الشرق الأوسط على عتبة انفجار كبير!
متابعات| شفقنا:
التصعيد الأمريكي بتوجيه ضربه عسكرية ضد سوريا يبلغ أقصى درجاته؛ الجميع على أهبة الاستعداد وجميع الاحتمالات مفتوحة أمام هذا التأزيم الذي تسببه واشنطن في منطقة الشرق الأوسط والذي يمكن أن يذهب نحو حرب شاملة في حال أفرط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قرارته القادمة، فالرجل يريد حفظ ماء وجهه أمام الانهيارات المتلاحقة التي يتعرض لها كل من يدعمهم في سوريا.
أما اليوم فقد رفع ترامب سقف التحدي مع روسيا ونشر تغريدة عبر حسابه الرسمي على موقع “تويتر” قال فيها “روسيا تعهدت بإسقاط أي صاروخ يطلق على سوريا، استعدي يا روسيا إذن لأن الصواريخ سوف تأتي حديثة وذكية”.
الرد الروسي جاء على لسان المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، يوم الأربعاء، حيث أعلنت زاخاروفا أن “الصواريخ الذكية” التي تحدث عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد تدمر أدلة استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، ونشرت زاخاروفا على حسابها في موقع “فيسبوك”: “يجب على الصواريخ الذكية أن تحلق باتجاه الإرهابيين، وليس باتجاه الحكومة الشرعية، التي تحارب منذ عدة أعوام الإرهاب الدولي على أراضيها”.
لماذا كل هذا التصعيد من الجانب الأمريكي ضد سوريا؟!
أولاً: هذه السياسة التي تتبعها واشنطن في الهروب من الحقائق والأزمات ليست بالأمر الجديد عليها، فقد تكرر نفس السيناريو عدة مرات خلال سنوات الحرب السبع في سوريا، ولمن يراقب جيداً تطور الأحداث يجد أن الولايات المتحدة الأمريكية في كل مرة تجد نفسها بدأت تخسر تأثيرها السلبي على الأزمة السورية ولم يعد لها مكان أو أنصار هناك، فتعوض ذلك بالتصعيد الكلامي وأحياناً تطلق بعض الصواريخ لكي تحفظ ماء وجهها أمام العالم بعد الانهيارات المتتالية والخسائر الفادحة التي تحلّ بأتباعها على الأراضي السورية.
ثانياً: نجد في هذه المرة أن التصعيد بلغ ذروته لأن الحكومة السورية أيضاً اقتربت من الذروة من ناحية سيطرتها على أغلبية الأراضي السورية وما حدث في دوما خلال هذا الأسبوع لم يرضِ واشنطن ومن خلفها الرياض، لأن دوما كانت القلعة الأخيرة للمسلحين في محيط العاصمة دمشق، وبعد القضاء على قسم من هؤلاء المسلحين الذين يتبعون لـ”جيش الإسلام” وترحيل من بقي منهم إلى جرابلس أصبحت العاصمة “دمشق” آمنة بشكل كلي تقريباً، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة والسعودية أن يحدث في سوريا، ولا نستغرب أن يكون محمد بن سلمان له علاقة مباشرة بهذا التصعيد الذي يقوده ترامب ضد سوريا وحلفائها، لأن السعودية كانت الداعم الرئيسي لمسلحي “جيش الإسلام” وخروجهم بهذه الطريقة يعتبر نصراً لدمشق وإهانة للرياض في نفس الوقت.
ثالثاً: حجة واشنطن لشنّ هجوم عسكري على سوريا لا تستند إلى أي دليل واضح، فالأمريكيون يريدون أن يشعلون المنطقة من جديد بنفس الآلية التي استخدموها قبل غزو العراق في العام 2003، حيث دمر الأمريكيون دولة بأكملها بناءً على ادعاءات ليس لها أساس من الصحة، فقد كانت الحجة حينها أن صدام حسين يملك أسلحة دمار شامل وبعد أن دمر الأمريكيون العراق اعترفوا أنه لا توجد هناك أي أسلحة دمار شامل، واليوم يريدون شن حملة عسكرية على سوريا بحجة أن الحكومة السورية استخدمت أسلحة كيميائية في 7 أبريل بمنطقة دوما، وحتى اللحظة لا يوجد دليل على هذا الكلام.
ومن الحماقة أن يصدق أحد بأن الدولة السورية استخدمت هذا النوع من الأسلحة والسبب بسيط أنها اليوم في “موقع القوة” بعد أن حررت محيط دمشق بالكامل وبالتالي أي عاقل يصدق بأنها تستخدم سلاحاً كيميائياً وهي المنتصرة، ومن حسن حظ الولايات المتحدة أنها تملك بعض العقلاء أمثال العَقيد بات لانغ، الذي عَمِل في القُوّات الخاصَّة، ووكالة المُخابَرات العَسكريّة الأمريكيّة، والذي وجه مؤخراً رِسالةً إلى جيمس ماتيس، وزير الدِّفاع الأمريكي، يُخاطِبُه فيها بِقَولِه “أرجوك سيّدي أن تَنظُر في احتمالات أن يكون الهُجوم بغاز الأعصاب في الغُوطةِ الشرقيّة من تَنفيذ فَصائِل مُعارِضة مُحاصَرة في دوما، ولأهدافٍ دِعائيّةٍ بَحتة لدِفْعِنا كأمريكيين للإقدام على رَدِّ الفِعل الذي نَراه حاليّاً في وسائِل الإعلام الغَربيّة، المُعارَضة هُزِمَت في الغُوطةِ الشرقيّة، ومُقاتِلوها وعَوائِلهم جَرى تَرحيلهم إلى مدينة جرابلس قُرب الحٌدود التركيّة عَبر حافِلاتٍ مُكيّفة، فماذا تستفيد الحُكومة السوريّة المُنتَصِرة من استخدام الأسلحة الكيميائيّة؟ آمل أن تُرسِل فَريقاً مُتخَصّصاً لتَقصِّي الحَقائِق قَبل الإقدام على أيِّ عَمَلٍ عَسكريّ”.
ولكون الدولة السورية اليوم أقوى من أي وقت سابق ولثقتها بعدم استخدامها لهذا النوع من الأسلحة، وجهت وزارة الخارجية السورية دعوة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لإرسال فريق من بعثة تقصي الحقائق لزيارة منطقة دوما والتحقيق في الادعاءات المزعومة المتعلقة بحادثة الاستخدام للأسلحة الكيميائية فيها، خلال عمليات دحر الإرهاب.
في الخلاصة؛ في الحقيقة استخدام ترامب لهذه الكلمات غير الأخلاقية والتي من المعيب أن تخرج من لسان زعيم دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية، هو دليل واضح على حالة التشويش التي يمر بها بعد فشل كل مساعيه للحفاظ على عمر الجماعات المسلحة أطول فترة ممكنة، خاصةً أن حليفته السعودية خسرت ورقتها الأخيرة بعد إخراج “جيش الإسلام” من دوما، ولا يمكننا أن نفصل أبداً الاجتماع الأخير الذي جمع كلّاً من “تركيا، روسيا وإيران” في أنقرة الأسبوع الماضي عن تصعيد ترامب الذي بدأ يشعر بأنه أصبح خارج اللعبة وبالتالي سعيه اليوم لتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا ما هو إلا محاولة أخيرة للعودة إلى الساحة السورية بعد أن خسر كل أوراقه فيها.