برنامج رجال الله: القرآن الكريم يعطينا معرفةً واسعةً بالله تدفعنا إلى الثقة به
برنامج رجال الله “دروس من هدي القرآن” الثقة بالله.. الجزء الثاني
الشهيد القائد: القرآن الكريم يعطينا معرفةً واسعةً بالله تدفعنا إلى الثقة به
تناولنا في الجزء الأول من محاضرة الشهيد القائد بعنوان “الثقة بالله” معنى لا إله إلا الله العوامل التي جعلت المسلمين يعيشون أزمةَ ثقة بالله وأول عامل أننا ضحية عقائد باطلة وثقافة مغلوطة جاءتنا من خارج الثقلين، وثاني عامل أن المسلمين يعيشون أزمة ثقة بالله.
ولأنه لا مخرجَ لنا كمسلمين إلى إذا عُدنا وعززنا ثقتنا بالله، فقد بيّن الشهيد القائد كيف نعرف الله ونعزز ثقتنا به من خلال القرآن الكريم.
أهمُّ مصدر لمعرفة الله.. هو القرآن الكريم:ــ
ولفت سلامُ الله عليه إلى الطريقة الصحيحة التي نعرف بها الله سبحانه وتعالى، بدون زيف، أَوْ تضليل، وذلك من خلال القرآن الكريم حيث قال: [وأهم مصدر لمعرفة الله سبحانه وتعالى هو القرآن الكريم، القرآن الكريم الذي يعطي معرفة واسعة، معرفة متكاملة، من غير القرآن الكريم لا يمكن أن نحصل على المعرفة بالشكل الذي ينبغي أن نكون عليها، حتى تكون معرفة تدفعنا إلى الثقة بالله أكثر فأكثر. فالإنسان إذا تأمل القرآن الكريم فعلاً يستحي، يستحي من الله أنه كيف لا نثق به، ونحن نسمع آياته، ونحن نقرؤها، ونحن نؤمن بأن هذا الكتاب الكريم هو من عنده.. فلماذا.. لماذا.. لماذا لا نثق؟ لماذا نبحث عن هذا الطرف أَوْ هذا الطرف لنتولاه، ثم لا نتولى الله سبحانه وتعالى. الآيات التي نحصل من خلالها على معرفة لله بالشكل المطلوب هي آيات كثيرة جداً، جداً في القرآن الكريم، تلك الآيات التي تتحدث عن ألوهية الله، وملكه، وعظمته، تلك الآيات التي تتحدث عن عظيم نعمه علينا، تلك الآيات التي تتحدث بأن له ملك السموات والأرض، التي تتحدث بأنه مالك السموات والأرض وما بينهما، وهو من يملك اليوم الآخر، وبيده مصيرنا، هو من يملك الجنة، من يملك النار، هو من يعلم الغيب والشهادة، هو العزيز، هو الحكيم، هو السميع، هو البصير، هو الرؤوف، هو الرحيم. تلك الآيات التي تتحدث عنه سبحانه وتعالى بأنه جديرٌ بأن يثق به عباده، وأن يخاف منه عباده، وأن يلتجئ إليه أولياؤه].
نظرة تأمل على (سورة الفاتحة):ــ
ودعا سلامُ الله عليه الأمةَ أن تتأمَّلَ آيات سورة الفاتحة التي نرددها في صلاتنا أكثر من عشرين مرة حيث قال: [نحن نقرأ دائماً {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الفاتحة:1-2) ألسنا نقول: رب العالمين؟ لكن لا نعرف ماذا يعني أنه رب العالمين، ما يترتب على هذا من الأشياء بالنسبة لنا!. {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (الفاتحة:3-5) هكذا نصفه بأنه رحمن رحيم، وأنه ملك يوم الدين، لكن مجرد عبارات نقرؤها، ونقفز عليها لا نحاول أن نفهم ماذا يعني، أنه إذا كان هو رحمن إذاً فهو عندما ينزل القرآن الكريم, ويهدينا بالقرآن الكريم فهو من منطلق أنه رحيم بنا.. إذاً فكل ما في القرآن الكريم من توجيهات وإرشادات وهداية هي كلها رحمة بنا. {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} إذا كان هو من له الملك وحده في يوم القيامة فهو وحده من يجب أن نلتجئ إليه، ونرغب إليه، ونرغب فيه، ونخاف منه؛ لأنه يوم لا بد أن نحشر فيه إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا لم يكن هناك أي مُلْكٍ, أي مشاركة لأي أطراف أخرى في ملك ذلك اليوم, وليس الملك إلا لله الواحد القهار، إذاً فهو وحده الذي يجب أن نخاف منه؛ لأن أعظم نعيم هناك في الآخرة بيده، وأشد عذاب أليم هناك في الآخرة بيده، فهو من يملك الجنة، ومن يملك النار، فهو وحده الذي يمكن أن يمنحنا الجنة، وهو وحده الذي يمكن أن يوصلك إلى قعر جهنم. لمن الملك اليوم؟؟ لله الواحد القهار. {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} نعبده ولا نعرف ماذا يعني أننا عبيد له! ماذا تعني عبوديتنا له! القرآن الكريم كرر هذا بشكل كبير جداً، تقرير عبوديتنا لله سبحانه وتعالى، وتقرير ملكه علينا، وألوهيته علينا بشكل كثير ورد في القرآن الكريم].
الله سبحانه.. أرحمُ بك من نفسك:ــ
وأكَّدَ سلامُ الله عليه على شيء مهم جداً يجب أن تفهمه الأمة، وهو أن الله رحيم بها، وأقرب إلى المخلوق من حبل الوريد، ومهما كانت الأوامر التي تأتي من قبل الله من وجهة نظرنا شاقة، فإنما هي من منطلق الرحمة الواسعة منه تعالى بنا، حيث قال: [ولأنه رحيم فكل ما يأتي من عنده هو من منطلق الرحمة.. فعندما يتحدث, أَوْ عندما يرشدنا، أَوْ يأمرنا بأشياء قد نراها شاقة، قد تبدو أمامنا وكأنها شاقة فنعدل عنها فنبدو وكأننا إنما عدلنا عنها لأننا رحمنا أنفسنا، ومن منطلق رحمتنا بأنفسنا لا نريد أن يحصل عليها ما يشق عليها, ما يتعبها. هذا هو ما هو حاصل عند الناس, لا ينطلقون فيما وجههم الله إليه، وفيما أمرهم به فالأشياء التي يرونها وكأنها ثقيلة وشاقة؛ لأنهم رحماء بأنفسهم.. لماذا لا تثق بأن الله هو أرحم بك من نفسك، هو أرحم بك من نفسك، هو أرحم بك من أمك وأبيك، هو أرحم بك من أي قريب لك، هو من يعلم الأشياء التي فيها رحمة لك إذا ما سرت عليها، الأشياء التي إذا ما تحققت هي رحمة لك، هو وحده الذي يعلم].
لا مفرَّ من الله.. إلا إليه:ــ
ونبَّه الشهيدُ القائدُ سلامُ الله عليه إلى مدى ضعف المخلوق أمام قوة جبار السماوات والأرض، حيث قال: [{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}، ليس هناك آلهة متعددة حتى يمكن أن تقول: [والله هذا الإله شاقة تعليماته يمكن أن نرجع إلى الإله الآخر] مثل ما هنا في الدنيا, الإنسان يقطع له بطاقة من المؤتمر، وبطاقة من الإصلاح، وبطاقة من البعث أَوْ من أي حزب آخر؛ إذا رأى أن هذا الحزب ليس له مصالح فيه عاد إلى الحزب الآخر، إذا حصل من جانب هذا الحزب ما يتعبه أَوْ يزعجه عدل عنه إلى حزب آخر، ما هكذا يحصل؟. لكن لا.. ليس هناك إلا إله واحد، ليس هناك مفر أبداً منه، لا مفر منه إلا إليه، ليس هناك من يمكن أن ينجيك من عذابه وسخطه إذا ما سخط عليك, وحكم عليك بعقوبته، ليس هناك من يمكن أن يسلبك ما قد منحك إياه, أبداً ليس هناك أي طرف يمكن أن يكون قادراً على أن يرد الفضل الذي قد أراد الله سبحانه وتعالى أن يعطيك إياه، والخير الذي أراد أن يمنحك إياه {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ}(يونس: من الآية 107).