فيسبوك والتعاون الأمني مع إسرائيل… هل أصبح ينظر بعيون إسرائيلية؟
متابعات| الوقت:
من منّا ينكر أن فيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى أصبحت تستحوذ على أغلب أوقاتنا اليومية. ومع التطور التكنولوجي السريع أصبح بإمكان الزائر الافتراضي الولوج إلى التطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعية المتنوعة بأسرع ما يمكن، حيث يقضي هناك أوقاتاً تفوق الأوقات التي يحتاجها من أجل قضاء حاجاته اليومية. ومن المفترض أن تعمل هذه المواقع لمصلحة المستخدمين وليس ضدّهم، إلا أن هذه الأيام تشهد عكس ذلك تماماً حيث أضحت المعلومات الشخصية لمستخدمي الفيسبوك مباحة للشركات الأمنية التي تشتري هذه المعلومات من البازارات الأمنية.
ومن هذا المنطلق، من منا ينكر أيضاً أن فيسبوك اليوم في خدمة إسرائيل، رغم اتهام إدارة الرئيس الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فيسبوك بـ ” الوحش المخيف والمحطة المحرّضة على العنف”، إلا أنه في أواخر 2016 تحول فيسبوك سريعاً إلى شريك اسرائيلي فعال في مكافحة العنف، حيث شكل منحى لتصريحات المسؤولين الإسرائيليين منذ بدء الحملة الإعلامية الشرسة على شركة فيسبوك ورئيسها التنفيذي مارك زوكربرج الذي وصف أن يده ملطخة بالدماء حتى اتفاق الطرفين الموقّع وفق ما أعلنت عنه تل أبيب.
ولم تعلق آن ذاك إدارة فيسبوك على ما جاء على لسان الحكومة الاسرائيلية من استجابة مطالبها، لكن موقعاً أمريكياً كشف عن بعض التفاصيل التي اعتبرت رضوخاً من فيسبوك لتل أبيب، حيث أكد موقع “The Intercept” الإسرائيلي في تقرير أن هناك عمليات مراقبة أضحت تتم على موقع التواصل الاجتماعي الأشهر من خلال دعم إسرائيلي، وأضاف الموقع الإسرائيلي إن فيسبوك حرص على استرضاء إسرائيل من خلال العمل مباشرة معها لتحديد المحتوى الذي يجب أن يخضع إلى الرقابة.
وأثار الاتفاق المثير للجدل بين إسرائيل وإدارة فيسبوك الذي لم يفصح الطرفان عن مضمونه إلا ما ظهر من تسريبات، تساؤلات بشأن تعاطي إدارة فيسبوك جدياً مع القضايا التي تحرّض على العنف وما يمكن أن يشكّل ازدواجية في قراراتها كما يقول خبراء التكنولوجيا، إذ يستخدم آلاف الإسرائيليين صفحات الفيسبوك لنشر رسائل وصور وفيديوهات تحرّض على العنف ضد الفلسطينيين، وتدعو إلى قتلهم ويمكن أن توثق من خلال الكثير من الصفحات العبرية. فهل ستتم إزالة تلك المواد واعتبارها مضامين محرضة على العنف في إطار سياستها الرقابية، بحيث إن بعض صفحات المسؤولين الإسرائيليين ومنها صفحة وزيرة العدل الراعي للاتفاق بين الطرفين تنشر التطرف والخطاب الذي يحرض على العنف ضد الفلسطينيين. لكن كل تلك المواد المحرضة على الجريمة لم تحذف.
سياسة تعامل إدارة فيسبوك مع المضمون والرقابة عليه ظلت محل نقد واسع بين ناشطين كثر وفي محطات مختلفة، خصوصاً آلية حظر الصفحات والمنشورات التي طالت صفحات كبرى لصحفيين ومواقع ذات شعبية، مثل موقع قناة الميادين والعالم وصفحات شخصية أخرى التي أغلقت أكثر من مرة بسبب إرفاقها لأخبار وتقارير تتكلم عن أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ما أدى إلى إغلاقها وحظرها.
وكشفت وزارة القضاء الإسرائيلية أن إدارة موقع فيسبوك استجابت عام 2017 لما يقرب من 85% من طلبات إسرائيل، لإزالة وحظر وتقديم بيانات خاصة بالمحتوى الفلسطيني على موقع التواصل الاجتماعي. ومنذ يومين استجابت إدارة فيسبوك مرة أخرى للطلبات الإسرائيلية بإغلاق الصفحة الرسمية لوكالة الصحافة الفلسطينية “صفا” المحسوبة على حركة حماس، والتي لديها حوالي 1.3 مليون متابع، ولم تتلقّ الوكالة رداً من الموقع حول سبب الإغلاق. واتهم ناشطون فلسطينيون “فيسبوك” بانتهاج سياسة منحازة ضد صحفيين ومدونين فلسطينيين بضغطٍ من إسرائيل.
إغلاق الصفحة الرسمية لقناة صفا الفلسطينية أشادت به وزيرة العدل الإسرائيلية آيليت شاكيد خلال الزيارة التي قامت بها دلفين ريار مديرة السياسات في “فيسبوك” لمنطقة جنوب أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لـ”إسرائيل”، مثنية على تعاون “فيسبوك” مع مطالب إسرائيل، ومشيرة إلى أن التعاون هو السبب الرئيس في التغيير.
وفي هذا السياق كشف ناشط فلسطيني أن الموجة الجديدة لإغلاق صفحات فيسبوك فلسطينية والتي كان آخرها إغلاق صفحة قناة صفا بدأت في أعقاب قتل أحمد جرار الذي قُدّم كبطل فلسطيني في شبكات التواصل الاجتماعي، ويضيف الناشط: منذ مطلع العام تم إغلاق حوالي 500 صفحة فيسبوك لصحفيين وناشطين، وكذلك مدونات ومواقع إخبارية مثل “فلسطين الآن” المحسوبة على حركة الجهاد الإسلامي.
يذكر أن شركة فيسبوك قد تعرضت في 21 مارس/ آذار 2018 لخسارة كبيرة في أسهمها بسبب فضيحة استغلال بيانات المستخدمين، حيث كشفت تقارير أن شركة كامبردج اناليتيكا، وهي شركة أمنية بريطانية، عن اطلاعها على بيانات 50 مليون مستخدم على فيسبوك من دون موافقتهم، واعتذر مارك زوكربرج من البريطانيين عن “خيانة الأمانة” بنشره إعلانات على صفحة كاملة في الصحف البريطانية بعد أن حصلت شركة استشارات سياسية على بيانات عن 50 مليون مستخدم.