سجون إماراتية سرّية تحت الأرض أنشأت قبل دخولها عدن
متابعات| يحيى محمد – العربي:
لم يعد خافياً على أحد أن أكثر ما حققته وأنشأته الإمارات في اليمن، منذ سيطرتها على عدن منتصف العام 2015، ومعظم المحافظات الجنوبية منذ ذلك الحين وحتى اليوم، هي المعتقلات السريّة التي تُنكر أبوظبي رسمياً وجودها وإدارتها في البلاد، على الرغم مما كشفته وكالات الأنباء العالمية، أكثر من مرة، فضلاً عن مراكز دراسات غربية، وتأكديدات منظمات حقوقية دولية.
لكن واقع الحال يحكي حقيقة أخرى، فالمخفيين قسرياً في المحافظات الجنوبية، وخصوصاً في مدينة عدن، اختطفوا واحداً تلو الآخر منذ دخول القوات الإماراتية، تحت غطاء المشاركة في عمليات «التحالف»، بهدف «إعادة الشرعية». وجميع من اختطفوا، إما من المنتمين لحزب «الإصلاح» (جناح الأخوان المسلمين في اليمن)، أو المعارضين للممارسات الإماراتية التي توصف بـ«الاحتلال»، كما أن من كانوا ينفذون عمليات الاختطاف، باتوا اليوم يتقلدون مناصب قيادية في القوات التي أنشأتها أبوظبي في الجنوب، وأصبحوا من المقربين جداً من قيادات «المجلس الانتقالي» الأكثر فاعلية وتحكماً بقرارات وتحركات هذا الكيان المدعوم إماراتياً.
وما من شك من أن القوات الإماراتية هي من تدير هذه المعتقلات داخل عدن وبعض المحافظات الجنوبية الأخرى، لكن ما يزال مجهولاً حتى اليوم، هو ما كشفته مصادر لـ«العربي»، من أن الإمارات لا تدير فقط سجوناً سرية داخل اليمن، بل إنها «عملت على إنشاء معتقلات سرية جداً تحت الأرض»، وأن عدداً قليلاً جداً من القيادات الجنوبية المقربة من أبوظبي على علم بهذه السجون، وتعرف أين تقع وكم عددها ومن يديرها.
المصادر المحلية في عدن، والتي كشفت عن أماكن السجون السرية التي أنشأتها الإمارات تحت الأرض، عززت معلوماتها بخريطة توضيحية تشرح بالتفصيل مواقع هذه المعتقلات، والمداخل المؤدية إليها، كاشفة عن أن هذه السجون، تم إنشاؤها داخل القاعدة الإدارية التي تتواجد فيها قيادة قوات «التحالف» في منطقة البريقة غرب عدن، وأن الإمارات أنشأت هذه المعتقلات قبل أن يكون هناك تواجد بري رسمي لقيادة قوات «التحالف» في عدن، وقبل أن تستقدم القوات السودانية.
وأكدت المصادر لـ«العربي»، أن هذه السجون جرى إنشاؤها قبل سيطرة الإمارات على باب المندب، أي قبل أواخر سبتمبر ومطلع أكتوبر العام 2015، وقبل أن تصل قوات «التحالف» رسمياً إلى عدن.
ووفقاً للمصادر، فإن الإمارات وقبل أن تدخل قواتها إلى عدن، دفعت بالقيادي السلفي الموالي، ونائب رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» حالياً، هاني بن بريك، بالإشراف على تأسيس سجون كبيرة تحت الأرض، والذي بدوره استعان بصهره وسام الفطيسي، للإشراف والتكفل بمقاولة إنشاءها بالكامل.
وتكشف المصادر، أن من يشرف على هذه المعتقلات بشكل مباشر، قوات إماراتية وأمريكية مشتركة، وأن القوات الأمريكية تابعة لوحدات الـ«مارينز»، ولديها مقر خاص بها داخل مقر قيادة قوات «التحالف».
وتكشف الخريطة المرفقة، عن إنشاء الإمارات 3 سجون سرية على عمق 5 أمتار تحت الأرض داخل مقر قيادة «التحالف». يقع الأول بالقرب من البوابة الرئيسية للمقر، وأنشأ تحت المبنى الخاص بالقوات الأمريكية الـ«مارينز»، في حين يقع السجن الثاني، أمام المدخل الخلفي للمقر، وبنفس العمق، غير أن هذا السجن أنشأ بشكل طولي، ويقابله المبنى الخاص بالقيادة الإماراتية، أما المعتقل السري الثالث، فجرى إنشاؤه في المنطقة الوسطى بين السجنين السابقين، وتقارب مساحته مساحة المعتقل الواقع تحت مقر القوات الأمريكية.
وبالإضافة إلى المعتقلات التي أنشأت بطلب وتمويل إماراتي، تتحكم قوات أبوظبي في عدن بسجن «بئر أحمد»، الذي يتبع أحد المنشأت العسكرية. وتؤكد المصادر، أن هذا السجن موجود في مزرعة يملكها شيخ قبلي ينتمي لقبائل «العقربي» في ريف عدن الغربي.
وكانت وكالة «أسيوشيتد برس» الأمريكية، كشفت في شهر يونيو الماضي، عن وجود شبكة سجون سرية في اليمن، تديرها الإمارات، وأن ضباطاً أمريكيين يشاركون في عمليات استجواب المعتقلين، بعد أن يتعرضوا لصنوف التعذيب المروعة من قبل القوات الإماراتية، والتي من بينها الحرق والسجن داخل حاويات فيها كميات من البراز.
ووفق تحقيق الوكالة الأمريكية، فإن عدداً من المسؤولين العسكريين في البنتاغون، أقروا بأن واشنطن شاركت في استجواب معتقلين في اليمن داخل سجون سرية تشرف عليها القوات الإماراتية، كما أكد المسؤولون أن ضباطهم يستطيعون الوصول إلى المعتقلين في أي وقت لاستجوابهم.
وبحسب التحقيق، فإن عدد السجون السرية التي تديرها الإمارات في اليمن، تبلغ 18 سجناً تتوزع في قواعد عسكرية ومطارات وموانئ ومبانٍ سكنية أيضاً، وفقاً لشهادات معتقلين وصلت إليهم الوكالة الأمريكية أثناء تحقيقها.
وقد أورد تحقيق الـ«أسيوشيتد برس»، أن المحققين الأمريكيين يقومون باستجواب المعتقلين في سجون الإمارات السرية على متن سفينة أمريكية، غير أن المسؤولين الأمريكيين في البنتاغون، أنكروا قيام محققيهم باستجواب معتقلين يمنيين على متن السفن الأمريكية.
وفي تقرير سابق لـ«العربي»، كشف مصدر مطلع في مدينة المكلا، في حضرموت، جنوب شرق البلاد، عن وجود سجن سري تديره القوات الإماراتية في ميناء الضبة النفطي جنوب المحافظة، مضيفاً أن معتقلين كانوا داخل سجن سري آخر في مطار الريان في المكلا، وينتمون إلى تنظيم «القاعدة» جرى نقل عدد منهم إلى ميناء الضبة، مؤكداً أيضاً أن «هناك مبنى خاص بقوات أمريكية تابعة لوحدات المارينز في ميناء الريان الجوي، بالإضافة إلى وجود محققين من الاستخبارات الأمريكية CIA يقومون باستجواب المعتقلين في سجن الريان بعد نقلهم إلى سفينة عسكرية في المياه الإقليمية اليمنية المحاذية لمحافظة حضرموت».