ثورة “افتراضيّة” في السعوديّة.. والجيش الإلكتروني يقمع “المتظاهرين”
متابعات| الوقت:
تشهد السعوديّة ثورة افتراضية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. هجمات تويترية وأعمال شغب فايسبوكيّة يواجهها جيش الكتروني يعمل على قمع “المتظاهرين” في المناصات الافتراضيّة وخارجها.
لم يُكتب للاحتجاجات السعوديّة النجاح في العام 2011 حيث نجح الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز في إدارتها عبر دعم ملكي سخي لجميع الموظفين، ولكنّ الوضع اليوم يبدو مختلفاً تماماً رغم محاولات التدارك المؤقتة التي يسعى إليها النظام.
احتجاجات افتراضيّة
يعيش السعوديّون اليوم حالة من التذمّر بسبب رفع أسعار الوقود وتطبيق ضريبة القيمة المضافة من ناحية، وشكاوى المواطنين من ضعف رواتبهم من ناحية أخرى حيث أكد وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، أن زيادة أسعار الطاقة “شر لا بد منه”.
الفالح حاول تبرير رفع أسعار الوقود بالقول إن “معدل استهلاك الطاقة يبلغ 4.7 ملايين برميل بشكل عام وبنسبة تصل إلى 35% من إنتاج المملكة من النفط والغاز، لكن بالرغم من زيادة الأسعار إلا أن السعودية ما زالت من أقل الدول في أسعار البنزين والديزل وأنها أقل بمراحل من الأسعار العالمية، فالأسعار مثلا في أمريكا أعلى مما هي عليه في السعودية بعد الزيادة الأخيرة وحتى النرويج، وهي أكبر الدول المنتجة في أوروبا… معدل أسعارها 3 أضعاف ونصف أسعار السعودية“.
الاحتجاجات الافتراضيّة كشفت حجم الامتعاض والغضب السعودي من الأحوال الاقتصاديّة الصعبة، لا بل بات السعوديّون يعقدون مُقارنات بين الحال، وحال رفاق الدم الخليجي، وأبناء الدول الخليجيّة، ليجدوا أنفسهم في ذيل الرفاهيّة، بل حتى في ذيل قائمة تنفيذ الوعود، التي تهطل عليهم كالأمطار تحت العناوين المُختلفة، لتكون مرّةً “رؤية مُستقبليّة”، وأخرى مشاريع مُستقبليّة، قد يكون تحقيقها مُجرّد أحلام، وفق “رأي اليوم”.
المطالبات السعوديّة تنوّعت ما بين إعادة علاوات عام 38، 39 هجري، وكذلك إعادة الرواتب بالتاريخ الهجري، وما بين إلغاء الضرائب، تخفيض أسعار الطاقة والبنزين، زيادة الرواتب، توظيف العاطلين و زيادة مُكافأة الطلاب، دون أن يغفل البعض إلى عدم امتلاكهم (السعوديين) حقّ التظاهر.
أبو إبراهيم علّق قائلاً: الواجب أن تكون السلع الأساسيّة، والبنزين خط أحمر، حساب هو قال أن الغربة ليست أن تعيش خارج الوطن، بل الغُربة أن تعيش فقيراً في أغنى وطن.
كذلك، لم يغب عن المتظاهرين “افتراضيّاً، أوضاع التظاهرات في ايران. ورغم تأكيد خالد العمراني “أننا لم نتظاهر ولم نخرج على الحاكِم، ولا نُطالب إلا بحُقوقنا”، تمنّى احدهم، عامر بدر، أن تتقبّل السلطات السعوديّة، مُطالباتهم بالصدر الرحب، كما فعلت السلطات الإيرانيّة مع مطالب شعبها.
أمام هذه الاحتجاجات التي تنظر إليها السعوديّة كأعمال شغب، يواصل الجيش الإلكتروني السعودية قمعه لهذه الاحتجاجات بأساليب عدّة كزرع مندسين يأخذون بالاحتجاجات إلى حيث تريد الرياض بغية إخمادها، أو بالتعاطي بحزم مع المغرّدين الحقيقيين فضلاً عن ملاحقة اولئك الذين يدخلون بأسماء وهميّة.
الملك سلمان يتدارك مؤقتاً
وعلى شاكلة الملك عبدالله، سارع الملك سلمان بن عبد العزيز للحدّ من مستوى الغضب الشعبي بقرار ملكي، صدر أمس الجمعة، يقضي بصرف بدل غلاء معيشة شهري قدره 1000 ريال (268 دولار) للمواطنين من الموظفين المدنيين والعسكريين لمدة سنة، بعد أيام من التذمر من رفع أسعار الوقود وتطبيق ضريبة القيمة المضافة.
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية السعوديّة أن الملك سلمان أصدر أيضا أمرا ملكيا بصرف مكافأة قدرها خمسة آلاف ريال للعسكريين المشاركين في العدوان على اليمن.
وقضى الأمر الملكي بإضافة بدل غلاء للراتب التقاعدي بمبلغ 500 ريال لمدة سنة، وزيادة مكافأة الطلاب والطالبات من المواطنين بنسبة 10% لمدة سنة، وبتحمل الدولة ضريبة القيمة المضافة عن الخدمات الصحية الخاصة والتعليم الأهلي الخاص.
الورقة الدينية رغم تقويضها
الصحافي المِصري سعد الدين عطا الله، والمُختص في الشؤون السعوديّة، يرى في كلامه لصحيفة “الرأي اليوم” أن القِيادة السعوديّة، وبالرّغم من تقليصها صلاحيات المُؤسّسة الدينيّة، والاتجاه إلى العصر العلماني، لا تزال تدفع ببعض الأصوات المُتبقيّة مِنها، والمُوالية لها بطبيعة الحال تماماً، إلى العمل على تجميل قرارات فرض “الضرائب” ورَفع الأسعار، لما فيه من مصلحةٍ للبلاد والعِباد، بعد أن كان فرض الضرائب حرام في يَومٍ من الأيّام، وعلى لسان ذات المُشرّعين، أو الوَجه الآخر للمُؤسّسة الدينيّة، أو ما يُسمّى بحَسب عطا الله بالعَقيدةِ الوهابيّة التي لا تزال تلجأ لها القيادة الشابّة برغم انفتاحها، لتشريع قراراتها الحسّاسة، وربّما المصيريّة على حد قوله.
مجلة أمريكية: تداعيات خطيرة لحكم النظام فى السعودية
وفي وقت سابق، حذّرت مجلة “أويل برايس” الاقتصادية الأمريكية، من “تداعيات خطيرة لحكم النظام فى السعودية”، مشيرةً إلى أنّ “الأوضاع الآن أصبحت مرشّحة لتفجّر احتجاجات جماهيرية أشبه بموجات الربيع العربي، قد تتطوّر إلى ثورة داخل القصر الملكي”.
وقدمت المجلة الاقتصادية الأمريكية كشف حساب مفصل عن السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية خلال عام 2017، موضحة أبرز المخاطر التي قد تواجهها في عام 2018، مؤكدة أن قرارات وإجراءات وسياسات ولي العهد، قد تؤدي إلى زعزعة استقرارالمملكة بصورة كبيرة، أو اندلاع احتجاجات جماهيرية، أو حتى اندلاع ثورة داخل القصر الملكي، لأول مرة في التاريخ السعودي.
في الختام، يبدو أنّ هناك قناعة سعوديّة جديدة بتقديم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أهداف السياسيّة في عاصفة الحزم وغيرها على رفاهيّة الشعب، مقابل خشيّة سعودّية واضحة من انتقال الاحتجاجات من العالم الافتراضي إلى أرض الواقع.