مُستشرقة إسرائيليّة: تنسيق رفيع المستوى بين الرياض وتل أبيب ومصالحهما تتساوق كثيرًا ووليّ العهد الضلع الثالث بالسلام الجديد إضافةً لمصر والأردن
متابعات| رأي اليوم| من زهير أندراوس:
بغضّ النظر إذا كانت المعلومات صحيحةً أوْ خاطئةً، لا يختلف عاقلان بأنّه في الفترة الأخيرة هناك “تسونامي” من التقارير الصحافيّة في الإعلام الإسرائيليّ، وأيضًا الغربيّ، عن توثيق العلاقات بين تل أبيب والرياض، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، ترى سمدار بيري، مُحلّلة شؤون الشرق الأوسط في صحيفة (يديعوت أحرونوت) الاسرائيلية أنّه “أمام أعيننا يتشكل السلام الجديد. لم يعد السلام البارد، المتنكر والعدائي، بل سلام يستتر في أعلى الأماكن في قيادة السلطة، حاكم مقابل حاكم، في حالة مصر، وآلية مقابل آلية، في حالة الأردن.
بيري تُضيف أنّ السيسي يُعلن من تلقاء نفسه بأنّه يتحدث إلى نتنياهو، الذي حظي بمديح وثناء كبيرين من الرئيس السيسي، وذلك في الوقت الذي تتهمه فيه الكثير من النخب الإسرائيليّة بالفشل، وتهديد مصالح تل أبيب. فقد كشف موقع صحيفة “مكور ريشون” اليمينيّة النقاب عن أنّ السيسي يتملّق قادة التنظيمات اليهوديّة الأمريكيّة بكيله الثناء والتعبير عن إعجابه بشخصية نتنياهو وقدراته القيادية.
وقال مراسل الصحيفة، تسفيكا كلاين، إنّ قادة “لجنة رؤساء” المنظمات اليهوديّة في الولايات المتحدة أبلغوا نتنياهو خلال لقائهم بهم مؤخرًا، على هامش اجتماع نظمته اللجنة في القدس المحتلة، بأنّ السيسي أبلغهم خلال لقائه بهم في القاهرة بأنّ نتنياهو قائد ذو قدرات قيادية عظيمة، وهذه القدرات لا تؤهله فقط لقيادة دولته وشعبه، بل إنّها كفيلة بأنْ تضمن تطور المنطقة وتقدم العالم بأسره، على حدّ تعبيره.
أمّا في حالة الملك الغاضب في الأردن، فقالت بيري في (يديعوت أحرونوت)، لم يعد الشارع بحاجة إلى التظاهر ضدّ علامات تدل على العلاقات الطبيعيّة، كلّ شيء مخفيّ، وإسرائيل تتحرك بعيدًا، على حدّ تعبيرها.
الآن، تابعت المُستشرقة الإسرائيليّة، يدخل الشريك الثالث إلى الصورة، ولي العهد الشاب من المملكة العربية السعودية، الذي يفرض نظامًا جديدًا، سياسيًا واقتصاديًا وربما اجتماعيًا، وبالنسبة له فإنّ السماء هي الحدود. وتساءلت: مَنْ يجب أنْ نصدق: الوزير يوفال شتاينتس، الذي يُدلي بتصريحات حول التعاون والاتصالات السرية، أوْ وزير الخارجية السعودي عادل جبير، الذي ينكر بشدة ويصر على أن الأمور لم تحدث أبدًا. هذا، لفتت بيري، يسمح لنا بالتكهن أنّه لو لم تكن هناك اتصالات، لكان الوزير السعوديّ سيسمح لنفسه بأنْ يبقى صامتًا.
وشدّدّت، اعتمادًا على مصادرها في تل أبيب، على أنّ هناك علامات كثيرة جدًا تتراكم وتؤكد وجود حوار رفيع المستوى، الكثير من المصالح، وعلى رأسها التهديد الإيرانيّ، تربط بين الرياض وتل أبيب تحت البساط، وأردفت قائلةً: أنا على استعداد لتصديق وزير الخارجية السعودي، حين يصر على أننّا لم نبدأ بعد في مسار العلاقات المفتوحة.
السلام الجديد، بحسب المُحلّلة الإسرائيليّة، يرسم حدود معسكر الأخيار ضدّ معسكر الأشرار في الشرق الأوسط، بين “المحور الإسلامي العربي المعتدل” والمحور الإيرانيّ، بعد أنْ استقرّت إيران بالفعل في أربع عواصم: بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت.
وزعمت أيضًا أنّ رجال الحرس الثوري لا يخرجون في نزهةٍ سنويةٍ، لقد جاؤوا للاستيلاء على مواقع، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّه في المحور المعتدل يتعلمون المشي كما على قشور البيض، وإذا اندلعت المواجهة في مكانٍ واحدٍ، فإنّ الحرب المقبلة ستكون أشّد حرب رهيبة وصعبة سنعرفها، وبأسلحةٍ لم نحلم بها أبدًا، حرب مشبعة بالدم والدمار. وشدّدّت بيري على أنّ هذه الحرب لن تجري بين الدول، بل ستجري داخل “المعسكر الإسلامي” الذي يحاول الجميع الآن صدّه، وستُواجه “إسرائيل”، العالقة في الوسط، صعوبة في الإفلات منها.
وزادت بيري قائلةً إنّ شركاء السلام الجدد يتعلّمون معًا قياس أبعاد الصراع المقبل، ويجب أنْ نلاحظ التحذيرات من جهة الأمين العام لحزب الله وصفارات التهدئة التي تخرج من تل أبيب، مُوضحةً إنّ لا أحد يعتزم بدء مغامرة في لبنان ضدّ الإيرانيين ومستودعات الصواريخ التابعة لحزب الله.
واختتمت قائلةً إنّه لا أحد في الرياض والقاهرة وعمان سوف يتحمل مسؤولية اتخاذ الخطوة الأولى ضدّ إيران، والتي لا يمكن معرفة أين وكيف ستنتهي. والسلام؟ سيبقى في مكانه الجديد، الخفيّ، وسيبتعد عن المجال المدنيّ، لأن الزعماء مشغولون، على حدّ قولها.