«واشنطن بوست»: متى تخرج علاقات حكام المنطقة مع إسرائيل من الخفاء إلى العلن؟
متابعات| شفقنا:
يبدو أن عددًا من التقارير الأخيرة قد أكدت أحد أسوأ الأسرار في الشرق الأوسط. بالتنسيق مع السلطات المصرية، قامت إسرائيل منذ شهور بشن ضربات جوية سرية ضد الجماعات المتطرفة التي تنشط في شمال سيناء. استخدم الإسرائيليون طائرات بدون طيار وطائرات هليكوبتر وطائرات حربية لشن ما لا يقل عن 100 ضربة على شبه جزيرة سيناء، وكلها تمت بمباركة واضحة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وقد نشرت صحيفتا «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» يوم السبت تقارير صدرت عن مسؤولين أمريكيين وبريطانيين سابقين تؤكد الغارات الإسرائيلية. تأتي هذه التقارير في الوقت الذي تكافح فيه مصر للسيطرة على التمرد المدمر في سيناء، كما تظهر تحالفًا سريًا بين بلدين انخرطا في ثلاث حروب ضد بعضهم البعض ثم وقعا على اتفاق سلام هش، وفق ما ذكر تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست».
وقال تقرير سابق للصحيفة الأمريكية «إن التحالف السري بين مصر وإسرائيل في مجال مكافحة الإرهاب يبين كيف أن صعود تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وغيره من الجماعات الإسلامية المسلحة قد ساعد على إقامة شراكات هادئة بين إسرائيل وخصومها العرب منذ فترة طويلة». لكن الأمر لا يتعلق بتنظيم داعش فحسب.
قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن «كبار الجنرالات في مصر قد تقاربوا من خلف الكواليس بشكل مطرد مع نظرائهم الإسرائيليين منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد قبل 40 عامًا في عام 1978. ساعدت قوات الأمن المصرية إسرائيل على فرض قيود على تدفق البضائع داخل قطاع غزة وخارجه، وهي الأراضي الفلسطينية المتاخمة لمصر التي تسيطر عليها حركة حماس المسلحة، وقد تشاركت أجهزة المخابرات المصرية والإسرائيلية منذ وقت طويل معلومات عن المسلحين على كلا الجانبين من الحدود».
وقد نفت السلطات في كلا البلدين صحة التقارير التي تتعلق بالضربات الجوية الإسرائيلية. وفي إطار مكافحة التمرد الكاسح في سيناء، منعت مصر الصحافيين من التغطية في شبه جزيرة سيناء. ويفرض الجيش الإسرائيلي رقابة خاصة على الصحافيين المحليين الذين يغطون قضايا الأمن القومي. وشبه أحد المحللين معاملة إسرائيل لهذه القضية بصمتها الدائم على وجود برنامجها السري للأسلحة النووية.
تقارب عربي إسرائيلي
ونقل التقرير ما ذكره زاك غولد، الخبير في شؤون سيناء، لصحيفة «نيويورك تايمز»: «إن الضربات الإسرائيلية داخل مصر تقريبًا على نفس المستوى. وفي كل مرة يقول فيها أي شخص أي شيء يتعلق بالبرنامج النووي، يتعين عليهم أن يضيفوا عبارة «وفقًا للصحافة الأجنبية». إن مصلحة إسرائيل الاستراتيجية الرئيسية في مصر هي الاستقرار، وهم يعتقدون أن الإعلان عما يجري بكل حرية يهدد ذلك الاستقرار».
إن العنف في شمال سيناء، الذي أثارته سنوات من سوء الإدارة المصرية وظهور جماعات متطرفة في المنطقة، يظهر دلالة ضئيلة على التراجع. وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، هاجم مسلحون مرتبطون بتنظيم داعش مسجدًا هناك، مما أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص. قد تكون القوة الجوية الإسرائيلية والدراية الفنية ضرورية بشكل متزايد لحكومة السيسي لمواكبة ذلك.
وقال مسؤول أمريكي سابق مطلع على الحملة لـ«واشنطن بوست»: «إن الضربات الجوية تمثل نموذجًا لمدى تقارب الدولتين على صعيد التعاون الأمني. لكنها توضح مدى سوء تعامل المصريين مع التهديد الإرهابي. واشتكت كل من إسرائيل والولايات المتحدة من أن المصريين لم يتلقوا النصائح والتوصيات التي تقدمت بها الولايات المتحدة لبعض الوقت».
وقال التقرير إن مصر ليست الدولة الوحيدة التي وجدت قضية مشتركة مع عدوها السابق. فالإسرائيليون والسعوديون قد تعمقت علاقاتهم الأمنية واتصالاتهم، مدفوعين بالكراهية المشتركة لإيران. ولكن تعاونهم المتنامي ما زال سرًا، حيث إن تشديد الروابط مع البلد الذي ما زال يفرض الاحتلال العسكري على ملايين الفلسطينيين سيشكل مشكلة سياسية لأي بلد عربي.
ومن الواضح أيضًا أن التعامل مع القضية الفلسطينية لم يعد كما كان في السابق. نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقارير عن اتصالات سرية بين مسؤولي المخابرات العسكرية المصرية ومذيعين بارزين في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهي خطوة حذرت مصر علنًا منها.
وفي مكالمة هاتفية، يحث ضابط مصري الصحفيين على عدم إثارة الغضب على قرار ترامب، بل ينصحهم بإيجاد وسيلة لإقناع الجمهور المصري بأن على الفلسطينيين أن يتخلوا عن مطالبتهم بالقدس الشرقية.
«ما هو الفارق بين القدس ورام الله؟»، هكذا يقول الضابط، في إشارة إلى مدينة رام الله الواقعة بالضفة الغربية حيث مقر السلطة الفلسطينية المحاصرة. من جهة أخرى، وبحسب «التايمز»، فقد عرض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على المسؤولين الفلسطينيين قبول إقامة دولة فلسطينية محدودة تكون عاصمتها في القدس الشرقية».
الدولة الفلسطينية
ولا يزال القادة العرب بطبيعة الحال يعربون عن قلقهم إزاء توسع إسرائيل في بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية. وقال الملك عبد الله الثاني في مقابلة في المنتدى الاقتصادي العالمي الشهر الماضي إن الفلسطينيين لم يعودوا يرون الولايات المتحدة وسيطًا نزيهًا في عملية السلام. كما شن هجومًا مهذبًا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
إن «النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ليس مهمًا بالنسبة لهم كما كان من قبل لكنهم يخشون إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل من دون أي تحرك كبير في القضية الإسرائيلية الفلسطينية»، هكذا قال الجنرال الإسرائيلي أودي ديكل مشيرًا إلى الدول العربية السنية الأخرى في المنطقة. وتحدث في مؤتمر صحافي عقده في القدس حيث وصف «الوضع الاستراتيجي» الإسرائيلي بأنه «الأفضل» منذ إقامة الدولة.
وقال ديكل: «بدون هذه الحركة، سيسألهم الناس في الشارع: لسنوات عديدة تخبروننا أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو أهم مشكلة، كيف يمكنكم أن تقبلوا بأن تسيطر إسرائيل على الضفة الغربية ولا تمنح الفلسطينيين أي حقوق؟».
ولكن مع تحول الانتباه إلى أبعد من المحنة الفلسطينية، قد يراهن الإسرائيليون على المصريين والسعوديين وغيرهم لإيجاد طرق جديدة للتعايش مع الوضع الراهن.
مترجم عنIsrael’s growing ties with former Arab foes