ثلاثة أعوام.. العُـدْوَانُ على اليمن يضاعِفُ معاناةَ مرضى الفشل الكلوي (تقرير)
متابعات
تقرير | علي الحمزي
ثلاثةُ أعوام كُلّ يوم فيها وكُلّ ساعة ودقيقة لم تمُر إلا وتحمِلُ معَها آلاماً ومعاناةً كبيرة جداً لمرضى الفشل الكلوي؛ نتيجة للحصار الذي فرَضَه العُـدْوَانُ الغاشمُ على اليمن طيلةَ الثلاثة الأعوام الماضية، فالموتُ يلاحِقُ أَرْوَاح المرضى بشكل مستمرٍّ وكُلَّ يوم يفارقُ عددٌ من المرضى الحياة؛ بسبب تفاقم المعاناة.
أجهزةُ الغسيل الكلوي تتهالَكُ يوماً بعد يوم، وأعدادٌ كبيرةٌ منها لم تعد صالحةً للاستخدام ولم يستطع الفنيون إصلاحها؛ بسبب عدم توفّر قطع غيارها، وأكّد الدكتور/ راجح الحصن والذي يعملُ في وحدة الغسيل الكلوي بمستشفى الثورة العام بصنعاء أنهم لم يستطيعوا استيرادَ القِطَع التالفة وتركيبها للأجهزة وكُلّ ذلك؛ بسبب الحصار الذي فرضه العُـدْوَانُ على اليمن.
يعيشُ مرضى الفشل الكلوي في أصعب الحالات، فعددٌ كبيرٌ من المرضى بالكاد يقوون على التنفس، وذلك من فرط السموم الزائدة في الدم، وآخرون يدخُلون في غيبوبة بين الفَينة والأُخْـرَى، ويتم نقلُهم إلى العناية المركزة والتي أَصْبَـحت ممتلئةً بالمرضى الوافدين إليها من جميع الأقسام، وفي حالة عدمِ توفّر السرير فإن المريضَ يفارِقُ الحياةَ.
فهذا المريض وأثناء تواجُدِنا في وحدة الغسيل الكلوي تم نقلُه إلى غرفة العناية المركزة بعد أن دخَلَ في غيبوبة وأَصْبَـحت حالتُه صعبةً جداً، بل إنه أَصْبَـح ميتاً سريرياً وقد يفارِقُ الحياةَ في أقرب لحظة.
إنَّ المصابَ بالفشل الكلوي لم يعد يحصُلُ على الجلسات الكافية للغسيل؛ وذلك بسبب عدمِ توفّر المحاليل الطبية؛ نتيجة للحصار، بالإضَافَة إلى الازدحام الكبير للمرضى، خصوصاً مع توافد أعداد كبيرة من المرضى الذين يأتون من المحافظات الأُخْـرَى، فالمريضُ قبل العُـدْوَان كان يحصلُ على 12 ساعة أسبوعياً، أمَّا بعدَ العُـدْوَان لم يعد يحصل المريضُ إلّا على 6 ساعات فقط وبعد شقّ الأنفس.
وفي وحدة الغسيل الكلوي يتواجَدُ العديدُ من الأطفال الذين أُصِيْـبوا بمرض الفشل، وحسب ما تحدث به الأطباءُ فإن عدداً كبيراً من الأطفال أُصِيْـبوا بالفشل الكلوي؛ نتيجة لتعرُّضهم للخوف الشديد أثناء سماعهم للانفجارات الشديدة التي تسببها غاراتُ العُـدْوَان على مختلف المحافظات اليمنية، وهنا يصابون بمرض الفشل الكلوي.
الطفلةُ اتحاد من محافظة إب والتي تبلغ من العمر 12 عاماً أُصِيْـبت بالفشل الكلوي وكان سبب مرضها هو غاراتُ العُـدْوَان، حسب ما تحدث به أخوها الأكبر عبدالرحمن، والذي أَكَّـد أن أُختَه اتحاد أُصِيْـبت بفجيعة جراء الغارات التي استهدفت منطقتَهم بمديرية النادرة بمحافظة إب، ما أدى إلى إصابتها، وهذا ما أَكَّـده الأطباء أن عَدَداً من أطفال اليمن يصابون بالفشل الكلوي جراء الخوفِ الذي يشعرون به من غارات العُـدْوَان فيصابون بمرض الفشل الكلوي.
عددٌ من المرضى وجُلُّهم من النساء والأطفال ينتظرون حتى يُؤَذنَ لهم بالدخول لإجراء الغسيل الكلوي، وكل هذا الانتظار والمعاناة التي يتعرّضُ لها المريض هي بسبب توافد المرضى القادمين من المحافظات إلى العاصمة صنعاء والذي تسبب بازدحام كبير بمستشفَيات العاصمة، وكذلك قلّة المحاليل الطبية الخَاصَّة بالغسيل الكلوي؛ وذلك بسبب الحصار الجائر على اليمن الذي يمنعُ دخولَ الأدوية الصحية إلى اليمن منذ ثلاثة أعوام.
وتحدث إلينا عددٌ من المرضى وأهاليهم، ولمسنا منهم المعاناة الكبيرة، فالجميع يعاني الفشل الكلوي منذ سنين طويلة لكن الوضع كان أرحمَ بكثير من الوقت الحالي في ظل العُـدْوَان الغاشم على اليمن، فالأدوية كانت تتوفر إلى حَــدٍّ ما قبل الحصار الذي فرضه العُـدْوَان على اليمن، أمَّا الآن فكلُّ ما يرجوه هؤلاء المرضى هو توفُّر ولو القليل من الأدوية والمحاليل الطبية لكي يعيشوا ما تبقى من عمرهم.
وأَكَّـد الدكتور مجاهد البطاحي -رئيس قسم أمراض وزراعة الكلى بمستشفَى الثورة العام بصنعاء- في تصريح لموقع الصمود، أنه وبعد قرار دول التحالف (العُـدْوَان) بإغلاق جميع الممرات الجوية والبحرية والبرية تزايدت المعضلات الصحية بشكل كبير، وذلك لعدة أسباب :
أولاً : عدم دخول المواد الخَاصَّـة بالغسيل الكلوي، حيث ومعظم المراكز لا يوجد لديها مخزون كافٍ؛ باعتبارها باهظةً القيمة، حيث تتراوح قيمةُ جلسة الغسيل بين 80 إلى 100 دولار للجلسة، ولهذه الأسباب تتوافد الحالات علينا؛ كوننا المستشفى والمركَز المرجعي، ونحن لا يوجد لدينا مخزون إلّا لما يكفي 50 يوماً؛ لأننا نعمل 210 جلسة باليوم.
ثانياً : المرضى الوافدون من المراكز الأُخْـرَى وكذا المرضى غير القادرين على السفر للعلاج أَوْ الزراعة لا يتمكّنون من السفر فيزيد العبءُ علينا، ويعتبر إغلاق الممرات كارثةً إنْسَانية.
وقال الدكتور البطاحي : نقوم بنصف عدد ساعات الغسيل المفروضة 12ساعة، نعمل 6 ساعات؛ لنستطيع تغطية الحالات وإنقاذ أَرْوَاح آلاف المرضى، فالحصار كارثة إنْسَانية يجب اتخاذ كُلّ الطرق لفكها وزيادة الدعم.
وأوضح الدكتور مجاهد أن عددَ مراكز الغسيل الكلوي أكثر من 32 مركزاً، وعدد المرضى 7800 مريض إذا توقف الغسيل في الجميع مهدَّدٌ بالموت، بالإضَافَة الي الحالات المصابة بالفشل الكلوي الحاد التي تقدر 30 – 50 حالة حادة بجميع المراكز والتي يتم عمل غسيل جلستين أَوْ أكثر وتعود إلى حالتها الطبيعية.
وأشار الدكتور البطاحي، إلى أن مرضَ الكوليرا ساهم بشكل كبير في زيادة حالات الفشل الكلوي وخَاصَّة في المرضى الذين يعانون من السكر والضغط وكبار السن وبعض المرضى المناعية المرتبطة بالكلى، وكذلك مرضى القصور الكلوي في المرحلتين الأولى والثانية والذين تحت العلاجات التحفظية، فالكوليرا سارَعَ من تحويل المرحلتين الرابعة والخامسة واللتان علاجهما هو الغسيل، وهم نسبة كبيرة 4000 إلى 5000 مريض، مما أدّى إلى زيادة عشرين بالمائة من المرضى من دون حالات الوفيات.
وكشف الدكتور مجاهد أن عددَ المرضى تحت الغسيل الدموي 25 ألف مريض والمرضى المرشحون 40 ألفَ مريض وهم مرضى الضغط والسكري والمرضى المناعية مثل الذيبة الحمراء ومرضى كبيبات الكلى وإفراز البروتين في البول والتكيسات الكلوية وأُخْـرَى، والذين تحت العلاجات التحفظية ولم يستطيعوا الحصول على العلاجات الأصلية، ما يؤدي إلى دخولهم في الفشل الكلوي بسرعة؛ وذلك بسبب الحصار الذي يمنعُ دخولَ العلاجات، وهذا سيسبب كارثةً كبرى.
نعم إن تحالُفَ العُـدْوَان على اليمن ترَكَ معاناةً كبيرةً جداً على مرضى الفشل الكلوي خصوصاً، وكل المرضى عموماً وعلى الشعب اليمني بشكل عام وسط تجاهُلٍ أممي وصمتٍ دولي مريب.