غزة واليمن .. الوجه المشترك
متابعات| شفقنا:
أمام مرأى ومسمع العالم اجمع قتل جيش الاحتلال “الاسرائيلي” خلال اسبوع ، 31 فلسطينيا وجرح نحو 3000 اخرين ، جراح نحو 100 منهم خطيرة ، لا لجريرة ارتكبوها سوى انهم تجمعوا وبشكل سلمي قرب السياج الحدودي مطالبين بعودهم الى بلداتهم وقراهم التي هجروا منها عام 1948 ، دون ان يحمل اي منهم حتى سكينا صغيرة.
الامر الملفت في كل هذا المشهد الدموي المستمر في غزة ، هو الصمت المخزي للاعلام العالمي وعلى راسه الاعلام الغربي والامريكي ، الذي يدعي ، انطلاقا من “مبادىء” “حقوق الانسان ” و “حرية التعبير” ، الاستقلالية والحيادية والحرفية في تناول ابسط الاحداث التي تشهدها المعمورة ، فهذا الاعلام ومن اجل فضح الجهات الجشعة التي تعمل على اصطياد حيوان الفقمة بشكل بشع ، نراه يرسل كاميراته ومصوريه الى القطب الشمالي من اجل رصد عمليات قتل هذا الحيوان ، ونقل كل ما يجري على شاشات الفضائيات ، بينما لا نرى موقفا لهذا الاعلام وعلى مدى ما يقارب الاسبوعين ، ازاء ما يجري في غزة ، بينما ما نشهده هناك ليست مجزرة ضد ناس مسالمين جاؤا يطالبون بحقوقهم الدنيا وبشكل سلمي.
صحيح ان انحياز الرئيس الامريكي دونالد ترامب الكلي ل”اسرائيل” وتجاهله بالمطلق لحق الفلسطينيين بارضهم ، والاجراء الظالم والمتعسف الاخير الذي اتخذه والمتمثل بنقل السفارة الامريكية الى القدس واعتبارها عاصمة “اسرائيل” ، كان سبب توحش “اسرائيل” اكثر مما هي متوحشة ، واعتبرت مواقف واجراءات ترامب ضوء اخضر لا لبناء المستوطنات وابتلاع ما تبقى من الاراضي الفلسطينية المحتلة فحسب ، بل للفتك بالفلسطينيين وارتكاب افضع الجرائم بحقهم من اجل دفعهم للهجرة عما تبقى من ارضهم ، على امل قيام كيان يهودي على الارض الفلسطينية لا مكان لها لعربي مسلم كان ام مسيحي ، الا ان الراي العالم العالمي كان ينتظر ان توجه كاميرات الاعلام الغربي عداساتها نحو غزة وما يجري فيها من انتهاكات فاضحة لحقوق الانسان ، عملا بالمبادىء التي يدعي هذا الاعلام تجسيدها.
ما كان بمقدور “اسرائيل” ان تتمادى بغيها الى هذا الحد وتسترخص الدم الفلسطيني بهذا الشكل الفظيع ، لو نقل الاعلام الغرب ما يجري في غزة بالصوت والصورة الى المخاطب الغربي ، فمن الواضح ان الاعلام الغربي ، وعن قصد ، يتعمد الا ينقل ما يجري في غزة فحسب ، بل يساهم في خلق حالة من الضبابية حول ما يجري عبر نقل الاحداث بشكل خبيث.
يبدو ان “اسرائيل” التي وضعت الاعلام الغربي في جيبها ، لم تتمكن بعد من اخفاء جرائمها بحق الانسانية في غزة بشكل كامل ، فهناك الكاميرا الفلسطينية التي تنقل ، رغم امكانياتها المتواضعة ، جانبا من هذه الجرائم ، الامر الذي يفسر هذا الاستهادف المعتمد للصحفيين والمصوريين الفلسطينيين الذين حاولوا ايصال جانبا من مظلومية الشعب الفلسطيني الى الراي العالمي.
في يوم الجمعة 6 نيسان / ابريل ، قتل جيش الاحتلال “الاسرائيلي” 10 فلسطينيين ، بينهم مصورا صحفيا قرب السياج الفاصل شرق قطاع غزة ، والمصور كان يعمل لصالح وكالة “عين ميديا” ، وقد أظهر مقطع فيديو التُقط أثناء نقله إلى مركز صحي، يرتدي سترة كُتب عليها “برس” (صحافة) .
الصحفي الشهيد ، لم يكن هو الهدف الوحيد لرصاص الاحتلال في ذلك اليوم ، فقد اكدت نقابة الصحافيين الفلسطينيين ان خمسة صحافيين آخرين جرحوا الجمعة ، بالرغم من انه كان يمكن التعرف عليهم بسهولة بسبب ستراتهم المنقوشة ب “برس”.
هذا التعتيم الاعلامي الغربي ازاء ما يجري في جرائم في غزة ، لم نشهد له مثيلا الا ازاء ما يجري في اليمن من فظائع بحق الانسانية ، فالامر ذاته يتكرر بحذافيره ، فلا اثر للصور والافلام التي ترصد الاجسام الغضة لاطفال اليوم وقد مزقتها قنابل طائرات التحالف السعودي ، على شاشات القنوات الفضائية الغربية ، ولا اثر للدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية لليمن ، ولا لمليون انسان يعاني من الكوليرا ، ولا لملايين اليمنيين الذين تحولوا الى هياكل عظمية من الجوع بسبب الحصار الظالم المفروض على اليمن ، بل بالعكس تماما نرى هذا الاعلام الاعور مشغولا بالاخبار التي تتحدث عن رصد كل جسم يتحرك في البحر ، قد يتجه الى اليمن لنقل المساعدات الى اهلها ، فمثل هذه المساعدات لا يجب ان تنتهك القانون الدولي!!!.
بعد ان باع الاعلام الغربي نفسه لشيطان العنصرية والمال ، لم يبق امامنا سوى الاعلام الحر في العالم ، الذي يستحق ان نخاطبه ، فهذا الاعلام هو اليوم امام امتحان عسير ، اما ان يتحرك لانقاذ ما تبقى من علائم للحياة في جسد الانسانية التي تسلخ على مذبح المصالح غير المشروعة ، عبر الاتحاد لنقل ما يجري من فظائع في غزة واليمن ، واما سنكون على موعد مع موت هذه الانسانية بشكل كامل ، وعندها لن يكون لهذا الاعلام من دور يفعله بعد ذلك.