، حيث أطلق مهلة شهرين، قال إنه خلالها سيقوم «بإعداد إطار للمفاوضات المقبلة». وهي المهلة التي أطلقها ولد الشيخ بداية مشواره الدبلوماسي والتفاوضي، وكررها مرات، وكان مصيرها الفشل. إضافة إلى حديثه المحشور بالأمنيات، وتأكيداته على أنه سمع من الأطراف «كلاماً إيجابياً، وأنهم أبدوا استعداداً للتفاوض والعودة إلى طاولة المفاوضات».
يقول غريفيث، في احاطته إن «الحل السياسي لوضع حد لهذه الحرب، هو فعلياً متاح. فالخطوط العريضة لهذا الحل، ليست بالأمر المكنون: إنهاء القتال، وسحب القوات، وتسليم الأسلحة الثقيلة في المواقع الرئيسية، بمعية الاتفاق على تشكيل حكومة تتسم بالشمولية وتجمع الأطراف فيما بينها على توافق في الآراء لبناء السلام».
وزاد غريفيث: «إن التوصل إلى تسوية سياسية عن طريق الحوار الشامل بين اليمنيين، هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع اليمني، ومعالجة الأزمة الإنسانية القائمة. ولهذه الغاية، يتعيّن على جميع أطراف الصراع، التخلي عن الشروط المسبقة لإجراء المحادثات».
اكتفاء المبعوث الأممي باجترار ذات المطالب المستهلكة بخصوص العودة إلى الحوار من دون شروط مسبقة، اعتبرها مراقبون سياسيون، مسألة طبيعية ولا جديد فيها، وكان من المفترض أن يقدم المبعوث وجهة نظر خاصة به، يمكن أن تمثل منطلقاً معقولاً وحافزاً يقود الأطراف السياسية في اليمن إلى الطاولة من جديد.
لم تأتي إحاطة غريفيث بجديد، وتقريباً كل ما قاله في إحاطته، قاله ولد الشيخ، وطرح سابقاً. ولم يضف شيئاً يمكن اعتباره مؤشراً على أن هناك متغير سيحصل باتجاه وقف الحرب وتحقيق السلام لليمنيين الذين أرهقتهم الحرب وأوصلتهم إلى حافة الجوع. والجميع يعرف أن الحل يتطلب نوايا صادقة من الأطراف، لكن وقبل هذا يعرف الجميع ويتحدث بأن النوايا الصادقة يجب أن تتوفر لدى اللاعبين الإقليميين والدوليين، ومع كل مرة يرى اليمنيون بوادر أمل تلوح في الأفق، أو تطل عليهم، يقولون: «يبدو أن أمريكا والمجتمع الدولي خلاص أعطوا الضوء الأخضر للسلام والحل السياسي».
يعرف اليمنيون جيداً أن أمر التحكم ببقاء الحرب، ومساراتها، يتم عن بعد، وأن قراراهم ليس بأيديهم، بقدر ما هو بيد الدول العظمى، والتي ترى في حرب اليمن، ورقة يمكن التلاعب بها، لتحقيق مصالحها.
وعن إحاطة المبعوث، يقول المحلل السياسي، وضاح الجليل، في حديث إلى «العربي»: «لم يقل مارتن غريفيث شيئاً جديداً وخارج المتوقع، أو خلافاً لما كان يردده دائماً سلفه إسماعيل ولد الشيخ؛ سوى أنه ذكر أن الحوثيين يرغبون فعلاً في إنهاء الحرب، وأكد على ضرورة توقف إيران عن دعم الحوثيين بالصواريخ البالستية». مضيفاً: «يبدو أن المبعوث الأممي الجديد يريد من تسهيل مهمته، حيث بدا واضحاً من خلال إحاطته أنه يفتقد لدعم كامل وواضح لتنفيذ مهمته، فطلب موقفاً موحداً من المجلس من أجل دعم مهمته، وهذا قد يكون مؤشراً على أن رغبة القوى الكبرى في إحداث تسوية سياسية في اليمن لم تتوفر بعد، أو أنه لم يتم الاتفاق بين هذه القوى على شكل التسوية ومسارها».
ولفت الجليل إلى أن غريفيث، «حاول أن يكون محايداً قدر الإمكان، وهو النهج المتبع من كافة المسؤولين الأمميين تجاه مثل هذه الأزمات، غير أنه ومن خلال إحاطته، وتحديده لمدة شهرين لتقديم رؤيته لمسار المفاوضات والتسوية؛ يبدو أنه لم يصل إلى رؤية متكاملة حول ما عليه اتباعه في هذا الشأن، هذا إذا كان فعلاً هو من يقرر ويدير تفاصيل مهمته؛ غير أن الأمر لا يبدو كذلك، فنحن نعرف أن المبعوث الأممي ما هو إلا موظف يؤدي مهامه نيابة عن القوى التي تدير مؤسسات وهيئات الأمم المتحدة، وهي التي تضع له الخطوط والمسارات التي يتحرك عليها ومن خلالها، ويتركون له التفاصيل العادية».
وبحسب المتحدث فإن هذه الإحاطة «لا تعدو أن تكون إجراءً روتينياً معتاداً للتأكيد على أن مهمة المبعوث الجديد قد بدأت، وهي كما يبدو ستكون مهمة طويلة كالمعتاد، لكنها هذه المرة ستتخذ مسارات جديدة بحسب التغيرات في منطق تعاطي المجتمع الدولي مع الأزمات في الشرق الأوسط، وضمنها الأزمة في اليمن».