لماذا تتهرّب السعودية من مأزقها اليمني بالتهجّم على إيران؟
السعودية التي تتلقى صلية صاروخية باليستية تحاول التهرّب من عجزها عن إخماد جذوة مقاومة العدوان، باتهام إيران والشكوى إلى مجلس الأمن. لكن اعتماد السعودية على الحماية الأميركية والغربية من ارتكابها جرائم ضد الانسانية ضد اليمنيين، قد لا تنقذها من تداعيات أزمتها المستفحلة في اليمن.
في مستهل مرور 4 سنوات على “عاصفة الحزم”، تظهر أماني السعودية فاقعة على الملَأ باتضاح هشاشة وعود “إعادة الأمل” أو ما تدّعيه من عمل “لاستعادة الشرعية” والقضاء على ما تصفه “بالميليشيات الانقلابية”. فالصواريخ الباليستية الـ 7 التي تضرب أهدافاً في عمق أراضيها، بينها مطار الملك خالد الدولي في الرياض، تثبت الشك باليمين أن التحالف السعودي يحصد الخيبة في عدوانه على اليمن، على الرغم من الدمار الهائل وقتل المدنيين بالصواريخ والتجويع والمرض.
أمام ما يفقأ العين من وقائع عنيدة، تلتفت السعودية لحرف الأنظار باتجاه إيران، كما أشار العميد حسن الجواني. وهو الهدف القريب المنال الذي يلقى استحساناً في أروقة دونالد ترامب وإدارته التي تحرّض ضد إيران موغلة الصدور بضحالة العقول. لكن هذا الهدف القريب المنال يدل في الوقت عينه أن ادعاءات ولي العهد بخطة الدخول البرّي لاحتلال اليمن، هو بين الادعاءات الوهمية التي تتخيّل أن ترامب ربما لا يكتفي بدعم العدوان من وراء البحار.
في هذا الصدد يأمل السفير السعودي في الولايات المتحدة خالد بن سلمان “بمحاسبة النظام الإيراني على انتهاكهه الخرق الصارخ لقرارات الأمم المتحدة”. وفي شأن هذا الخرق حمل تقرير الخبراء في الأمم المتحدة قبل أسابيع دلائل خرق التحالف السعودي ودلائل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، على الرغم من أن المعايير التي استند إليها الخبراء هي معايير تجنّب السعودية الاتهام بأغلب الخروقات وفق القرار الجائر رقم 2216.
وفي حمأة الطموحات المغالية بالأماني الوردية، يطمع العقيد تركي المالكي المتحدّث باسم التحالف “بالرد في الزمان والمكان المناسبين”. بينما يتعهّد زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي بأن”العام الحالي سوف يشهد تطورات كبيرة تخترق أنظمة الحماية الأميركية”. فأنظمة الحماية التي تدعم التحالف السعودي في استمرار العدوان بكل ما تستطيع، تصمّ آذانها المنظمات الانسانية والمظاهرات الشعبية الغاضبة التي واجهت زيارة محمد بن سلمان في لندن ونيويورك حاملة إليه أكفان الأطفال وصور ضحايا الدمار.
تقارير هذه المنظمات الانسانية التي تخرق كل ضمير حي، لاقتها دعوات لرفع العتب من الحكومات الألمانية والنروجية والكندية والبرلمان الأوروبي، لوقف تصدير السلاح إلى دول العدوان على اليمن، وفي موازاتها ظهرت دعوات خجولة من الكونغرس ولندن للحل السياسي في اليمن، أخذ به ترامب في نصيحة محمد بن سلمان للسير في طريق الحديث بالحل حتى لا يحصد المزيد من الأزمات من غير طائل ولا جدوى.
صحيفة التايمز البريطانية أوضحت أن السعودية تدفع 200 مليون دولار في اليوم كلفة للحرب بما يعادل حوالي 72 مليار دولار في السنة من دون أي أمل بأن تحقق السعودية أهدافها في الحل العسكري. وقد بات من المتفق عليه في أروقة الدول التي تدعم السعودية “أن الحل العسكري غير ممكن” بحسب تصريح المبعوث الجديد إلى اليمن في عمان “مارتن غريفث” الذي يصف المأساة اليمنية بأنها “إحدى أكثر الأزمات خطورة في التاريخ الحديث”. فالإدعاء السعودي الاماراتي بحماية اليمن وشرعيته قبل العدوان، أفضى إلى استملاك الامارات ثروات جنوبي اليمن واحتلالها بمعزل عن حكومة عبد ربه منصور هادي.
وزيران من هذه الحكومة يقدمان استقالتهما احتجاجاً على اتهام السعودية باعتقال هادي وخضوعه للاقامة الجبرية في الرياض. فالضغوطات التي انصبّت على مسامع محمد بن سلمان في جولته الأخيرة للحديث عن حل سياسي في اليمن، يحاول ولي العهد أن يضعها وراء ظهره في التهجّم على إيران.
*الميادين | قاسم عزالدين