تسببت شحنة ديزل ملوثة قادمة من الإمارات العربية المتحدة بالإطاحة بمدير مكتب شركة «النفط» من منصبه، إلا أن هذا الإجراء أثار موجة سخط ورفض واسعَين.
وتعود القضية إلى يوم 9 فبراير الماضي، عندما استقبل ميناء الحديدة السفينة «نيوشي ناليش» بعد أن سمح لها بالدخول من غاطس الميناء الذي يبعد 13 ميلاً بحرياً عن الميناء الرئيسي، إلا أن السفينة التي كانت تحمل 7221 طن من مادة الديزل «السولار»، والتابعة للوكيل الملاحي شركة «البكاري للملاحة»، تحولت إلى قضية رأي عام، بعد أن كشف تقرير مختبرات الشركة أن الشحنة ملوثة وغير صالحة للاستخدام، وأوصى بعدم إدخالها البلد وطلب من الوكيل الملاحي أعادتها إلى بلد المنشأ.
أكثر من محاولة
أكثر من وثيقة حصل عليها «العربي» كشفت مدى إصرار مالك الشحنة على إدخالها بأي طريقة، فبعد أن تم إبلاغ موانئ البحر الأحمر بعدم مطابقة الشحنة في 26 فبراير الماضي، ومنعت نيابة الأموال العامة إدخالها أو تفريغها إلى خزانات شركة النفط وسرعة إخراج الشحنة من الرصيف حتى لا يتم إعاقة الحركة الملاحية، وهو ما دفع التاجر نحو المحكمة التجارية لرفع قضية ضد مدير فرع شركة النفط في الحديدة، وطالب المحكمة بسرعة البت في القضية.

المحكمة التجارية بالحديدة، وبناءً على مبررات التاجر أصدرت حكماً في يوم واحد، قضى على إبقاء السفينة في الرصيف النفطي، وتفريغ حمولتها إلى خزانات شركة النفط بتنفيذ ذلك الحكم، إلا أن مجلس التنسيق للجان النقابية طعن بالحكم.
الغريب في الأمر أن المحكمة أمرت بسجن مدير فرع شركة «النفط» لرفضة تنفيذ الحكم واعتبرت ذلك تمرداً على القضاء.
موقف صادم
مدير شركة النفط بصنعاء، ياسر الواحدي، وجه في 3 مارس الجاري بتفريغ الشحنة إلى مخازن الشركة في ميناء الحديدة، وبرر ذلك بأن شهادة الفحص بيّنت أن الشحنة صالحة لاستخدام المحركات.

إجراء الواحدي، أثار أكثر من علامة استفهام، فالمختبر المركزي لشركة النفط أشار بصراحة إلى أن الشحنة غير مطابقة للمواصفات، إلا أن مدير الشركة بصنعاء وجه بتفريغها معتمداً على إفادة فنيين أشارت إلى أن الشحنة تنفع لأغراض الحرق، ثم اعتبر أن عدم تفريغ الشحنة سيؤدي إلى حرمان الدولة والشركة من الإيرادات.
وفي مذكرة رفعت لوزير النفط في حكومة «الإنقاذ»، طالب فيها مدير عام شركة النفط بموافقة الوزير على تفريغ الشحنة في منشآت الشركة مقابل ضمان من التاجر، بالمخالفة لأوامر نيابة الأموال العامة في الحديدة التي قضت بمنع تفريع الشحنة وإخراج السفينة من الميناء.
دور إماراتي
الكثير من المراقبين اعتبروا هذا الاتجاه «غير بريء»، كون الشحنة قادمة من دولة الإمارات التي تسعى لتفريغ الميناء من دوره الملاحي، وتحاول أبو ظبي إيجاد ذريعة لـ«التحالف» الذي تقوده السعودية، لوقف استيراد الوقود عبر ميناء الحديدة، لانتهاك المعنيين معايير تجارة المشتقات ومن ثم إيجاد مبرر لحرمان الميناء الوحيد المتبقي في المناطق الخاضعة لسيطرة «أنصار الله» من وصول المشتقات عبره. 

مصادر في ميناء الحديدة أكدت لـ«العربي» أن جزء من شحنة الديزل الملوثة أفرغت في منشأة شركة النفط، والجزء الأكبر لا يزال في السفينة المشبوهة.
أضرار الشحنة
تقرير فني أكد أن للشحنة الملوثة عدد من الأضرار الفادحة في حال تفريغها، من تلك الأضرار، أن استخدام الديزل الملوث سيعطل المحركات ويضر بالمعدات والآلات والناقلات ويلحق الضرر بالوطن والمواطنين، يضاف إلى الاخلال بأعمال الميناء وعرقلة حركة السفن.

وأضاف التقرير أن التأخير قد يتسبب بتراكم السفن المحملة بالمشتقات النفطية في الغاطس، فهناك 11 سفينة تنتظر دورها في التفريغ منذ فتره طويلة وهناك تكاليف إضافية بالعملة الصعبة سيتحملها المواطن من جراء غرامات تأخير هذه السفن.
ووفقاً للتقرير، فإن هناك أضرار مترتبة على شركة النفط في حال تفريغ شحنة الديزل الملوثة بالخزانات التابعة للشركة، منها أن تلك المواد ستلحق الضرر بجدران الخزانات وبالأنابيب وتتلف الفلترات، يضاف إلى أن تحريز الكمية الملوثة وحجزها في الخزانات التابعه للشركة، يؤدي إلى انخفاض السعة التخزينية للمنشآت وإلى حرمان الشركة والخزينة العامة من المردود المالي لتلك الخزانات المحجوزة.
القضية تنتهي بالعزل
في الثالث عشر من مارس الجاري، عادت قضية الشحنة الملوثة للديزل إلى نيابة الأموال العامة بالحديدة، التي أصدرت أمراً بإعادة شحنة الديزل الملوثة التي وصلت على متن السفينة «نيو شينالي» إلى البلد الذي قدمت منه، على نفقة الوكيل الملاحي.

كذلك كلفت النيابة مندوب عنها بالإشراف على إخراج السفينة من رصيف الميناء، وبعد أن غادرت السفينة «نوشة ناليش» رصيف الميناء، وحررت الكميات التي أفرغت في خزانات الشركة من قبل النيابة لاستكمال الإجراءات القانونية.
وأصدر المدير التنفيذي لشركة النفط اليمنية بصنعاء، ياسر الواحدي، منتصف الأسبوع الماضي، قراراً قضى بعزل جلال شرف القدسي، من منصبه كمدير لفرع الشركة في محافظة الحديدة، وتعيين بديل عنه. وجاء القرار على خلفية وقوف مدير فرع الشركة ضد دخول شحنة الديزل الملوثة.