كل ما يجري من حولك

صحيفة مصرية: في العام الرابع.. السعودية تدفع جزءًا من فاتورة عدوانها على اليمن

443

موقع متابعات | تقارير | صحيفة البديل المصرية:

ذاقت المملكة العربية السعودية، مساء أمس الأحد، جزءًا من الويلات التي يعانيها الشعب اليمني على مدار ثلاث سنوات متتالية، ارتباك وقلق وتخبط سياسي وشعبي ورسمي خيم على أجواء المملكة، بعد أن استهدفت القوة الصاروخية اليمنية أربعة مطارات سعودية، الأمر الذي يحمل مؤشرات بدخول العدوان السعودي على اليمن منعطفًا جديدًا، يدفع فيه التحالف السعودي الإماراتي جزءًا من فاتورة حسابه الثقيلة.

تصعيد عسكري

ما أشبه الليلة بالبارحة! فمثلما مرت ساعات مساء أمس الأحد على المملكة العربية السعودية، حاملة معها ارتباكًا وقلقًا شعبيين ورسميين، مر أصعب منها على الشعب اليمني قبل ثلاث سنوات، عندما انطلقت، في 26 مارس عام 2015، الأوامر الملكية من المملكة السعودية بقصف ودك العاصمة اليمنية صنعاء، فأشعلت الصواريخ السعودية حينها سماء اليمن، وقضت مضاجع الشعب اليمني، وهو الشعور ذاته الذي وصل للأراضي السعودية مساء أمس، حيث عاشت المملكة ليلة باليستية، بعدما أشعلت الصواريخ اليمنية سماء العديد من المدن هناك، ووصلت إلى العمق السعودي.

أطلقت القوة الصاروخية اليمنية في وقت متأخر مساء أمس سلسلة ضربات باليستية واسعة على أهداف سعودية، في أول عملية من نوعها، وأكد مصدر في القوة الصاروخية اليمنية أن الصواريخ الباليستية أصابت أهدافها بدقة، وأضاف: لن تتمكن دفاعات العدو من اعتراضها، مشددًا على أن الصواريخ قصفت مطار الملك خالد الدولي الرياض بصاروخ “بركان إتش تو”، ومطار أبها الإقليمي في عسير بجنوب السعودية بصاروخ “قاهر إم تو”، ومطار جيزان بجنوب السعودية، وأهدافًا أخرى في المنطقة بعدة صواريخ “بدر” الباليستية.

العام الرابع.. مرحلة جديدة

هذه الخطوة التصعيدية من القوة الصاروخية اليمنية تحمل مؤشرات بدخول العدوان السعودي على اليمن مرحلة جديدة، حيث رجح العديد من المراقبين أن تجني المملكة ثمار عدوانها طوال الثلاث سنوات الماضية خلال المستقبل القريب، فهذا التطور النوعي للقوة الصاروخية من القصف المكثف بصواريخ باليستية لأهداف سعودية حيوية يمكن اعتباره تدشينًا لمرحلة جديدة، في إطار الرد اليمني على العدوان، خاصة بعد فشل جميع الخيارات السياسية، فلم يبقَ أمام اليمنيين خيار سوى تغريم التحالف السعودي الإماراتي الأمريكي جزءًا من فاتورة باهظة الثمن، سيدفعها عاجلًا أو أجلًا.

العديد من المراقبين رأوا أن هذا التصعيد ليس مفاجئًا، حيث جاء بعد ساعات فقط من تهديد قائد حركة أنصار الله، عبد الملك الحوثي، السعودية بقصف صواريخ بالستية جديدة قادرة على اختراق الدفاعات، حيث قال “الحوثي” في كلمته عشية الذكرى الثالثة للعدوان، إن “العام الرابع من صمود الشعب اليمني سيشهد تطورًا مذهلًا للصواريخ اليمنية التي لن يوقفها شيء عن الوصول إلى أهدافها في عقر دار السعودية”، وأكد قائد حركة أنصار الله أن “منظوماتنا الصاروخية ستخترق كل أنواع وأنظمة الحماية الأمريكية”، مضيفًا: على مشارف العام الرابع للعدوان قادمون بطائرات مسيرة ذات فعالية كبيرة، وقدرات عسكرية كبيرة وبعيدة المدى.

 

وأوضح “الحوثي” أن صمود الشعب اليمني صمود مثمر، ولولا هذا الصمود لكان هذا العدوان السعودي طوانا من اليوم الأول، كما أن واقع المناطق المحتلة في المحافظات الجنوبية يشهد على أن قوى العدوان ليست إلا قوى غزو واحتلال، كما بين أنه “من السخف أن يقال بأن هذا العدوان العالمي جاء من أجل هادي وحزب الإصلاح وبعض المكونات في الجنوب، وبعد ثلاثة أعوام انكشفت الأمور على نحو غير مسبوق؛ ليرى الجميع أن اليمن يتعرض لعدوان وغزو واحتلال”، موكدًا أن “الموقع الجغرافي المتميز لليمن أحد بواعث قوى الاستعمار لشن العدوان بهدف السيطرة والهيمنة، وأن يحسب النظام السعودي العدوان لنفسه فهو يتقلد بذلك عارًا ينم عن غباء وحماقة ومثله النظام الإماراتي، وأن الدور الأبرز في إدارة العدوان هو للأمريكي، وبقي للنظام السعودي التمويل”.

في ذات الإطار قبل ساعات من انطلاق الصواريخ الباليستية اليمنية، شدد رئيس المجلس السياسي الأعلى لجماعة أنصار الله، صالح علي الصماد، على أن المرحلة الراهنة هي مرحلة نفير وليست مرحلة استجابة عادية، مطالبًا بإعلان حالة استنفار في جميع الوحدات العسكرية في القرى والمدن، وأكد سعي الحوثيين إلى مد أيديهم إلى اليمنيين المحاربين في صفوف التحالف وتحقيق المصالحة الوطنية، بغية حماية الشعب والتخفيف من معاناته، وأشار “الصماد” إلى أن خيار السلام قد يكون غير وارد لدى التحالف العربي، لكن على اليمنيين، بعد جميع تضحياتهم، عدم الاستسلام، والاستمرار في المضي قدمًا بهذا الاتجاه، وحذر الصماد من أن أطرافًا خارجية، لا سيما الرياض، تستفيد من استمرار الحرب في اليمن، قائلًا إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يوزع مئات المليارات يوميًّا لتغذية الصراع.

إحياء شعبي

بالتزامن مع الرد العسكري، كان الرد الشعبي اليمني جاهزًا، حيث انطلقت صباح اليوم الاثنين، في العاصمة اليمنية صنعاء، وفي ساحة ميدان السبعين، أكبر ميادين العاصمة، فعاليات المسيرة الجماهيرية الكبرى، إحياءً للذكرى الثالثة من الصمود في وجه العدوان السعودي، وتقدم المشاركين في الفعالية رئيس الجمهورية، صالح الصماد، ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب، إضافة إلى عدد من الوزراء وأعضاء مجلس النواب والقادة العسكريين والشخصيات الاجتماعية، ورفع المشاركون في المسيرة التي ملأت ساحة السبعين والشوارع المحيطة بها أعلام الجمهورية اليمنية، ولافتات وشعارات المناسبة، وصور قائد حركة أنصار الله، عبد الملك الحوثي.

العملية السياسية تدخل الإنعاش

هذه التطورات العسكرية الأخيرة تأتي في الوقت الذي تبدأ فيه بوادر إنعاش المحادثات السياسية مجددًا، حيث وصل المبعوث الأممي الجديد، مارتن جريفيث، ونائبه، معين شريم، إلى العاصمة صنعاء، في زيارة هي الأولى له منذ تعيينه خلفًا للمبعوث السابق “إسماعيل ولد الشيخ أحمد”، حيث من المقرر أن يلتقي خلال زيارته التي قد تستمر أسبوعًا، قادة جميع الأطراف والأحزاب السياسية، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني في صنعاء.

وقال “جريفيث” عقب وصوله إلى مطار صنعاء الدولي: “أرسلني الأمين العام للأمم المتحدة لإجراء نقاشات وحوارات مع جميع الأطراف؛ لإتمام العملية السابقة، ولن نبدأ من الصفر؛ لأن هناك حوارات سابقة جرت بين الأطراف”، مؤكدًا أن مهمته الأولى تنصب في سماع مختلف وجهات النظر وجملة من الآراء؛ لتكوين فكرة واضحة وجلية، وبلورة جملة من الأفكار التي سوف تكون بناءً على ما سيستمع إليه من المحاورين.

وعلى الرغم من التفاؤل الذي خيم على تصريحات المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، إلا أن الأجواء السياسية والميدانية الحالية لا تشير إلى وجود أي بوادر لحل سياسي أو تفاوضي، فأسباب فشل جولات المفاوضات الثلاثة السابقة لا تزال حاضرة، سواء في استمرار تحالف العدوان بشن الغارات والتصعيد العسكري وفرض الحصار الجائر على اليمن، أو انعدام الثقة التامة بين كافة الأطراف المتنازعة، أو عدم سد فجوات الخطة السابقة التي تفتقر إلى ضمانات بتنفيذ الشق السياسي من الحل، الأمر الذي دفع المراقبين إلى الترجيح بأن المشاورات المتعثرة منذ أكثر من عام ونصف ستظل على حالها، في ظل دخول المواجهات بين السعودية واليمن مرحلة جديدة.

You might also like